الجامعة العربية والغرب وفلسطين

13 ابريل 2014

تزايد حملات المقاطعة في الغرب ضد إسرائيل (Getty)

+ الخط -
اجتمع مجلس جامعة الدول العربية في التاسع من أبريل/ نيسان الجاري، في القاهرة، على المستوى الوزاري، لمناقشة ما توصلت إليه المحادثات المتعثرة بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، محمود عباس، ووزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بشأن العودة إلى المفاوضات مع الطرف الإسرائيلي. ويعلم عباس جيداً، منذ توقيع اتفاق أوسلو، في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، أن المفاوضات مع إسرائيل غير مجدية. وسمع رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، إسحق شامير، في مؤتمر مدريد، يقول "سنفاوضهم عشرين عاماً من دون الوصول إلى نتائج". واليوم، اكتملت عشرون عاماً، وفوقها عام آخر، والمفاوضات تجري بين الأطراف من دون أي نتيجة تذكر.       
واستمع المجلس الوزاري العربي إلى تقرير الرئاسة الفلسطينية عما يجري، وأَراد عباس أَن يلقي المسألة بين أَيدي العرب، لكي لا يتحمل المسؤولية وحده في  متوالية  الفشل المتواصلة منذ 1993. ولم يقدّم المجلس أَي مشروعٍ عملي، لمواجهة التعنت الإسرائيلي، كل الذي فعله الوزراء العرب الميامين في اجتماعهم أَنهم "حمّلوا إسرائيل مسؤولية ما يجري، بسبب رفضها الالتزام بمرجعية عملية السلام، وإقرار حل مبدأ الدولتين (...)، وكلفوا رئاستي القمة العربية (الكويت) والمجلس الوزاري (المغرب) والأمين العام لجامعة الدول العربية بتقديم الشكر إلى الدول التي أيدت الخطوة الفلسطينية، الانضمام إلى الأمم المتحدة بصفة مراقب، وكأن هذا الحدث أمر جلل". وناشد المجلس الدول الأعضاء تقديم الدعم المالي لدولة فلسطين، وتفعيل شبكة الأمان المالي لها.
"ما يشكل أَعلى مراتب الاستغراب أَن المجلس الوزاري العربي، آنف الذكر، شكر الحكومة المصرية على ما قدمته من جهودٍ تجاه الفلسطينيين. وكنت أَتوقع أَن يتضمن بيانه انتقاداً للحكومة المصرية على سوء معاملتها الفلسطينيين المسافرين عبر أراضيها إلى قطاع غزة، أو الخروج منه، إلى حيث يقصدون. وكنت أتوقع أَن يصر المجلس الوزاري العربي على رفع مصر حصارها عن قطاع غزة، وهي عضو جامعة الدول العربية ومقرها الدائم. وكنت أَتوقع منه أَن يعيد قرار مقاطعة إسرائيل إلى حيز التنفيذ، والحق أنه خيب آمالنا تجاه القضية التي اجتمع لمناقشة أمرها".

( 2 )
في أوروبا حركة نشطة لصالح القضية الفلسطينية وفعّالة، أقوى وأعظم تأثيراً من جامعة الدول العربية. في بريطانيا مثلاً، قاطعوا الشركات التي تبيع منتجاتٍ مصدرها المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وقرر اتحاد الجامعات والمعاهد (يو. سي. يو)، كبرى نقابات التعليم العالي في بريطانيا، والذي يضم في عضويته أكثر من 120 ألف منتسب، مقاطعة الجامعات الإسرائيلية، تضامناً مع الشعب الفلسطيني.

وقررت حكومة النرويج سحب استثماراتها من 44 شركة إسرائيلية، تنتج إحداها طائراتٍ بدون طيار، وحجة النرويج في ذلك أن منتوجات هذه الشركات تستعمل في عمليات قتل الفلسطينيين واغتيالهم، وأنها تصنع أجهزة إنذار، تستخدم في جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية. وحسب مصادر سياسية إسرائيلية، جاءت هذه القرارات نتيجة ضغط مؤسسات المجتمع المدني في النرويج، والنقابات المتعددة، واتهامها الحكومة النرويجية بتمويل عمليات القتل ضد الفلسطينيين.
لم يقتصر الأمر على النرويج وبريطانيا، فثمة جامعاتٌ في أَميركا وأوروبا أعلنت مقاطعةً أكاديمية لجامعات إسرائيلية. ويحدث هذا، فيما دولٌ عربيةٌ ما برحت تدعو إلى التطبيع مع إسرائيل. وفي البال ما قاله وزير خارجية البحرين، خالد آل خليفة، عن ضرورة الدخول في حلفٍ إقليمي، يضم تركيا وإيران وإسرائيل. وهناك أَمثلة كثيرة صدرت من عواصم عربية، عن نخبٍ سياسيةٍ رفيعة المستوى، لا يتسع المجال لذكرها. 
  
(3 )
تطلب السلطة الوطنية الفلسطينية، بقيادة محمود عباس، من الدول العربية تمويلها شهرياً بمبلغ 100 مليون دولار. والسؤال الذي يطرح نفسه، هنا، أنه إذا كانت قوات الأمن التابعة للسلطة في الضفة الغربية لا تستطيع أن تمنع، أو تواجه، جنود جيش الاحتلال من دخول المدن الفلسطينية، واختطاف من تشاء، وقتل من تشاء من أبناء الضفة الغربية، فلماذا الإنفاق على هذه القوات؟ وإذا كانت السلطة لا تستطيع جمع الضرائب من المواطنين الفلسطينيين على الخدمات، وتجمعها إسرائيل نيابةً عن السلطة، وإذا كانت السلطة تتلقى معونات أوروبية وغير أوروبية لقطاع الكهرباء والماء، عن طريق إسرائيل، وإذا كانت السلطة تحتفظ بأرصدتها في البنوك الإسرائيلية، فلماذا تحتفظ وزارة المال الفلسطينية بموظفيها؟ أريد أن أقول إن الضفة الغربية، قانونياً، منطقة محتلة من إسرائيل، وقوة الاحتلال مسؤولة عن أمن المواطنين تحت الاحتلال، وعليها أن تيسر لهم التعليم والصحة، وغير ذلك من الخدمات والإمدادات والتموين، ولا تحتاج السلطة إلى التسول في عواصم العالم العربي.
آخر القول: يجب حل السلطة، وتحميل إسرائيل مسؤوليات دولة الاحتلال، والعودة إلى برنامج مقاومة الاحتلال بكل الوسائل.
EC78868B-7E9C-4679-9EB1-42A585C1A75D
محمد صالح المسفر

كاتب وباحث من قطر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر، له عدة بحوث ومقالات وكتب.