لم تسلم الجامعات العراقية التي كانت حتى وقت قريب مستقلة، من نفوذ الأحزاب السياسية التي اخترقت كل شيء، فحولت حدائق هذه المؤسسات وقاعاتها إلى منابر خطابية لترويج برامجها الحزبية.
ويقول الأستاذ في كلية التربية الرياضية بجامعة بغداد، موسى الحيدري، لـ "العربي الجديد" إنّ "من يدخل إلى كليات بغداد هذه الأيام، ويجد الصور والشعارات و"البوسترات"، يعتقد أنه في مكان واسع لنشر الدعاية الانتخابية".
ويوضح أنّ "عدداً من الأحزاب السياسية حرصت طيلة السنوات الماضية على اختراق الجامعات، وتجنيد عدد كبير من الطلاب ضمن صفوفها"، لافتاً إلى أنّ بعض الأجندات الحزبية تقام تحت غطاء الأنشطة الطلابية كمعارض الكتب وحفلات التعارف، ومهرجانات الاحتفال بالنصر على تنظيم "داعش" الإرهابي.
من جهته، ينبه أحمد المعموري وهو عميد سابق لكلية في الجامعة المستنصرية، إلى أمر أكثر خطورة من مجرد تجنيد الطلاب، ويتمثل في انخراط عدد غير قليل من أساتذة الجامعات في أحزاب سياسية حوّلت المقاعد الدراسية إلى منابر دعائية وانتخابية، مبيناً في حديث لـ "العربي الجديد" أنّ بعض الطلاب يتعرضون للضغوط من قبل الأساتذة، من أجل الحصول على التأييد الحزبي.
ويشير إلى أن درجة الامتحان أصبحت تُعطى في بعض الأحيان وفقاً للميول الحزبية، محذراً من خطر انتشار هذه الظاهرة التي تؤثر بشكل واضح على مستوى الطلاب الذين يعاني الكثير منهم من الفقر، الذي يدفعهم إلى الارتماء في أحضان الأحزاب، وهم في مقتبل العمر.
ولا يختلف الحال كثيراً في جامعة الأنبار التي يقول أحد أساتذتها، أركان الدليمي، إنّ حزباً سياسياً متنفذاً ينحدر من الأنبار تمكن خلال الفترة الماضية، من تجنيد عشرات الطلاب ضمن صفوفه عن طريق تقديم وعود بالتعيين، وتقديم مبالغ مالية في حال الفوز بالانتخابات. وأكد لـ "العربي الجديد" أنّ هذا الحزب أقام عدداً من البطولات الكروية، التي اشترك فيها طلبة الجامعات من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن.
ويشير إلى قيام بعض الطلاب الذين انتموا للحزب بتجنيد زملائهم، عن طريق استمارات انتماء توزع داخل الجامعة، متوقعاً تحوّلَ عددٍ من كليات جامعة الأنبار إلى ساحة للتنافس الانتخابي، كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر أن تجري في مايو/أيار 2018.
وفي السياق، يحذر الباحث الاجتماعي واثق علوان، من خطورة التلاعب بعقول شباب الجامعات في هذه المرحلة العمرية التي تعتبر مفترق الطرق بالنسبة لهم، موضحاً لـ "العربي الجديد" أنه على الحكومة العراقية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن تصدر إجراءات سريعة تمنع بموجبها أي نشاط حزبي داخل أروقة الجامعات.
وينبه إلى أن وعود التعيين التي هي حلم كل شاب عراقي، قد تدفع الكثير من الطلاب إلى الابتعاد عن عائلتهم وبيئتهم، والارتماء في أحضان الأحزاب، مبيناً أن الجامعات العراقية يجب أن تكون خطاً أحمر غير مسموح لأية جهة سياسية الاقتراب منه.