الثلج يتضافر مع الفساد ضد نازحي العراق

19 يناير 2015
نازحو العراق تنقصهم المساعدات (Getty)
+ الخط -
وصلت العاصفة الثلجية إلى العراق لتزيد فوق معاناة 800 ألف نازح عراقي وسوري، الصقيع وقلّة الحيلة. وبموازاة الأزمة الانسانية الصارخة، تدور التساؤلات حول التخصيصات الحكومية لمعالجة أزمة النزوح، والتي وصلت إلى حدود المليار دولار، من دون أن تترك آثارها التحسينية على أوضاع الأسر المشردة. 

الصقيع يحصد الأرواح
يقول الناشط في حقوق الإنسان، منير محمد، لـ"العربي الجديد"، إن "الكثير منّا كان متخوّفاً من الصقيع الذي يمكن أن يتعرض له النازحون، ولا سيما المتواجدين في المناطق الشمالية، والذين نزحوا بسبب الاحداث الاخيرة في محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار وديالى وكركوك، أو من المدن السورية القريبة من الحدود العراقية، حيث إن الاستعدادت والإمكانات لا يمكن أن تسد بشكل كامل الحاجات المطلوبة وتوفر الأجواء المناسبة للحد من البرودة والأمراض التي يمكن أن يتعرض لها النازحون".
ويضيف منير أن أوضاع النازحين أصبحت مأسوية، وأن معاناتهم تتفاقم نتيجة انخفاض درجات الحرارة إلى 7 و10 درجات تحت الصفر، في ظل عدم توافر الخدمات اللازمة لدفع البرد الشديد والأمطار والثلوج، ولا سيما في مخيمات محافظة دهوك، شمال العراق. ويشرح أن هذه المخيمات تفتقد للأغطية وأساليب التدفئة وانعدام الوقود وكذلك تعاني من النقص الكبير في التغذية الكهربائية، متوقعاً حصول المزيد من الوفيات في صفوف النازحين، وخاصة بين النساء والأطفال وكبار السن.

الحاجة لمساعدات عاجلة
وتؤكد عضوة المفوضية العليا لحقوق الإنسان، سلامة الخفاجي، لـ"العربي الجديد"، أن المفوضية سجلت منذ بدء موجة البرد والثلوج وفاة 17 طفلاً في مخيمات النازحين في مختلف مناطق العراق. وتطالب الخفاجي الحكومة والمنظمات الدولية بتقديم مساعدات عاجلة وإنشاء مخيمات على شكل "كرفانات" لإيواء الأسر النازحة بدلاً من الخيم، لتفادي آثار موجة البرد الأخيرة، محمّلة الحكومة والمنظمات المسؤولية عن وفاة أي طفل أو نازح بسبب الاهمال.
وتفيد إحصاءات لجنة النازحين، التي شكلتها الحكومة العراقية، بأن عدد النازحين وصل حتى نهاية العام الماضي إلى نحو مليونين و280 ألف عراقي ونحو 220 ألف لاجئ سوري.
ويقول عضو اللجنة، باسم حنون، لـ"العربي الجديد"، إن أكثر مَن تأثر من النازحين بموجة البرد التي اجتاحت العراق هم الذي يوجدون في محافظات إقليم كردستان وكركوك. ويضيف أنه "وزّعنا كميات من الوقود للتدفئة بواقع 120 ليتراً للعائلة الواحدة. كما أن اللجنة، وبمساعدة عدد من المنظمات المحلية والدولية، قامت بتوزيع الملابس الشتوية والأحذية لجميع الفئات العمرية، فضلاً عن تأمين الخدمات الطبية، وهي مستمرة منذ أسابيع".

ضياع الأموال وغياب التخطيط
أما الخبير الاقتصادي، جمعة المفتي، فيؤكد أن الدولة العراقية والمنظمات، سواء كانت المحلية أو الدولية، لم توفّق في رفع القهر عن النازحين "بسبب ضياع الاموال وغياب التخطيط". ويلفت المفتي إلى أن "الحكومة حتى الآن، وبحسب بيانات لجنة النازحين ووزارة الهجرة والمهجرين، صرفت ملياراً و200 مليون دولار منذ بداية الازمة الامنية في منتصف العام الماضي. وفي مقارنة هذا المبلغ مع ما يتم تأمينه للنازحين، يمكن التبيان أن الكثير من هذه الأموال دخلت في نفق الفساد المالي والاداري، فضلاً عن عدم تنسيق الجهود لتلبية احتياجات النازحين".
وينذر الخبير في الشؤون الاقتصادية، عبد الله حكمت، بأعباء اقتصادية كبيرة ستتحملها الدولة مستقبلاً، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "أكثر من مليوني نازح كان ثلثهم من ضمن القوى العاملة، أصبحوا اليوم بلا مصدر رزق ويعيشون على الإعانات. ومع بقاء هؤلاء عاماً أو عامين في هذه الحال، سترتفع قيمة الأعباء التي ستتحملها الدولة من الميزانية العامة". ويلفت إلى أن "أزمة النزوح ستزيد حجم البطالة بين صفوف العراقيين، كما أن النازح نفسه سيتأثر اقتصادياً بعد انتهاء الأزمة الأمنية، في ظل غياب السكن والوظيفة".
المساهمون