التّهجير ينهي حكاية حمص "عاصمة الثورة السورية"

22 مايو 2017
انتهى تهجير الوعر آخر حي للمعارضة (عمر قدور/فرانس برس)
+ الخط -


لأول مرّة منذ عام 2011، تكون مدينة حمص "عاصمة الثورة السورية"، اليوم الإثنين، بكامل أحيائها، تحت سيطرة قوات النّظام السوري، والمليشيات الطائفية الموالية لها، بعد فرض اتفاق على المعارضة، انتهى بتهجير أهالي حي الوعر، آخر حي تسيطر عليه المعارضة في المدينة، بعد قصف مكثف وحصار طويل.

مدينة حمص بالعربية أو "إيميسّا" باليونانية، هي ثالث أكبر المدن السورية، بعد دمشق وحلب، تميزت بتنوعها الطائفي والثقافي، واشتهرت بأبوابها الأثرية والتاريخية السبعة "باب السوق، باب تدمر، باب الدريب، باب السباع، باب التركمان، باب المسدود، باب هود".

كما تعرف حمص بمدينة "أم الوليد"، لوجود ضريح الصحابي خالد بن الوليد، و"مدينة الفقير" بسبب تكاليف المعيشة البسيطة، و"مدينة الضحك" بسبب اشتهارها بالفكاهة الشعبية.


حمص ثاني مدينة، بعد درعا، تثور ضد نظام حكم عائلة بشار الأسد، وتطالب بإسقاطه، تضمّ 44 حياً هجّر النظام السوري أهاليها منها، هي؛ أحياء بابا عمرو، البياضة، جورة الشياح، الخالدية، دير بعلبة، القصور، باب تدمر، باب التركمان، باب الدريب، باب السباع، باب هود، التوزيع الإجباري، الوعر الجديد، الوعر القديم، القرابيص.

حمص الثانية بعد درعا تثور ضد النظام (فرانس برس) 












مع نهاية عام 2011، وبعد خروج معظم المدينة، عن سيطرة النظام، واتساع رقعة المظاهرات، بدأت قوات النظام قصفها العشوائي على أحياء حمص، وبالتحديد على أحياء بابا عمرو والتوزيع الإجباري، وشنّت بعدها حملة عسكرية شرسة، انتهت بتهجير سكان الحيين والسيطرة عليهما في نهاية فبراير/ شباط 2012، بعد تدمير الحيين بشكل شبه كامل، والسيطرة على أحياء السلطانية وجوبر وبساتين بابا عمرو والإنشاءات.




وارتكبت مليشيات النظام، مجازر في أحياء حمص، ذات التنوع الطائفي، الأمر الذي أدّى إلى فرار المعارضين من أحياء كرم الزيتون والعدوية والرفاعي، ليبدأ بعدها النظام بتطويق الأحياء القديمة وسط المدينة.



وبعد قرابة 700 يوم من حصار الأحياء القديمة، والقصف المستمر، أُجبرت المعارضة السورية، على القبول باتفاق تهجير، نصّ على خروج الراغبين بعدم التسوية إلى ريف حمص الشمالي، حيث تمكّنت قوات النظام، إثر العملية، من السيطرة على كامل أحياء حمص القديمة، وذلك في 3 مايو/ أيار عام 2014، ليبقى حي الوعر، الحي الوحيد الخاضع لسيطرة المعارضة في المدينة.



فجر 22 مايو/ أيار الجاري، أنهى النظام السوري، عملية التهجير في مدينة حمص، بوصول آخر دفعة من المهجّرين إلى الشمال السوري، بعد اتفاق فرض على المعارضة، وأسفر عن تهجير قرابة 20 ألفاً من أهالي حي الوعر، ومقاتلي المعارضة، برعاية روسية، لتصبح كامل مدينة حمص تحت سيطرة قوات النظام، والميلشيات الموالية لها.

ووثّق "العربي الجديد" خروج 12 دفعة من حي الوعر، إلى جرابلس وإدلب شمالي سورية، حيث تحدّث المهجّرون عن إجبارهم على الرحيل من قبل النظام، عبر القصف والحصار والتجويع. ومع خروج الدفعة الأخيرة من الحي، دخلت كتيبة من الشرطة العسكرية الروسية، والتي من المفترض أن تكون هي الوصية، إلى الحي، بعد خروج مقاتلي المعارضة.

وودّع آخر الأهالي والناشطين المعارضين للنظام السوري، مدينة حمص بوداع حي الوعر، ونشروا صورهم على طريق التهجير.

الناشطة جودي عرش، نشرت صورة مع إعلاميين من الحي، وكتبت "سننطلقُ بعد قليل. لا نحمل معنا سوى عدساتنا وأقلامنا. سنحارب حتى النهاية.. حتى نعود مرة أخرى مع أصدقاء الدرب والحرب. إلى تحويلة مصياف دعواتكم …"


ورثى المهجّرون مدينتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب الناشط جلال التلاوي، على "فيسبوك": "عاصمة الثورة تودّع آخر ساعاتها مع أصوات الرعود وهطل الأمطار... حي الوعر آخر بقعة سنية بقيت من عاصمة الثورة حمص، والآن خلال الساعات الأخيرة لن يبقى منها إلا الدمار والظلام والبيوت والمساجد الفارغة؛ والذكريات التي ستبقى في قلوب أهلها شاهدة على ما حصل، شاهدة على الخذلان، شاهدة على الألم والمعاناة".



ونشرت صفحة "‏أخبار مخيم الزوغرة‏"، صوراً لوصول قسم من الدفعة الأخيرة من مهجري حي الوعر، إلى المخيم الملاصق للحدود السورية التركية، غرب مدينة جرابلس.



كما نشر حساب مراسل "هيئة تحرير الشام"، صوراً للقسم الثاني من الدفعة، والذي وصل إلى ريف حماة الشرقي.

المساهمون