التيار المدني وأحلام الإخوان

11 فبراير 2015
ماذا لو رجع الإخوان بصفقة سياسية؟! (الأناضول)
+ الخط -

(1)

منذ فترة قصيرة كان من يسأل سؤال "هو مرسي ممكن يرجع" يتعرض لكم من السخرية والتهكم، حتى من أنصار مرسي نفسه، فضلاً عمن يقول "مرسي راجع"، لكن يبدو أن الوضع الحالي قد تغير، بحيث بدا هذا السؤال أكثر منطقية وواقعية في ظل الظروف المتغيرة، والتي يظهر أنها انقلبت لصالح الإخوان وأنصار عودة مرسي، بل أصبح السؤال الآن في بعض الأوساط السياسية، كيف سيعود الإخوان إلى الحكم؟!

(2)

على المستوى الداخلي المصري، رأينا تحركات غير معهودة في عيد الثورة الرابع، فاقت جميع التوقعات. ففي حين ظن البعض أنه يوم عادي مثل الأيام السابقة، من الممكن أن يشهد بعض الحشد في الشارع المصري يقابله قتل واعتقال من جانب السلطات المصرية، إلا أن هذا الحشد رافقه نشاط غير معتاد من حركتين هما "المقاومة الشعبية" و"العقاب الثوري"، اللتان استطاعتا قلب الموازين. والمميز في هاتين الحركتين أن عملياتهما لم تسبب خسائر في أرواح المدنيين، بل استطاعت إصابة أهدافها سواء عناصر أو منشآت عامة وعسكرية بامتياز، بدون إيقاع خسائر في الأرواح.

في المقابل أدى عنف السلطة في التعامل مع المظاهرات، والذي أدى إلى وقوع 18 قتيلًا و52 مصابًا، بحسب وزارة الصحة، إلى ردود فعل عالمية ضد العنف المستخدم من جانب السلطة في أغلبه، فلقد أعرب كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، عن إدانتهما للعنف الذي شهدته مصر خلال إحياء الذكرى الرابعة للثورة، داعيتين إلى التحلي بضبط النفس، بجانب الإدانة من طرف تركيا، ولكن هذا كله طبيعي، الجديد هو سفر بعض قيادات الإخوان في أميركا للتحدث مع بعض الدبلوماسيين الأميركيين بعد المستجدات الأخيرة.

يأتي هذا بالتزامن مع حدث هام من شأنه أن يغير الوضع السياسي في مصر، بل والمنطقة، وهو تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في المملكة العربية السعودية، بعد وفاة أخيه الملك عبد الله، وهذا من شأنه وفقاً للكثير من المراكز البحثية أن يكون سبباً في تخفيف الدعم للنظام المصري، حيث أشارت إلى وجوب تعاطي السعودية مع تيارات الإسلام السياسي المعتدل في المنطقة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، استناداً إلى عدد من المتغيرات التي شهدتها المنطقة خلال العام الماضي.

ويأتي السؤال هنا، كيف ستنهي هذه الدول خلافاتها مع التيارات السياسية السنية كجماعة الإخوان في مصر، فحتى يتم إنهاء الخلاف الحاصل حالياً، يجب التضحية برأس النظام المصري الحالي، حيث يعتبر هذا الشرط أساسيا عند الإخوان المسلمين قبل الجلوس على أي مائدة للتفاوض والتحدث عن أي مشاريع سياسية مستقبلية.

(3)

في ظل ما ذكرناه آنفاً، يقف التيار المدني المصري رافضاً الجلوس مع الإخوان المسلمين والتعاطي مع الخيارات المطروحة، ففي الفترة الماضية تم إطلاق الكثير من المبادرات التي تدعو للمصالحة بين التيار المدني والإسلامي، البعض منها يبدو إيجابياً والآخر غير واقعي، إلا أن المشكلة هي تعنت التيار المدني ورفضه الجلوس والتوصل إلى حل، مع أن الخلاف بينه وبين السلطة الحالية أعظم من خلافه مع تيار الإسلام السياسي.

من الصعب أن يعود مرسي أو الإخوان بشكل مطلق إلى الحكم، ولكنهم يستطيعون ذلك إذا أوجدوا كيانا يكونون هم الطرف الأقوى فيه، ويكون هذا الكيان ممثلا لجميع التيارات السياسية المصرية، ولكن بالطبع التي وقفت بجانبهم منذ الأزمة والتي ليس لها تأثير حقيقي على الأرض، ولكنهم يصلحون أن يكونوا وجهة أمام العالم لتحقيق التوافق المطلوب.

وهنا يجب أن يسأل التيار المدني نفسه، ماذا لو رجع الإخوان بصفقة سياسية تم عقدها مع القوى الخارجية المؤثرة، وهم ليسوا طرفاً فيها، ماذا سيكون وضعهم حينها، أتوقع أن أقل خيار سيكون تهميشهم ومعاقبة من دعم النظام الحالي في مذابحه ضد التيار الإسلامي.

على التيار المدني أن يتخلى عن تعنته وغروره وادعائه تمسكه بنقائه الثوري الذي يمنعه من الجلوس إلى الطاولة مع الإخوان المسلمين، وأن يفكر بطريقة أكثر عقلانية وبرغماتية، لأن النتائج ستكون وخيمة.


(مصر)

المساهمون