التوظيف الوهمي يهدد الاقتصاد السعودي

21 فبراير 2016
%17 من السعوديات يعملن في مجالات البيع (فرانس برس)
+ الخط -




أظهرت بيانات رسمية في السعودية، تنامي التوظيف الوهمي للسعوديين في القطاع الخاص، فيما حذر مسؤولون وخبراء اقتصاد من أن ذلك يمثل تهديدا للاقتصاد السعودي، واصفين المردود الاقتصادي على دعم الحكومة للتوظيف في القطاع الخاص بالضعيف.

وكشف تقرير حديث لوزارة العمل أن هناك نحو 137.7 ألف سعودية يعملن في قطاع الإنشاء والبناء، وهي قطاعات لا يمكن أن تعمل فيها النساء. وتعمل 17% من السعوديات في مجالات البيع.

وتشير البيانات الرسمية إلى انتشار عمليات التوظيف الوهمي في القطاع الخاص للسعوديين بغرض حصول المنشآت على دعم وميزات حكومية، إذ يقدر خبراء في التوظيف نسبة السعودة الوهمية بين الموظفين بأكثر من 50% من الجنسين.

وأطلقت وزارة العمل قبل عدة أعوام مبادرة تحت اسم "نطاقات" على عدة مراحل، بهدف تشجيع التوظيف في القطاع الخاص للتقليل من نسبة البطالة وخلق فرص وظيفية للشباب.
ويصنف نطاقات المنشآت إلى أربعة مستويات هي "بلاتيني"، "أخضر"، "أصفر" و"أحمر"، وذلك بحسب توظيف المنشأة للسعوديين، ليعد "الأحمر" الأدنى في الحصول على الميزات الحكومية.

وتقسم المنشآت إلى قسمين أساسيين: المنشآت ذات عمالة أقل من 10% والمنشآت ذات العمالة أكثر من 10%، في الأولى يشترط وجود مواطن واحد فقط لتعطى المنشأة ميزات مبادرة نطاقات، وفي الثانية تشترط نسب توطين مختلفة، ويجب أن تكون الوظائف بمرتب شهري لا يقل عن 3 آلاف ريال سعودي (800 دولار) شهريا.

وقال عبدالله باغشن، رئيس مجلس إدارة شركة "تيم ون" للاستشارات المالية والإدارية، إن التوظيف الوهمي بات خطراً كبيراً يهدد الاقتصاد السعودي، كما أن العائد الذي يعود من هذه الوظائف على الاقتصاد ضعيف جدا، فما يحدث مجرد أشخاص يحصلون على مقابل مادي مقابل توظيف غير حقيقي ما يفاقم من البطالة ولا يحل مشاكلها.

وأضاف باغشن في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المسؤولية مشتركة بين أكثر من جهة، فبرامج التوظيف التي تم إنفاق مئات ملايين الريالات عليها لم تؤت ثمارها".

وقال فيصل الشماس، مدير إدارة الصناديق العقارية في شركة (دراية)، إن مشكلة التحايل عبر التوظيف الوهمي، هي نتاج للتطبيق المتسرع لوزارة العمل لبرامج السعودة.

وأوضح الشماس لـ"العربي الجديد": "دشنت الوزارة برنامج نطاقات كحل فوري، ولكن الجميع توقع أنه سيحدث الكثير من المشاكل لاحقا، وهذا ما حدث، فبات لدينا أزمة في توفير الوظائف الصغيرة".

اقرأ أيضاً: مصارف دولية تتوقع خفض السعودية لقيمة عملتها

وأضاف أن وزارة العمل مارست ضغوطا على المنشأت لتوظيف السعوديين مع علم الجميع أن هناك مجالات لا يجيد السعوديون العمل فيها مثل البناء، وهو ما دفع المنشأت للتوظيف الوهمي.

وتابع أن العديد من الشركات وجدت معاناة في إيجاد سعودي يعمل في مجالها، ولكن وزارة العمل لم تراعِ ذلك، وظلت تهددهم بإغلاق النظام عليهم، ومنع كل الخدمات عنهم، فلا يجددون تأشيرات لعمالتهم ولا إقاماتهم، ولا يستقدمون عمالة جديدة، ما أوجد سوقا رائجة للسعودة الوهمية.

وأشار إلى أن الوزارة تعاملت مع "السعودة" من منطلق الكم، ولم تراع وضعية بعض القطاعات، حيث كان من المفترض أن يكون هناك تفريق في التعامل مع مختلف القطاعات، فالتعامل مع شركة مقاولات لا يجب أن يكون بنفس الطريقة مع شركة تجارية.

وبحسب الخبراء، فإنه رغم تطبيق "السعودة"، إلا أن العمالة الوافدة تزايدت، الأمر الذي انعكس على تحويلات هذه العمالة للخارج والتي تتنامى سنويا بمعدل 10% حتى تجاوزت 162 مليار ريال (43.2 مليار دولار) في عام 2014.

وتحاول وزارة العمل التصدي لظاهرة التوظيف الوهمي، وأحالت الوزارة في يناير/كانون الثاني الماضي، أكثر من 700 مخالفة متعلقة بالتوظيف الوهمي.

وذكر خالد أبا الخيل، مدير الإعلام بوزارة العمل، أن الوزارة تسعى جاهدة لوقف ممارسات التوظيف الوهمي وعمليات الاحتيال على أنظمة وقرارات التوطين من قبل منشآت القطاع الخاص.

وتحاول الوزارة التصدي للتوظيف الوهمي، من خلال إيقاف إجراءات الموافقة على طلبات الاستقدام التي تقدمها المنشآت المخالفة، وإيقاف طلبات نقل الخدمات إلى المنشأة وفروعها، وإخطار المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لتطبيق ما يتطلبه نظامها بشأن الفترات الزمنية المسجلة للمواطنين لدى المنشأة، التي اتضح تسجيلهم كمشتركين لديها دون وجود علاقة عمل فعلية.

إلا أن محمد الجوهر، المحلل الاقتصادي، رأى أن جهود وزارة العمل غير كافية، مشيراً إلى ضرورة أن تكون هناك عقوبات أكثر صرامة وتطبق على الجميع، مضيفاً: "لا بد أن تراجع الوزارة برامجها، وتحاول إصلاح الخلل فيها، والقضاء على الثغرات التي يستغلها المتحايلون".

 



اقرأ أيضاً:
السعودية تدرس إنشاء صندوق سيادي لإدارة ثروات النفط
دعوة لرفع تنافسية القطاعات الحكومية في السعودية
السعودية تسعى لجذب استثمارات أجنبية خارج قطاع النفط

دلالات
المساهمون