التهرب الضريبي في مصر

19 أكتوبر 2015
شبكة العدالة الضريبية تكلفة ممارسات التهرب الضريبي (Getty)
+ الخط -
تعتبر العدالة الضريبية من أبرز المداخل الاجتماعية والاقتصادية لكشف حجم الانحياز السلطوي في مصر لصالح رجال الأعمال وأصحاب الثروات وكبريات الشركات. وفي حين يعتبر البعض أن التساهل الضريبي يجذب الاستثمارات، تعتبر التقارير الدولية أن التوزيع الضريبي العادل هو من أساسيات التقييم الاستثماري في الدول، كون هذا التوزيع يحدد آلية التعاطي مع الفساد، ومدى الاستقرار الاجتماعي الذي يؤثر بدوره على الاستثمارات.

تشير دراسة صادرة عن "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" منذ أشهر، أنه تنتشر في مصر ظاهرة الاستثمار السري الدائري حيث تعمل الملاذات الضريبية في كثير من الأحيان، كوسيط للاستثمارات الأجنبية المباشرة ما بين المستثمر النهائي والاستثمار، ويكون أحياناً مصدر الأموال ووجهتها واحداً.

وتقدر شبكة العدالة الضريبية تكلفة ممارسات التهرب الضريبي المختلفة التي يأتي من ضمنها الاستثمار السري الدائري ونقل الأرباح باستخدام الملاذات الضريبية في مصر بنحو 68 مليار جنيه مصري سنويّاً، وأكدت الحكومة المصرية في استراتيجيتها لمكافحة الفساد هذه التكلفة.
ووفقاً لبيانات صادرة عن وزارة الاستثمار عن حجم الاستثمارات الأجنبية التي قدمت إلى مصر من عام 1970 إلى عام 2013، جاءت "الجزر الملاذية" في مراكز متقدمة جدّاً من حيث حجم استثماراتها في مصر بشكل لا يتناسب مطلقاً مع حجمها المتناهي في الصغر، وفق دراسة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مما يثير العديد من علامات الاستفهام عن حقيقة تلك الأموال. واحتلت المركز السادس من حيث الدول المستثمرة في مصر جزيرة حجم سكانها بضع عشرات من الآلاف تدعى جزر كايمان، وفي المركز الحادي عشر جاءت الجزر العذراء البريطانية بعدد 112 شركة مستثمرة في مصر، يبلغ رأسمالها نحو 2.7 مليار دولار...
وتستثمر هذه الدويلات الصغيرة في نحو 479 شركة مصرية رأسمالها يتخطى الـ 12 مليار دولار. والسبب في الأغلب هو تسجيل رجال أعمال مصريين وغير مصريين شركاتهم في هذه الدول لتحويل الأرباح إليها وتفادي دفع الضريبة المستحقة على أرباحهم.

وفي إطار السياسات الضريبية، صدر عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دراسة تحت عنوان "العدالة الضريبية من وجهة نظر دافع الضرائب‏،"، تؤكد أن النظام الضريبي في مصر يقوم على الانحياز الواضح لأصحاب رؤوس الأموال على حساب العاملين‏. إذ أن أصحاب الشركات يخضعون لمعدل ضرائب ‏13.2% فيما يتحمل العاملون نسبة ‏28.8%‏.

ويشير الخبير الاقتصادي رضا عيسى، في مقابلة سابقة مع "العربي الجديد"، إلى أنه إذا نظرنا إلى توزيع الضرائب في مصر فسنجد أن 56% من الضرائب يدفعها العمال والموظفون، بينما تدفع ثلاث هيئات حكومية 28% من الضرائب، أي من إيرادات قناة السويس، وشركات البترول، والبنك المركزي. في الوقت الذي تحصّل الدولة 16% فقط كضرائب من الشركات التابعة للقطاع الخاص، إضافة إلى القطاع شبه العام، ما يعني أن القطاع الخاص في مصر وأصحاب المليارات لا يدفعون سوى نسبة تتراوح من 10-12% من الضرائب. ويتساءل عيسى عن معنى العدالة الاجتماعية في دولة ترضخ لمطالب رجال الأعمال، وتعزز الضرائب على الفقراء.
المساهمون