لليوم السابع على التوالي، تختبر العاصمة الإيرانية أشد أيام العام تلوثا، إذ وصلت نسبته اليوم الأربعاء إلى 156، وهي نسبة خطرة أخفت ملامح المدينة في غيمة رمادية ضبابية، وتسببت بارتفاع حالات التسمم لدى بعض المواطنين.
ووجه المعنيون في الحكومة الإيرانية تحذيرات للمواطنين ممن يعانون أمراضا في الجهاز التنفسي والقلب، كما تعطل المدارس الابتدائية ثلاثة أيام.
وبعدما زادت انتقادات المواطنين وبعض المسؤولين المحسوبين على التيار المحافظ، الموجهة إلى حكومة الاعتدال كونها لم تتخذ أية خطوات جدية، أعلنت الحكومة بدورها عن إلغاء دوام طلاب المدارس في كافة مستوياتها التعليمية اليوم الأربعاء، مع السماح للأمهات العاملات بأخذ إجازة، في خطوة تساعد على تخفيف عدد السيارات في الشوارع، التي تزيد الأمور تعقيدا.
وتعرضت رئيسة مؤسسة البيئة، ومستشارة الرئيس الإيراني معصومة ابتكار لانتقادات حادة، خصوصاً من قبل الطيف المحافظ، إذ غادرت طهران لتشارك في قمة المناخ المنعقدة في مراكش. واعتبر المنتقدون في تصريحات وتقارير نشرتها صحفهم أن ابتكار لم تقم باللازم، ولم تبد الاهتمام المطلوب لحل هذه المعضلة التي تواجه البلاد منذ سنوات، وترتفع حدتها عادة في فصل الشتاء.
وردت ابتكار في تصريحات نقلتها المواقع الرسمية الإيرانية على الأمر لافتة إلى أن على المواطنين من الفئة الحساسة، أي المرضى والأطفال وكبار السن، عدم الخروج من المنازل، أو مغادرة طهران مؤقتا، مضيفة أنه لا يوجد حل جذري فوري وسريع لهذه المشكلة التي تتطلب إجراءات عديدة وتدريجية.
وأفادت مؤسسة الأرصاد الجوية الإيرانية اليوم أيضا، بأن مؤشرات التلوث المرتفعة تستمر غداً الخميس، متوقعة هطول الأمطار بعد ذلك، ما يحرك الهواء قليلا ويقلص من معدلات الخطر تدريجيا.
لكن التلوث في طهران يتطلب حلولا أكبر، لا سيما أنها مشكلة تعانيها العاصمة بسبب عوامل عدة. وبحسب بعض المواقع الرسمية، تسير في العاصمة أربعة ملايين ونصف مليون سيارة، تطلق عوادمها ذرات ملوثة تعلق في الجو، كونها لا تستخدم وقودا بالجودة المطلوبة، كما يتحرك في طهران عدد كبير من الدراجات النارية لا يقل عن عدد السيارات.
من ناحية ثانية، تلعب العوامل الجغرافية الدور الأكبر، الأمر الذي يعقد حل المشكلة، إذ إن طهران محاطة بثلاث سلاسل جبلية، وتعاني من قلة معدلات هطول الأمطار ومن الجفاف، وتغطيها الغيوم في الشتاء وهو ما يمنع تحرك الهواء، إضافة إلى العوامل الإنسانية التي تزيد الطين بلة، لكون العاصمة محاطة بمصانع تنفث الدخان الذي يستقر في أجوائها.
وأفادت دائرة بيئة محافظة طهران بأنها أجرت العديد من الخطط الفعلية، ومنها تحسين جودة الوقود، والتركيز على تطبيق خطة حركة السيارات وفق أرقام لوحاتها في المناطق الأكثر ازدحاما في مركز المدينة، كما يتوجب عليها الحصول على ترخيص خاص مقابل مبلغ مالي سنويا.
في المقابل يشتكي المواطنون المطالبون باستخدام وسائل النقل العام في محاولة لتخفيف الضغط، من عدم توافر هذه الوسائل في كل المناطق، فرغم وجود حافلات وسيارات أجرة وحتى محطات مترو كثيرة، فإنها لا تغطي كل أرجاء العاصمة، وإن وجدت فإن عددها لا يكفي ملايين السكان، كما يقول معظم من يفضل استخدام سيارته الشخصية.