التكاذب بشأن التغريبة السورية

10 فبراير 2016
مانحون يقولون للاجئين ما لا يفعلون (العربي الجديد)
+ الخط -


تكشف الشابة الأنيقة العاملة في الصليب الأحمر، بعد اتفاقنا على عدم التسجيل أو التصوير بأن عملية "تكاذب كبيرة تجري في مجال مساعدة اللاجئين السوريين، أو الصامدين منهم في وطنهم".

مؤتمرات عدة عقدها "مانحون"، وكان آخرها في لندن. طلبت منها معرفة "ما دفعته هذه الدولة أو تلك سابقاً، وكيف أعلنت عن تبرعها بالمبلغ ذاته في المؤتمر"، لكنها ترفض وتقول: "استمع لما قاله السكرتير العام لمنظمتنا وستعرف ما أعنيه".

في سبتمبر/أيلول الماضي، كانت أمواج اللاجئين تسير على طرقات أوروبا، فعقد ساسة وفنانون ومثقفون العزم على جعل الشعب والشركات، يتبرعون لبرامج تديرها منظمات إنسانية بشكل مباشر.

وسألت أحد البرلمانيين: هذه المؤتمرات من يشارك فيها؟ أليسوا سياسيين؟ ويتحركون مع جيش من مستشارين؟

من المخجل، بل من العار، بعد مرور كل تلك السنوات على محنة السوريين أن يطغى على أزمتهم خبر عن الرقم "الممنوح والمتبرع به". لقد مات بشر في 2012 و2013 جوعا، كما في 2016.

الموت تعذيبا وقصفا وجوعا ومرضا لم يتوقف طيلة سنوات، وظل القرار يتقزم إلى مستوى مقزز ومقرف، ويذكرني كما يذكر أي فلسطيني بمستوى جردة حساب تنشر في الجرائد الرسمية عما دفعته هذه وتلك من الدول تحت عنوان "اللهم فاشهد".

ها نحن بعد 5 سنوات تقريبا، وبعيداً عن سياسة التكاذب أمام حالة سورية لم يعد ينفع فيها لا صورة ولا تبرع. حين تقترب من طرح السؤال الجوهري عن السبب والأصل ثمة من يقول لك: تلك قضية سياسية معقدة.

الفلسطينيون المنتشرون بين مدن الغرب يعرفون تمام المعرفة معنى " القضية معقدة". وينتهي النقاش بأن فعل القوة يفرض نفسه "احتلال وشعب رافض كل صيغ تقاسم الوطن مع قتلة ومجرمين". ألم يقولوا "إقبل بما هو معروض عليك منذ 23 سنة"؟ النتيجة أمامنا جميعا".

تتكرر الحكاية في سورية؟ لا سمح الله... يخجل صديق يساري أوروبي من الرواية الروسية عن "دعم الشعب السوري" بالغذاء.

سؤال واحد يحسم كل ذلك التكاذب عن الموت واللجوء، وهو لماذا يتكدس عشرات الآلاف عند حدود تركيا هربا من "العصابات الإرهابية"؟

وتمطرنا الصحافة الغربية قبل وبعد مؤتمر لندن بالتالي: "إذا أردنا وقف تدفق اللاجئين صوبنا فعلينا أن ندفع الثمن بمساعدتهم حيث هم، وفي دول الجوار".

لماذا لم يطرح هؤلاء غير سؤالهم الساذج والسطحي أن " على دول الجوار أن تقبل السوريين بأعداد أكبر". من الواضح أن السؤال المركزي هو ما لف ودار حوله هؤلاء الساسة، ويظل فاضحا للدم "تحت القصف بالبراميل ودخول الروس بجيش لقتل السوريين وتدمير بيوتهم وكل البنى التحتية، كيف يمكن وقف هذا النزيف البشري"؟

السؤال ليس عن وجبات طعام لبرنامج غذاء عالمي، بل عن حكاية شعب وثورة وديكتاتورية فاشية. لكن المجتمعين يجلسون مستمتعين بالأطايب ويكررون لعبة التكاذب عن تبرعات بالمليارات، يليها تصفيق وشكر حار من رجل لم يتحدث إلا عن "القلق". ويبقى السؤال الأساس من شعب صار قتله ونفيه منذ اليوم الأول في 2011 بعيداً، فالمصلحة تقضي بأن نعالج آثار ما يجري.

تلك صورة يعرفها القريب والبعيد، الحل واضح، "لا يمكن أن تنتهي المشكلة إلا بالتخلص من مسببها، أو مسببيها، ممن يُطلق عليهم مجرمي حرب".

اقرأ أيضاً: هيومن رايتس: المانحون لا يضمنون جودة معاملة اللاجئين
المساهمون