التقارب اليمني مع الإمارات: مصير معلَّق لـ"الأحزمة" و"النخب" و"الانتقالي"

04 يوليو 2018
قوات الشرعية اليمنية في المعارك (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
تشهد المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن حراكاً سياسياً وإدارياً، على أثر التقارب المرافق بتراجع حدة الاحتقان بين القوات الإماراتية والمليشيات اليمنية التابعة لها من جهة، وبين الحكومة اليمنية الشرعية من جهة ثانية، الأمر الذي كانت من أولى نتائجه عودة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى عدن. غير أن الإجراءات العملية المتعلقة بالملف الأمني، لا تزال في مربع التنسيق، وتنتظر مزيداً من الخطوات الكافية للحكم على وجود تقدمٍ من عدمه، فيما يقف "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، المدعوم من الإمارات ضد الشرعية، كأحد أبرز المتأثرين بتطورات الأسابيع الأخيرة ينتظر المصير وفقاً للمتغيرات الجديدة.

وشهدت الأيام والأسابيع الأخيرة، سلسلة من الاجتماعات بين مسؤولي وزارة الداخلية اليمنية وبين قيادات القوات الإماراتية في أكثر من محافظة لترجمة نتائج التفاهمات الجديدة، التي جاءت مع زيارة وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري إلى الإمارات، منذ أسابيع. وأفادت مصادر قريبة من الحكومة في عدن لـ"العربي الجديد"، بأن "الاجتماعات تتمحور حول تنسيق وتوحيد الجهود الأمنية مع القوات المدعومة إماراتياً، ممثلة بقوات الحزام الأمني في عدن ومحيطها من المحافظات، وكذلك النخبة الحضرمية في حضرموت ومثلها النخبة الشبوانية في شبوة. وجميعها تمثل الأذرع الأمنية والعسكرية التي تولت دعمها الإمارات، وتوصف بأنها تابعة لها إلى حد كبير".

وعلى الرغم من التقارب، والتصريحات المترافقة معه، بوجود تقدمٍ بالتفاهم بين الشرعية والإمارات، يمكن أن تحدّ من الصراع الذي كان العنوان الأبرز لتطورات الأشهر الماضية، في المحافظات اليمنية غير الخاضعة للحوثيين، إلا أن أياً من الطرفين الإماراتي أو اليمني لم يؤكد بصورة ما إذا كانت أبوظبي ستتخلى عن وصايتها على قوات "الحزام الأمني" على نحو خاص، لتصبح قوة تابعة لوزارة الداخلية اليمنية، كما يطالب مسؤولو الحكومة الشرعية. وبدلاً عن ذلك، يجري الحديث عن توحيد وتنسيق الجهود الأمنية، وسط أنباء غير مؤكدة عن أن ترتيبات متدرجة ستؤدي في النهاية إلى إتباع مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية للحكومة الشرعية اليمنية.

وأخيراً، عقد محافظ حضرموت، وهو قائد المنطقة العسكرية الثانية (مقرّها المكلا)، اللواء فرج سالمين البحسني، لقاءً مع وزير الداخلية أحمد الميسري، وقيادات التحالف الإماراتية في حضرموت. وكان لافتاً النفي، الذي صدر يوم الاثنين الماضي، عن المحافظ، للأنباء التي ربطت الاجتماع بجهودٍ لإلحاق قوات "النخبة الحضرمية" بوزارة الداخلية اليمنية، وأكد في الوقت ذاته، أنها تابعة لـ"المنطقة العسكرية الثانية"، التابعة هيكيلياً لوزارة الدفاع اليمنية.



وتكتسب "النخبة" طابعاً حضرمياً، يضع لها بعض الخصوصية التي تميزها عن "الحزام الأمني"، وكلاهما بالإضافة إلى "النخبة الشبوانية" قوات تتبع إلى حد كبير للإمارات، مصنّفة في تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي للعام 2017، كقوات تعرقل الحكومة الشرعية وعملها.

ومع التفاهمات التي بدأت بزيارة وزير الداخلية اليمني منذ أسابيع، دخلت أزمة الشرعية والإمارات مرحلة تهدئة، جرى الحديث معها عن أن الجانب الإماراتي أبدى استعداده لإيقاف العراقيل الموضوعة أمام ممارسة الأجهزة الحكومية لعملها، بما فيها وزارة الداخلية، إلا أن العديد من المحللين اليمنيين رأوا أن التفاهمات تبقى ناقصة ما لم تصل إلى رفع الإمارات يدها عن إدارة قوات خارجة عن سلطة الشرعية، وإلحاقها بشكل مباشر بالجهات الرسمية اليمنية.

وكانت من أبرز نتائج التفاهمات خلال الأسابيع الماضية، زيارة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى أبوظبي، وعودته عقب ذلك إلى اليمن، بعدما غادر عدن إثر خلافه مع الإماراتيين في فبراير/ شباط 2017، في حين بدا "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، الذي دعمته الحكومة الشرعية، أبرز المتضررين من التفاهمات، باعتبارها من بؤر توتر العلاقة الإماراتية اليمنية. بالتالي فإن أبوظبي تبدو مخيرة بين محاولة التقريب بين قيادات المجلس والحكومة الشرعية، للوصول إلى نقاط تفاهم مشتركة، وبين التخلي عن دعمه، وفي كلا الحالين فإن المجلس، الذي رتّب أوراق أدبياته على أساس هدف "الانفصال" والتصعيد ضد "الشرعية"، بات أمام معطيات أخرى لا تخدم هذا الأساس، على الأقل في هذه المرحلة، التي اضطرت فيها أبوظبي لإصلاح علاقاتها مع الشرعية، بالتزامن مع التصعيد العسكري باتجاه مدينة الحديدة الساحلية، غرب اليمن.

الجدير بالذكر أن المراجعة الإماراتية للعلاقة مع الشرعية، جاءت إثر سلسلة من التطورات، جعلت دورها مكشوفاً بالوقوف ضد الحكومة الشرعية اليمنية وبممارسات أقرب إلى "احتلال" منها إلى "دعم الشرعية"، التي دخل التحالف عسكرياً تحت غطائها، ووصلت الأزمة إلى مجلس الامن الدولي، بشكوى حكومية للمجلس، في مايو/ أيار الماضي، عقب احتلال الإمارات لميناء ومطار سقطرى، وكل ذلك دفعها للمراجعة، إنقاذاً لنفوذها الذي بدا مهدداً مع ردة الفعل اليمنية، كما ذكرت مختلف المعطيات.