التعليم عن بعد "ليس بديلاً" في الأردن

21 يوليو 2020
التعقيم مستمر (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يكن أمام الأردن حاله حال العديد من البلدان في العالم خلال  ذروة أزمة فيروس كورونا الجديد بديلاً عن اللجوء إلى التعليم عن بعد، بعد إغلاق المدارس كإجراء وقائي للحد من انتشار الفيروس، إلا أن هذا "البديل" لم يكن بديلاً ناجحاً بما فيه الكفاية. وفي السياق أعلن وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي، الأربعاء الماضي، بدء العام الدراسي المقبل في موعده المعلن للطلاب في سبتمبر/ أيلول المقبل وبشكله المعتاد، أي الدراسة المباشرة، مضيفاً أن الاستمرار في هذا القرار يعتمد على استقرار الوضع الوبائي. واعترف النعيمي في تصريح صحافي أن تجربة التعليم عن بعد تحتاج إلى تطوير، لافتاً إلى أن "الوزارة تراقب حالياً الوضع الوبائي حتى يتم تحديد شكل العام الدراسي". ودعا النعيمي، إلى الموازنة بين الالتزام بالشروط الصحية والتعليم مع العام الدراسي الجديد، الذي يبدأ في الأول من سبتمبر المقبل، مع تشديد على الرقابة الصحية للوقاية من انتشار فيروس كورونا الجديد في الأردن.

المرأة
التحديثات الحية

وتحدثت "العربي الجديد" مع عدد من المعلمين لتقييم عملية التعليم عن بعد فوصفوا التجربة بأنها "ليست ناضجة". واعتبر أكثر من معلم أن "الإجابة عن الاختبارات لبعض الطلاب تفوق قدراتهم، إذ من الواضح أن هناك من تقدّم للامتحان بدلاً من الطالب نفسه، مما أثر على نزاهة الاختبارات، وحتى إمكانية تقييم التجربة بشكل دقيق".
وقالت الأمينة العامة لوزارة التربية والتعليم، الدكتورة نجوى قبيلات، في تصريح صحافي إن "الوزارة لا تعتبر التعليم عن بعد بديلاً للتعليم المدرسي النظامي، ولكن قد تستخدمه الوزارة مستقبلاً كمعزز للتعليم أي ما يسمى تعليماً (متمازجاً) لا بد منه".  
وكان النعيمي قد أشار بعد حوالي شهر من انتشار الفيروس وتعطيل الحياة، إلى أن "أمر الدفاع الخاص بالتعليم الذي أعلن في 15 إبريل/ نيسان، جاء بهدف توسيع مفهوم التعليم، ليشمل التعليم عن بعد باعتباره تعليماً منتظماً يخدم كافة الأغراض المنصوص عليها في قانون التربية والتعليم، ويؤمن أرضية ومرونة كافية لإدخال أشكال جديدة من الاختبارات المدرسية، واعتبار الاختبارات الإلكترونية شكلاً مقبولاً من أشكال تقييم الطلاب".
من جهتها، قاات منى موسى، وهي أم لأربعة أبناء في المدارس الحكومية، لـ"العربي الجديد": "التجربة جيدة لكنها ليست مثالية". فقد تابع أبناؤها الدروس عبر شاشة التلفزيون، إلا أن هذا كان يتطلب أكثر من شاشة، على حدّ قولها، إضافة إلى إنترنت جيد. أما طريقة الشرح فكانت غير ملائمة للتلاميذ ولا تراعي الفروقات بينهم، موضحة أن هناك فرقاً كبيراً وشاسعاً بين التدريس بشكل مباشر من قبل المعلمين وما يقدم عبر التلفزيون. ورأت أن التعليم عن بعد أمر جيد لإبقاء التلاميذ على تواصل مع العملية التعليمية والمناهج المقررة، وهي تجربة يمكن البناء عليها، من دون أن يعني ذلك الاعتماد عليها كبديل للتعليم المباشر.
وقال علي أحمد، وهو أب لثلاثة أبناء، لـ"العربي الجديد"، إن "جهود القائمين على هذا العمل مشكورة، لكن لا توجد  مراعاة للفروقات الفردية بين التلاميذ خلال شرح الدروس"، لافتاً إلى أن "الدروس ناقصة لأنها تغطي فقط اللغة العربية واللغة الإنكليزية والعلوم والرياضيات". وأشار إلى انه "خلال مرحلة التعليم عن بعد كان تركيز الطلاب أقل من المطلوب، وكثيراً ما يتهرب التلاميذ من متابعة الدروس خلال وجودهم في البيت طوال الوقت".
وأشار حسام، وهو مدرس لمادة الرياضيات، لـ"العربي الجديد" إلى أن "التعليم عن بعد لا يناسب جميع التلاميذ، وأقدر أن عشرين في المائة من التلاميذ قادرون على التأقلم مع الدراسة عن بعد، في وقت تتفاوت قدرات الباقين".
وشرح الخبير التربوي ذوقان عبيدات، لـ"العربي الجديد" أن "التجربة جديدة وأظهرت أنه ليست لدينا خبرات سابقة في الموضوع، ولا توجد ثقافة التعليم عن بعد"، مشيراً إلى أن بعض تجارب التعليم عن بعد لبعض المدارس الخاصة كانت ناجحة، من خلال تواصل المدارس مع طلابها بشكل مستمر. ولفت إلى تجربة التلفزيون التربوي السابقة، التي يعتبرها غير ناجحة، لأنه لم تتوفر فيها المتطلبات الأساسية للتدريس الذي يعتمد على التفاعل من دون تلقين، مضيفاً أن وزارة التربية فوجئت بما حدث، وأن "ما أنجز جهد جيد ضمن الإمكانيات المتوفرة للحد من تداعيات إغلاق المدارس، وعلينا الاستفادة من التجربة".

من جانبه، يقول منسق الحملة الوطنية لحقوق الطلاب "ذبحتونا"، فاخر دعاس، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن اعتبار ما قدم من خلال منصة درسك عبر الإنترنت أو شاشة التلفزيون الأردني تعلّم عن بعد، على الرغم مما بذلته الوزارة من جهود ضمن إمكانياتها". يضيف: "هناك كم كبير من الأخطاء والعيوب ضمن نظام التعلم عن بعد، الذي تم تطبيقه والذي نتفهمه جيداً، في ظل غياب البنية التحتية".
واتفق تربويون عاملون في الميدان التعليمي، منهم مديرو مدارس ومعلمون في القطاعين العام والخاص، خلال حلقة نقاشية عقدت مؤخراً حول تجربة التعليم عن بعد في المدارس، نظمتها جماعة عمان لحوارات المستقبل، على فشل تجربة التعليم عن بُعد كما طبقتها وزارة التربية والتعليم أثناء جائحة كورونا. ولفتوا إلى أن أول أسباب فشل التجربة تخبط قرارات وزارة التربية والتعليم وتضاربها، بالإضافة إلى تهرب المسؤولين في الوزارة من تحمل المسؤولية عند اللجوء إليهم للاستفسار عن الحلول المقترحة للمشاكل.

المساهمون