هو سلوك محيّر في مجتمع لا يتورّع غالبية أفراده عن المخاطرة في سبيل إنقاذ مواطن يتعرّض لمحاولة سرقة، أو تقديم المساعدة لمواطن أضاع القليل من المال. يفسّر ظاهرة التعاطف، تزامن عمليات السطو المسلح مع حزمة القرارات الاقتصادية الأخيرة للحكومة، والتي أدّت إلى انحدار في مستوى معيشة المواطنين.
تعاطف المواطنين مع المهاجمين، ليس مقصوداً لذاته، بقدر ما يمثّل تعبيراً عن معارضتهم للإجراءات الاقتصادية "القاسية" التي اقترفتها بحقهم الحكومة "منزوعة المشاعر"، ليعبد تعاطفهم تجاه المهاجمين الطريق أمام مهاجمتهم للحكومة التي يطالبون بإسقاطها. التعاطف الشعبي مع المهاجمين نكاية بالحكومة، تؤكده واقعة السطو المسلح التي استهدفت، الأحد الماضي، فرع بنك تجاري في العاصمة، حيث انتفى التعاطف الشعبي مع المهاجم بعدما تبين أنه ينتمي لعائلة "الملقي" التي ينتمي إليها رئيس الوزراء هاني الملقي.
على غير العادة التي اتّبعت في التعامل مع منفذي عمليات السطو، منعت الأجهزة الأمنية نشر صورة المنفذ في سائل الإعلام، بمبرر وجود موانع قانونية، وهي موانع جرى خرقها عندما نشرت صورة منفذي عمليات السطو السابقة تحت مبرر الردع. وفّر "الملقي المهاجم"، فرصة سانحة للانقضاض المباشر على "الملقي الرئيس"، وساهم "الملقي الرئيس" في تعبيد الطريق أمام المهاجمين عبر التحفظ على هوية "الملقي المهاجم".
رفض الجريمة واستنكارها أياً كان شكلها ومنفذها، هي المشاعر الحقيقية لغالبية الشعب الأردني، قبل أن يصار إلى توظيفها للتعبير عن مواقف وتوجهات سياسية، وتحميلها رسائل احتجاجية يودعونها في بريد الحكومة التي ترفض قراءة الرسائل.