الترحيل يلاحق بعض العمالة المصريّة في السعودية

09 مارس 2014
+ الخط -
أثار قرار المملكة العربية السعودية باعتبار جماعة الإخوان المسلمين "تنظيماً إرهابياً"، مخاوف محللين اقتصاديين وسياسيين من ترحيل شرائح من العمالة المصرية في السعودية، ما يزيد من تفاقم معدلات البطالة في مصر وازدياد تأزم الاقتصاد، خاصة إذا اتخذت دول الخليج قرارات مماثلة للمملكة.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة لعدد المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في السعودية، فإن مصادر في جماعة الإخوان المسلمين تقول إن عددهم "ليس بالقليل".

وظلت مصر، على مدار العقود الماضية، مصدّرة للعمالة إلى الخارج، سواء إلى الدول العربية أو الأجنبية.

وتشير البيانات الحكومية في مصر، إلى أن عدد العاملين في دول الخليج تصل إلى 3 ملايين عامل، منهم 1.2 مليون في السعودية وحدها.

وقال هشام كمال، قيادي في الجبهة السلفية، إن قرار السعودية باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، سيؤدي إلى أزمة أبعد من الشأن السياسي.

وأضاف كمال، في تصريح لمراسل "العربي الجديد" في القاهرة، أن القرار السعودي سيؤدي إلى ترحيل المنتمين إلى جماعة الإخوان نهائياً من المملكة، وهو ما سيزيد من الأعباء على الاقتصاد المصري بشكل كبير.

وأشار إلى إمكانية تعرّض بعض العمالة المصرية في السعودية لبلاغات كيدية بالانتماء لجماعة الإخوان، وهو ما قد يؤثر سلباً على أوضاع العمالة بشكل عام وعلى الاقتصاد المصري عموماً.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلنت السلطات السعودية عن وجود نحو 120 ألف عامل مصري يعملون بصورة مخالفة لقانون العمل هناك، وأن نحو 35 ألف مهددون بالترحيل خارج المملكة.

وقال أحمد إبراهيم، المحلل الاقتصادي، إن المخاوف لا تتعلق بالسعودية فحسب وإنما بالعديد من الدول الخليجية والعربية، لا سيما الإمارات والبحرين والكويت والأردن، والتي تدعم القيادة السياسية الحالية في مصر في أعقاب إطاحة الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/ تموز الماضي.

وأضاف إبراهيم:"هناك مخاوف من ألا تقتصر سياسة الترحيل في السعودية على ناشطين في الإخوان، وإنما تطول أشخاصاً أظهروا تعاطفاً مع الإخوان أو رفضوا فكرة الإطاحة بمرسي. سيكون ذلك كارثياً على أوضاع العمالة، خاصة أن السعودية تستقطب أكبر عدد من المهاجرين المصريين للعمل بالخارج".

وتمثل عوائد العاملين في الخارج مورداً مهماً للنقد الأجنبي لمصر منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وكانت تقديرات عام 2012 هي الأكبر تاريخياً من حيث العوائد، حيث قدّرها البنك المركزي المصري بنحو 18.1 مليار دولار، لكنها تراجعت بنحو 800 مليون دولار في نهاية 2013.

وتضرّر اقتصاد مصر بشدة منذ اندلاع ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، وزادت حدته منذ إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/ تموز الماضي.

وسجلت مؤشرات اقتصادية عدة في مصر تراجعاً خلال الأشهر الستة الأخيرة من عام 2013، التي شهدت بداية تولي الحكومة المؤقتة برئاسة حازم الببلاوي مقاليد الأمور، عقب الإطاحة بمرسي.

وأعلن الببلاوي، نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي، استقالة حكومته، بعد أقل من 8 أشهر من تشكيلها بتكليف من الرئيس المؤقت عدلي منصور.

وأشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى ارتفاع نسبة البطالة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2013، بعد 6 أشهر من تشكيل الببلاوي للحكومة، لتصل إلى 14.6%، بما يقارب 4 ملايين شخص.

كما تراجع معدل نمو الاقتصاد خلال الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول 2013، وهو آخر إحصاء ترصده وزارة التخطيط المصرية يشير إلى أقل من 1%، مقابل 2.1% بنهاية يونيو/ حزيران من العام نفسه.

وسجلت معدلات السياحة الوافدة إلى مصر تراجعاً حاداً خلال الفترة من يوليو/ تموز إلى ديسمبر/ كانون الأول 2013، ليصل عدد الوافدين إلى 3.6 ملايين سائح بإيرادات 1.5 مليار دولار، مقابل 5.9 ملايين سائح بإيرادات 4.4 مليارات دولار.

ونظراً لعدد السكان المتزايد في مصر، والذي تجاوز الـ90 مليون نسمة، أصبح من الصعب توفير فرص العمل اللازمة للعاطلين أو الداخلين الجدد إلى سوق العمل، والذين يقدّر عددهم بنحو 850 ألف فرد سنوياً.

وربما يتضرر اقتصاد دول الخليج ذاتها التي تقدم على ترحيل عمالة مصرية على خلفيات سياسية، جراء فقدان هذه الأسواق عمالة ماهرة في بعض التخصصات، لا تستطيع ملء فراغاتها، حسب إبراهيم.

لكن في المقابل، يرى محللون اقتصاديون أن مواجهة وجود الإخوان في السعودية ودول خليجية أخرى، يصب في مصلحة تقليل نفقات هذه الدول على "صد آثار ثورات الربيع العربي"، خاصة أن العديد من دول الخليج زادت من حجم فاتورة الإنفاق المجتمعي تجنباً لاحتجاجات داخل مجتمعاتهم.

وقال عادل معوض، المستشار القانوني لحزب البناء والتنمية في مصر، لـ"العربي الجديد"، إن " المملكة تخشى من تمدّد الأفكار الأخرى التي تعارضها".

المساهمون