التدخل التركي في ليبيا... ضغط للحل أم تعقيد للأزمة؟

02 يناير 2020
أردوغان واثق من مصادقة البرلمان على التفويض(ياسين بلبل/الأناضول)
+ الخط -
في وقت ينتظر فيه الرأي العام، قرار الجمعية العامة للبرلمان التركي، اليوم الخميس، بشأن مذكرة التفويض الرئاسية حول إرسال قوات تركية إلى ليبيا، بناءً على الاتفاق الأمني الموقع بين الحكومة التركية وحكومة "الوفاق" الليبية، نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تبدو تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واثقة من مصادقة البرلمان على تفويضه، ما يطرح تساؤلات حول انعكاس هذه المصادقة على الملف الليبي.

وأمس الأربعاء، أجرى أردوغان اتصالاً هاتفياً مع الجنود العاملين في أحد مراكز الشرطة بولاية هكاري جنوب شرقي البلاد، مشيراً إلى أنّ بلاده بصدد اتخاذ خطوة جديدة في ليبيا وشرق البحر المتوسط.

وأعرب الرئيس التركي عن أمله في أن يكون التوفيق حليف الجنود الأتراك في العام 2020 كما كان في 2019، في إشارة إلى نجاح العملية العسكرية التي أطلقها الجيش التركي شمالي سورية، العام الماضي.

لكن المحلل السياسي الليبي مروان ذويب، يرى أنّ تركيا لن تقدم على إرسال قوات نظامية في ظل الوضع المعقد والمتوتر في طرابلس، لكنها سترسل دعماً عسكرياً ممثلاً في أسلحة ودفاعات جوية لقوات حكومة "الوفاق".

وعن جدوى التفويض البرلماني التركي، في ظل تسريبات ومعلومات تحدد مواقع قوات اللواء المتقاعد حفتر، تستعد القوات التركية لاستهدافها، قال ذويب، في حديث مع "العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "التفويض سيبقى في يد الرئاسة التركية لتهديد حفتر حتى يتراجع عن عدوانه على العاصمة طرابلس، أو تنتصر عليه قوات الحكومة بالدعم التركي الذي سيرجح كفتها بكل تأكيد".

ويعتقد ذويب أنّ القرار البرلماني بتفويض الجيش التركي للتواجد في ليبيا "يتجاوز حفتر ومساعيه العسكرية، بل يؤكد أنّ تركيا لا ترى أن تهديد حفتر العسكري للعاصمة مشكلة تستوجب إرسال قوات".

وأضاف أنّ "الدعم العسكري لقوات الحكومة كافٍ، فما تحتاجه الأخيرة ليس قوات على الأرض بل يتمثّل في طائرات مسيرة ودفاعات جوية فقط"، معتبراً أنّ "تركيا جاءت لموازنة القوى فمصر وروسيا تدعمان حفتر".

وتشير مذكرة التفويض، بحسب وكالة "الأناضول" التركية، إلى أنّ "من الاعتبارات التي تدفع تركيا نحو إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، حماية المصالح الوطنية انطلاقاً من القانون الدولي واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية والتي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا"، بالإضافة لـ"الحفاظ على الأمن ضد المخاطر المحتملة الأخرى، مثل الهجرات الجماعية، وتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الشعب الليبي، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية في ليبيا".

وعن تقدير الفترة الزمنية لوجود القوات التركية في ليبيا وأماكن تواجدها، أوضحت المذكرة أنهّ "سيكون في عهدة رئيس الجمهورية وفقاً للمبادئ التي حددها الرئيس بشأن اتخاذ جميع أنواع التدابير للقضاء على المخاطر والتهديدات".


وترجّح الصحافية الليبية نجاح الترهوني، التي ترى "ضرورة وصول قوات تركية إلى طرابلس ومواقع أخرى تهددها قوات حفتر"، أنّ "وجود القوات التركية سيجبر حفتر على الجنوح إلى خيار تجميد الجبهات والإقرار بعجزه على تحقيق أي نصر عسكري، وبالتالي رضوخه للخيار السياسي الذي توليه أنقرة أهمية كبيرة، وتقدمه على الحل العسكري، في ظل بروز ضغوط أوروبية محتملة على قبول حفتر بتسوية سياسية في حال وصول قوات تركية لطرابلس".

وبحسب الترهوني التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، فإنّ "دولاً مثل روسيا ومصر ومن خلفها الإمارات، لن تقدم على مواجهة عسكرية مع تركيا".

في مقابل ذلك، يعبّر الخبير الأمني الليبي الصيد عبد الحفيظ، عن مخاوفه من تعقد الأزمة سياسياً في حال تدخلت تركيا عسكرياً، لافتاً إلى أنّ "القوات المتواجدة في ليبيا باتت لا تحصى".

وأوضح عبد الحفيظ، لـ"العربي الجديد"، رأيه قائلاً إنّ "نخبة من القوات الخاصة الإيطالية والأميركية موجودة في مصراته منذ انطلاق عملية البنيان المرصوص عام 2016، والروس في بعض القواعد غرب البلاد، علاوة على محور الشر العربي، الداعم لحفتر، ما يعني أنّ خلفيات تلك الدول السياسية لن تتقارب في ظل التحفز العسكري التركي المرتبط بأهداف تركية أخرى في البحر المتوسط تمس مصالح هذه الدول".

واعتبر أنّ "أخطر سيناريوهات تعقد الأزمة في حال حدوث تصعيد عسكري، هو نشاط المجموعات الإرهابية التي لا تزال تتواجد خلف الحزام الصحراوي، وإمكانية نشاطها أيضاً في المدن الرئيسية أمر مرجح وقتها".

بل ولفت عبد الحفيظ إلى "طبيعة المعركة في أجزائها الضيقة جنوب طرابلس"، قائلاً "لا يمكن أن تحتمل هذه المنطقة كل هذه القوات من مختلف الدول".

ورأى أنّ "السياسة التركية ترغب في إعادة الملف إلى كواليس مؤتمر برلين، لكن وفق شكل جديد يوازن المصالح على طاولة الحوار الألمانية المرتقبة".