التحرش في مصر يستهدف معيشة 33% من الأسر

03 نوفمبر 2014
التحرش يصيب مصر في أزمة اقتصادية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
تعتبر العديد من الدراسات أن التحرش الجنسي سبب مهم من أسباب زيادة نسبة البطالة في صفوف النساء في مصر، ففي الوقت الذي وصلت فيه نسبة البطالة لدى النساء أربعة أضعاف نسبتها لدى الرجال، جاءت مصر في المرتبة الثالثة عربياً، فيما يتعلق بمعدل التحرش بالنساء... 
ويقول تقرير صادر عن الأمم المتحدة، إن 99.3% من النساء في مصر ‏تعرضن لتحرش جنسي، وأن ما يقارب 68 ‏% من النساء العاملات تعرضن لتحرش في مجال عملهن. وأثبتت دراسة أجراها اتحاد نقابات عمال مصر أن 50% من العاملات ‏الرافضات للتحرش في القاهرة يتعرضن‎ ‎للاضطهاد في العمل.‏
ويشرح أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، الدكتور إيهاب الدسوقي، إن للتحرش الجنسي العديد من الأضرار الاقتصادية، وتنقسم تلك الأضرار إلى أضرار محلية وأخرى خارجية.
ومن الأضرار الداخلية للتحرش، انخفاض نسبة النساء العاملات في المجتمع المصري خلال الثلاث سنوات الماضية بنسبة 2.5%. حيث كان إجمالي النساء العاملات 25% فأصبح 22.5%، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التابع لمجلس الوزراء.

تصميم خالد الذيب


ويشرح الدسوقي لـ "العربي الجديد"، أن التحرش الجنسي يساعد في تعزيز الاقتصاد غير الرسمي الذي لا تستفيد منه الدولة بأي صورة، بل أنه ينافس الاقتصاد الرسمي. حيث يؤدي التحرش إلى اتجاه الغالبية العظمى من النساء للعمل في المنازل بأعمال الحياكة وتجهيز الأطعمة (...) أو في الورش والمصالح القريبة من المنزل إن وجدت، والتي يمكن أن تصنف من ضمن الاقتصاد الموازي.
ولا يمكن التغاضي عن تأثير التحرش على معدل إنتاجية المرأة. حيث تنتابها حالات فقدان ثقة واكتئاب وإحساس بالضعف يؤثر سلباً على قدرتها الإنتاجية، وفق ما يقول الدسوقي.
وعن تأثير التحرش على مصر خارجياً، يقول الدسوقي، إن التحرش كان سبباً أساسياً لإحجام العديد من الدول عن رفع إسم مصر عن قائمة الدول المحظور السفر إليها. فقد قال وزير السياحة المصري هشام زعزوع، منذ أشهر، إن التحرش بالسائحات أدى إلى حظر 15 دولة أوروبية سفر رعاياها إلى مصر. وتصل المشكلة، وفق الدسوقي، إلى ابتعاد المستثمرين الأجانب عن السوق المصرية، لارتباط التحرش الجنسي بمدى توافر البيئة الآمنة للاستثمار.
وتقول سكرتيرة اتحاد نقابات عمال مصر لشؤون المرأة، سحر عثمان، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن ‏الاتحاد أجرى دراسة أخيراً أكدت على أن 46% من النساء العاملات تعرضن ‏لتحرش لفظي، مقابل 22% تعرضن لتحرش بدني ولفظي معاً.
وتعتبر عثمان، أن ظاهرة التحرش الجنسي بالمرأة ستؤدي إلى مزيد من ‏البطالة في صفوف النساء. وتقول: "نسبة البطالة لدى النساء هي الآن أربعة أضعاف ‏النسبة في صفوف الذكور، ومن المتوقع أن تشهد زيادة خلال الفترة القادمة".



أما عن الأسباب التي ستؤدي الى ارتفاع نسبة البطالة لدى هذه الفئة، فتلفت عثمان إلى "تدني الظروف الاقتصادية للمرأة، وارتفاع الأسعار، واضطرار الغالبية العظمى من النساء إلى الرضوخ أمام تحرش أصحاب الأعمال. إلا أن السكوت يؤدي الى التمادي في التحرش، ما سيدفع عدداً كبيراً من النساء إلى ترك اعمالهن خلال السنوات المقبلة".
وتتابع عثمان "هذا المسار سيعني حرمان المجتمع من العديد من المهن التي تبرز فيها أهمية النساء، مثل مهنة التمريض وغيرها". أما المشكلة الكبرى، فيمكن قراءتها من خلال الأرقام الإحصائية التي تشير إلى أن 33% من الأسر المصرية تعولها النساء، نظراً لمرض الزوج أو وفاته أو الطلاق. ما يعني، وفق عثمان، إن ترك النساء للعمل خوفاً من التحرش سيؤدي حتماً إلى مزيد من الفقر والجهل والبطالة وعمالة الأطفال.
تقول سلوى علي، وهي إحدى ضحايا التحرش الجنسي وناشطة ضمن مبادرة " وقف التحرش"، إن التحرش الجنسي يعود بصورة أساسية إلى نظرة الدولة المصرية للمرأة. وتشرح في حديث مع "العربي الجديد"، أن وزير التنمية المحلية قال أخيراً، إن عملية تعيين المحافظين المقبلة، لن تشهد مشاركة تذكر للمرأة، إلا في مناصب فنية. وتقول علي "لا بل أن ظاهرة التحرش في مصر بدأت برعاية قوات الأمن ضد الناشطات السياسيات، فاعتدت قوات الأمن عليهن بالضرب والتحرش في الشارع أمام جموع المواطنين، مما مهد الطريق أمام الجميع لانتهاك جسد النساء".
وتستكمل الناشطة في مبادرة "وقف التحرش"، بأن قوانين العمل المصرية تمنح رجال الأعمال سلطة مطلقة في التعامل مع العاملين سواء أكانوا ذكوراً او إناثاً، وهو واقع يدفع بالآلاف من النساء إلى قبول التحرش خوفاً من ضياع مصدر الدخل.
وتذكر علي أن تقريراً أعدته مبادرة "فؤادة واتش" (إحدى المبادرات في مناهضة التحرش)عن تمثيل المرأة السياسي في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بيّن أن "أول تشكيل للحكومة في عهد السيسي لم تحصل المرأة فيه إلا على نسبة لا تتخطى الـ 12 % من المناصب. حيث لم تتول المرأة سوى أربع حقائب وزارية منها وزارة التعاون الدولي، والعمل".

دلالات
المساهمون