التحالف الدولي يعيد "النصرة" إلى حظيرة "داعش"

20 أكتوبر 2014
تكفّر "النصرة" كل من يخالفها وتقصيه (رامي السيد/فرانس برس)
+ الخط -

منذ بدء التحالف الدولي ضرباته الجويّة في سورية، ووضعه "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش)، في سلّة واحدة كتنظيمين إرهابيين، واستهدافه مقرات الجبهة بالتزامن مع استهدافه مواقع التنظيم، بدأت "النصرة" باتباع سلوك مشابه لسلوك "داعش"، سواء لناحية التعاطي مع فصائل المعارضة المسلحة وفرزها بين فصائل مؤمنة وأخرى كافرة، أو لناحية التشدّد في التعاطي مع المدنيين، في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

يأتي في هذا السياق هجوم عناصر الجبهة، أول من أمس، على مواقع تابعة لحركة "حزم" في محيط مدينة الدانا، شمالي سورية، وسيطرتهم على عدد من حواجز الحركة بعد اشتباكات عنيفة دارت بين الجانبين، بذريعة أن عناصر الحركة هم "ثلّة من الحرامية وقطّاع الطرق". وسبق الاشتباكات تفجير مقرات للحركة في مدينة سراقب، سقط على إثرها عشرة قتلى، وتفجيرات لمقرات "جبهة ثوار سورية" في جبل الزاوية بريف إدلب، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها.

ويبدو أن "جبهة النصرة" تحاول السيطرة على مدينة الدانا، بعد الحديث عن منطقة عازلة أو منطقة حظر جوي شمالي سورية، قد تكون المدينة جزءاً منها، ما يجعل السيطرة عليها نقطة قوّة لصالح الجبهة. كما أنّ سيطرتها على المدينة تتيح لها الفرصة لإنهاء تواجد فصائل المعارضة، التي تم اختيارها لتشكيل نواة القوّة المعتدلة تمهيداً لتأهيلها لمحاربة "داعش".

وكان هجوم "النصرة" على مواقع حركة "حزم" في محيط مدينة الدانا، قد تزامن مع تسريب معلومات تشير إلى اشتراك عناصر "حزم" في الدورات التدريبية التي تقيمها الولايات المتحدة الأميركية في السعودية، من أجل تأهيل القوى المعتدلة.

وتشكّل مدينة الدانا أولى الإمارات التي أعلنها تنظيم "داعش" شمال سورية، قبل طرده من محافظتي إدلب وحماة، بداية العام الحالي، واشترط "داعش" حينها أن يُخلي مقراته من دون قتال، في حال كان الإخلاء لصالح "جبهة النصرة" التي كانت تحاربه في ذلك الوقت. وبالفعل حصل اتفاق بين الجبهة والتنظيم، استلمت بموجبه "النصرة" كلّ مقرات التنظيم في المدينة، آخر معاقلها في محافظة إدلب، الأمر الذي يجعلها تعتبر نفسها الوريث الشرعي لـ "داعش" في السيطرة على المدينة.

وتستغلّ "جبهة النصرة" ردود الفعل المتعاطفة معها إثر ضربات التحالف لمواقعها، سواء من قبل الفصائل المسلّحة الإسلاميّة أو ردود الفعل الشعبية، للعب دور أكثر صرامة في تطبيق إيديولوجيتها المتطابقة إلى حد كبير مع إيديولوجيا "داعش"، والقائمة على إقصاء وتكفير كل من يخالفها، وتحريض الرأي العام ضده، واستخدام القوة في إقصائه، إن لزم الأمر، بعد أن شهدت الفترة اللاحقة لطرد "داعش" من محافظة إدلب، تناغماً كبيراً بين "النصرة" وباقي فصائل المعارضة، كما شهدت ابتعاداً للجبهة عن التدخّل في شؤون سكان المناطق التي تتواجد مقراتها فيها.

وفي حال تمكنت "جبهة النصرة" من السيطرة على الدانا، فإنّها ستكون المدينة الأولى التي تتمكّن من السيطرة عليها منفردة، إذ لم يسبق لها إعلان السيطرة على منطقة بكاملها، وغالباً ما تتواجد فصائلها على جبهات القتال وأطراف المدن، وضمن حواجز على الطرقات الهامة، فيما تتواجد مقراتها داخل المدن والبلدات إلى جانب مقرات لفصائل أخرى. وتشكّل "النصرة" في بعض المدن والبلدات جزءاً من الهيئات الشرعية فيها، من دون أن تكون هي القوة الأكثر تأثيراً.

ويرى الكثير من المراقبين أنّ سياسة قوات التحالف الدولي تجاه "جبهة النصرة"، قد دفعتها باتجاه أخذ مواقف أكثر تشدداً وقرباً من "داعش"، في وقت كانت تسعى فيه إلى حذف اسمها من لائحة الإرهاب. وقد اتخذت العديد من المبادرات في هذا الشأن، كان آخرها إطلاق سراح جنود قوات الفصل الدولية "الأندوف"، التابعين للأمم المتحدة والذين احتجزتهم في محافظة القنيطرة، حين أطلقت سراحهم كبادرة حسن نيّة تجاه الأمم المتحدة والولايات المتحدة، من أجل الظهور بمظهر التنظيم المختلف عن "داعش" والقابل للتفاوض.

المساهمون