التجارة الإلكترونية تجتاح سوق الموسيقى

26 نوفمبر 2014
غالبية الفنانين يتركون الأقراص المدمجة نحو سوق الإنترنت (getty)
+ الخط -
التجارة الإلكترونية أصبحت كالنّار في الحقل. فهي تشهد نمواً متواصلاً، خاصة فيما يتعلق بالسوق الموسيقية. فقد بدأت السوق الموسيقية التقليدية بالانهيار مع انتشار الأقراص المنسوخة. إلى أن تسارع الانهيار، بعد أن بدأت تنشط المواقع الإلكترونية التي تقدّم الموسيقى مجاناً مثل بعض القنوات على مواقع الإنترنت كـ"ساوند كلاود" و"يوتيوب"، محققة نسبة تصل إلى أكثر من 80% من القيمة الإجمالية للأرباح.

ويعتمد العديد من الفنانين على تسويق منتجاتهم الفنية عبر مواقع الإنترنت. يشير مغنّي الراب اللبناني مازن السيد (الملقب بـ "الراس") إلى أنه يعتمد طريقتين في البيع: الأولى افتراضية، وهي الـ"أونلاين". والثانية مادية من خلال الأقراص المدمجة (CD). ويقول السيد لـ"العربي الجديد": "في مايو/أيار الماضي طبعت 1000 نسخة من ألبومي الأخير، بقي منه 30% تقريباً. فيما لا تزال نسب البيع في الـ"أونلاين" سارية من خلال موقع "باند كامب".
ويشير إلى أن الأمر الإيجابيّ في البيع الإلكتروني أنه يبقى مدى العمر، فلا تاريخ محددا لنفاد الكمية. ربما هناك أمر سلبي واحد فقط في لبنان، أن خاصية الدفع الخاصة غير متوافرة هنا. إلا أن الأمر طبيعي في كل العالم، حيث تقوم خاصية الدفع الإلكتروني "باي بال" بخصم ما يعادل الدولار الأميركي الواحد فقط مقابل خدمته في مبيع الألبوم.
ويشرح السيد إلى أنه طرح ألبومه بمبلغ 13 دولاراً أميركياً، إلا أن الكثير من الناس دفعوا مبالغ أكبر على الإنترنت، فقد وصلت المبالغ المدفوعة إلى ما يقارب 100 دولار أميركي للألبوم. منوهاً إلى ضرورة "دعم ثقافة الشراء عبر الإنترنت في العالم العربي، لأنها ديناميكيّة أكثر من البيع المادي ومربحة أكثر".

سوق على حساب سوق

لم يعد من مكان للتجارة التقليدية في السوق التجارية الخاصة بالموسيقى. الـ"أونلاين" استحوذ على السوق بكلفة أقل وربح أكبر. حتى بدأ فنانون بإطلاق أغانيهم المنفردة من دون أي مقابل.
ويؤكد الملحن والمنتج المنفذ طارق أبوجودة: "أن 70% من المبيعات الخاصة بألبومات المطربة اللبنانية يارا، على سبيل المثال، تتم عبر الإنترنت، فيما النسبة الباقية تأتي من خلال البيع المادي للأقراص المدمجة. فالأقراص أصبحت مجرد "بريستيج" (هيبة)".
ومن الخطط الإعلانية والتجارية التي يعتمدها الفنانون المستقلون: إنشاء عقود مع مواقع التواصل الاجتماعي. بحيث تعتمد على مشاركة الأرباح فيما بينها بحسب عدد المشاهدات التي تحصل عليها من خلال فيديو أو إعلان.

وأشهر هذه العقود تقام مع موقع "يوتيوب"؛ إذ يقوم هذا الموقع بتسويق بعض الإعلانات على قنوات خاصة بالفنانين أو المطربين، كما يفعل مثلا المطرب راغب علامة.
ويقول مدير شركة "باك ستايج"، خضر علامة، صاحب الشركة المنتجة لأعمال راغب علامة، لـ"العربي الجديد" أن "80% من مبيعاتنا أصبحت إلكترونية، و20% عبر الأقراص المدمجة. ونحن نبيع إلكترونياً من خلال "يوتيوب" وتطبيقات على الهواتف الذكية مثل "أنغامي".

ويشرح علامة أن "نتيجة البيع الإلكتروني أفضل بكثير من البيع المادي عبر الأقراص. يمكن القول إن الأمور انقلبت رأساً على عقب، في 2004 كانت المعادلة معكوسة، إذ كانت 90% من الأرباح تأتي من خلال الأقراص و10% فقط عبر الـ"أونلاين". وأعتقد أنه سيأتي وقت وتختفي الأقراص المدمجة من السوق، كما اختفى الكاسيت سابقاً.

وفي ظل هذه الموجة الجديدة من المبيعات الإلكترونية، بدأ الإنتاج الفني الفردي في التوسع. وبحسب مازن السيد، فإن الإنتاج الفردي أهم من التوقيع مع شركة منتجة "إذ إنه يسمح للفنان بالغوص في كافة التفاصيل التجارية". ويقول: "الإنتاج الفردي يجعل الفنان يتحكم في المنتج الخاص به كما يحلو له، من دون أيّ احتكار، بالإضافة إلى أنه يفسح المجال أمام الشخص لكي يتواصل مباشرة مع الجمهور".

إلا أنه لا يمكن الاعتماد على هذه الطريقة لجني الأرباح؛ إذ يفيد السيد بأن الحفلات هي الداعم الأكبر لأي شخص يعمل في المجال الفني. ويتابع "ما نجنيه من بيع الأونلاين كاف لتكاليف رأس المال الخاص بالمشروع ليس إلا، أما الأرباح التي تأتي من الحفلات والمهرجانات التي نشارك فيها، فهي الأكبر".

في المقابل، تشير شركة "أنغامي" إلى أنها تعتمد بيع خدمة خاصة بسماع الأغاني عبر التطبيق على الهواتف الذكية. وتقول مصادر من الشركة لـ"العربي الجديد": "نبيع الخدمة مقابل فترة زمنية محددة تتيح للمستخدم أن يقوم بتنزيل جميع الأغاني التي يريدها. ونقدم له الأغاني الجديدة حصرياً على التطبيق قبل أن يتم توزيعها على القنوات الإذاعية والتلفزيون أو على أي موقع إلكترونيّ آخر". وتتابع "خلال سنتين من العمل المتواصل استطعنا جمع 6 ملايين مستخدم. إذ إن خدماتنا ليست حصرية للمستخدم فقط، لا بل هي أيضاً للفنان أو الفنانة. إذ كل من يتفق معنا على طرح ألبومه بشكل حصريّ أو ضمن شروط معينة، يشاركنا الأرباح بحسب عدد الزيارات الخاصة بالأغنيّة أو الألبوم. يمكن القول إننا نتقاسم الربح بالتساوي تقريباً".
المساهمون