27 يونيو 2019
التاريخ والربيع العربي
بشار طافش (الأردن)
يعتقد أن يتغير كل من علم الإجتماع وعلم السلوك وعلم تطور الإنسان، إذ من غير المعقول أن ندخل عصر الحكمة الذي بات على الأبواب مطلع العقد المقبل، وأن تبقى هذه النظريات والعلوم على حالها مع كل هذه التغيرات الهائلة على مستوى البشرية.
الأوْلى أن ندرك أن الإنسان سيتغير أيضا، وخصوصا الإنسان العربي، والإنسان الغربي سيتغير أيضا. لكن مع تطوره الفكري والمادي بمراحل على العربي، سنلحظ فيما بعد أن تغيره سيكون طفيفا إلى حد ما. أما ذاك الإنسان الذي تجمدت أحواله الفكرية والمادية منذ عقود سيظهر عليه ملامح التغيّر أكثر بكثير.
السلطويون العرب والمستبدون والخونة.. هم الأولى بإدراك ذلك، نعتذر بشدة على جمع تلك الصفات بجملة واحدة مع السلطويين، فقد ترسخ في أذهاننا منذ عقود أن السلطوي العربي بالضرورة هو ديكتاتور وأناني وخائن لشعبه وأمته ودينه.. نعم هم أولى من يجب عليه أن يدرك أن الإنسان العربي القديم لن يكون له وجود في المستقبل القريب، بل القريب جداً، وهنا قد نكون نخاطب أيضا ليس أشخاصا بعينهم، بقدر ما نخاطب أنظمة عميقة تأبى إلا أن تبقى جاثمةً على صدر الأمة ومقدراتها وحريتها وتطورها.
حلَّ الربيع العربي أخيرا نتيجة متوقعة وردة فعل طبيعية من شعوب عانت من اضطهاد وظلم وفقر وتخلف، هي أمراض تخلصت منها شعوب الغرب (شعوب الحداثة) منذ قرنين، إلا أن الأنظمة الديكتاتورية العربية العميقة أبت إلا أن تحوله من ربيع إلى عاصفة رملية، وكأنها في قلب صحراء الربع الخالي، والآن ندرك أكثر من أي وقت مضى أنّ القضاء على مشكلات الأمة من أنظمة فاسدة عفنة ومجرمة ليس من خلال جولة واحدة، بل ستكون هناك سجالات بين الخير والشر، الظلم والعدل، الحرية والقهر، وعمليات مخاض عسيرة يتخلّلها تغيُّر للعقلية الجمعية للشعوب العربية وتطور في نظرتها إلى السلطة والسلطويين والموظف العام وفهم واضح وعميق لمفهوم العَقد الاجتماعي، والتنبه أخيراً إلى الحفاظ على مكتسبات الأمة من الحرية والعيش الكريم كأمر مقدس.
في هذه الحال سيتمنّى أصحاب السلطات العربية، الذين كانوا على رأس تلك الأنظمة بأنهم ماتوا موتاً طبيعياً قبل أن يصلوا إلى هذه المرحلة، وهم يدركون ساعتها أنهم كانوا مخطئين، حين اعتقدوا أنّ لا تغيير قد يحدث يوما، سيدركون خطأهم الجسيم جيدا، وهم يقفون أمام حبل المشنقة على منصة الإعدام، وهي تزج أسماءهم في مزبلة التاريخ.
واهم من لا يؤمن بالتغيير، وواهم أيضا من لا يؤمن بانتهاء تلك الحقبة العربية المظلمة، وكيف لا يؤمن وها هي أجيال ممن تربوا على الذل والخنوع وعبادة أحذية العسكر ومداسات زبانية السلطويين انتهت تقريبا، ومن بقي منها لامس عمره اليوم الثمانين سنة، سينتهي هذا النوع الرديء من الإنسان العربي بشكل طبيعي، وبحكم الموت قبل أن ينتهي فكريا وإيديولوجيا، وهذه بشرى لكل الشعوب التي عانت وتعاني جراء خذلان تلك الأجيال لها.
قريباً جداً يعود الربيع العربي بكل قوة هذه المرة، وسيتعلم الجيل الذي سيثور من أخطاء الأوائل. لكن سيكون هذا عندما يُدفن آخر إنسان عربي رديء، حتى ولو كان متعلماً أو مثقفاً فهو من عصر الرداءة وعصر الخنوع، وستدُرِّس العصور العربية المظلمة تاريخا يجب أن نتعلم منه، وعندها لن يذكر التاريخ أشخاصا بعينهم، بل ستتم الإشارة إليهم ضمن تلك الأنظمة الظلامية العفنة التي انتهت بشكل مخزٍ، كما نشاهد اليوم وشاهدنا نهاية سلطويين عرب رحلوا بطرق عنيفة عن عالمنا (صدام حسين ومعمر القذافي)؟
الأوْلى أن ندرك أن الإنسان سيتغير أيضا، وخصوصا الإنسان العربي، والإنسان الغربي سيتغير أيضا. لكن مع تطوره الفكري والمادي بمراحل على العربي، سنلحظ فيما بعد أن تغيره سيكون طفيفا إلى حد ما. أما ذاك الإنسان الذي تجمدت أحواله الفكرية والمادية منذ عقود سيظهر عليه ملامح التغيّر أكثر بكثير.
السلطويون العرب والمستبدون والخونة.. هم الأولى بإدراك ذلك، نعتذر بشدة على جمع تلك الصفات بجملة واحدة مع السلطويين، فقد ترسخ في أذهاننا منذ عقود أن السلطوي العربي بالضرورة هو ديكتاتور وأناني وخائن لشعبه وأمته ودينه.. نعم هم أولى من يجب عليه أن يدرك أن الإنسان العربي القديم لن يكون له وجود في المستقبل القريب، بل القريب جداً، وهنا قد نكون نخاطب أيضا ليس أشخاصا بعينهم، بقدر ما نخاطب أنظمة عميقة تأبى إلا أن تبقى جاثمةً على صدر الأمة ومقدراتها وحريتها وتطورها.
حلَّ الربيع العربي أخيرا نتيجة متوقعة وردة فعل طبيعية من شعوب عانت من اضطهاد وظلم وفقر وتخلف، هي أمراض تخلصت منها شعوب الغرب (شعوب الحداثة) منذ قرنين، إلا أن الأنظمة الديكتاتورية العربية العميقة أبت إلا أن تحوله من ربيع إلى عاصفة رملية، وكأنها في قلب صحراء الربع الخالي، والآن ندرك أكثر من أي وقت مضى أنّ القضاء على مشكلات الأمة من أنظمة فاسدة عفنة ومجرمة ليس من خلال جولة واحدة، بل ستكون هناك سجالات بين الخير والشر، الظلم والعدل، الحرية والقهر، وعمليات مخاض عسيرة يتخلّلها تغيُّر للعقلية الجمعية للشعوب العربية وتطور في نظرتها إلى السلطة والسلطويين والموظف العام وفهم واضح وعميق لمفهوم العَقد الاجتماعي، والتنبه أخيراً إلى الحفاظ على مكتسبات الأمة من الحرية والعيش الكريم كأمر مقدس.
في هذه الحال سيتمنّى أصحاب السلطات العربية، الذين كانوا على رأس تلك الأنظمة بأنهم ماتوا موتاً طبيعياً قبل أن يصلوا إلى هذه المرحلة، وهم يدركون ساعتها أنهم كانوا مخطئين، حين اعتقدوا أنّ لا تغيير قد يحدث يوما، سيدركون خطأهم الجسيم جيدا، وهم يقفون أمام حبل المشنقة على منصة الإعدام، وهي تزج أسماءهم في مزبلة التاريخ.
واهم من لا يؤمن بالتغيير، وواهم أيضا من لا يؤمن بانتهاء تلك الحقبة العربية المظلمة، وكيف لا يؤمن وها هي أجيال ممن تربوا على الذل والخنوع وعبادة أحذية العسكر ومداسات زبانية السلطويين انتهت تقريبا، ومن بقي منها لامس عمره اليوم الثمانين سنة، سينتهي هذا النوع الرديء من الإنسان العربي بشكل طبيعي، وبحكم الموت قبل أن ينتهي فكريا وإيديولوجيا، وهذه بشرى لكل الشعوب التي عانت وتعاني جراء خذلان تلك الأجيال لها.
قريباً جداً يعود الربيع العربي بكل قوة هذه المرة، وسيتعلم الجيل الذي سيثور من أخطاء الأوائل. لكن سيكون هذا عندما يُدفن آخر إنسان عربي رديء، حتى ولو كان متعلماً أو مثقفاً فهو من عصر الرداءة وعصر الخنوع، وستدُرِّس العصور العربية المظلمة تاريخا يجب أن نتعلم منه، وعندها لن يذكر التاريخ أشخاصا بعينهم، بل ستتم الإشارة إليهم ضمن تلك الأنظمة الظلامية العفنة التي انتهت بشكل مخزٍ، كما نشاهد اليوم وشاهدنا نهاية سلطويين عرب رحلوا بطرق عنيفة عن عالمنا (صدام حسين ومعمر القذافي)؟