وأضاف البنك الدولي، في تقرير حديث بعنوان "آفاق اقتصادية"، أن إطار الاقتصاد الكلي غير مستقر، إذ يتسم بتضخّم قياسي غير مسبوق وعجز مالي مزدوج لا يمكنه الاستمرار، يحركه ارتفاع المصروفات في الموازنة.
ولفت إلى أن تناقص المدخرات يشكّل ضغطاً على احتياطيات النقد الأجنبي، كذلك لا يزال الدينار الليبي يفقد قيمته في الأسواق الموازية، داعياً إلى تطبيق إصلاحات من أجل تحقيق النمو وخلق فرص عمل.
وأوضح أن "ارتفاع معدل التضخم مع ضعف تقديم الخدمات الأساسية ساهم في زيادة معدلات الفقر وتفاقُم الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي. كما سارع معدل التضخم في تفاقم متاعب السكان، إذ واصلت أسعار كل السلع الأساسية ارتفاعها، مدفوعة في الأساس بالنقص الحاد في سلاسل إمدادات السلع الأساسية الرئيسية، والمضاربة في السوق السوداء التي تزداد توسعاً، والانخفاض الشديد في قيمة الدينار الليبي بالأسواق الموازية. وسجَّل معدل التضخم مستوى قياسياً نسبته 28.4% في عام 2017 بعد أن بلغ 25.9% عام 2016.
ولفت التقرير إلى أن من المتوقع أن يتعافى النمو ليبلغ نحو 15% في عام 2018، وأن يصل في المتوسط إلى 7.6% في 2019 - 2020.
كذلك سيتحسَّن ميزان المالية العامة وميزان الحساب الجاري بدرجة ملموسة، إذ تشهد الموازنة العامة للدولة وميزان الحساب الجاري تحقيق فوائض من عام 2020 فصاعداً.
وستبدأ احتياطيات النقد الأجنبي في الزيادة بحلول عام 2020، وستبلغ في المتوسط نحو 72.5 مليار دولار في الفترة 2018-2020، أي ما يعادل تكاليف واردات 27.5 شهراً.
وقال التقرير إن المنظور الاقتصادي والاجتماعي للمستقبل يفترض إيجاد حل للصراع السياسي وضمان استقرار الاقتصاد الكلي والشروع في برنامج شامل لإعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا السياق، يُتوقع لإنتاج النفط أن يزيد بشكل مطرد ليصل إلى أقصى إمكاناته (نحو 1.5 مليون برميل يومياً) بحلول عام 2020، وهو الوقت اللازم لإصلاح البنية التحتية لصناعة النفط التي تضررت بشدة.
وتطرق التقرير إلى أنه على الرغم من العائدات النفطية فإن المالية العامة ظلت تحت الضغط بسبب زيادة وجمود المصروفات الجارية بفعل دوافع سياسية، وتضاعفت إيرادات الموازنة لثلاثة أمثالها عام 2017، وبنسبة تصل إلى 31.8% من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي، مقارنة بعام 2016، غير أن هذه الإيرادات لم تكن تكفي حتى لتغطية أجور الموظفين العموميين.
وبلغ إجمالي العجز في الموازنة العامة مند يونيو/ حزيران 2013 وحتى يونيو/ حزيران 2017 نحو 80 مليار دينار ليبي (نحو 60.2 مليار دولار). وزاد الدين المحلي زيادة سريعة حتى وصل إلى 59 مليار دينار (نحو 44.4 مليار دولار) عام 2017، ارتفاعاً من مليار دينار في 2010.
ما زال ميزان المدفوعات يعاني من المعوقات السياسية لإنتاج النفط وتصديره وزيادة الواردات بفعل زيادة معدلات الاستهلاك. وتمكنت ليبيا من تحقيق زيادة ملموسة في صادرات النفط عام 2017، بحسب التقرير، ليصل إلى 0.7 مليون برميل يومياً، لكنها لا تزال عند نصف إمكاناتها الحقيقية.
وظل العجز في ميزان الحساب الجاري مرتفعاً عند نحو 9.4% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وتم تمويل العجز بالكامل من التدفقات المالية الأجنبية.