لطالما أثارت تقارير البنك الدولي جدلاً واسعاً حول تقييمه لأداء الدول. خاصة أن عدداً من الدراسات والبيانات التي ينشرها يفتقد إلى العناصر الواقعية التي تطال خصوصية كل دولة. إلا أن ما يثير الدهشة فعلاً، هو التقرير الأخير الذي أصدره، وبدا متفائلاً حيال اقتصاد سورية المنحدر. حيث أشار البنك الدولي إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في سورية سيصل إلى 1.8 % في عام 2014 "مدفوعاً بتكيّف الاقتصاد على الوضع الحالي للبلاد، بالإضافة إلى هجرة كبيرة للشركات إلى المناطق الساحلية الأكثر استقرارا، بما في ذلك المنطقة الصناعية قرب ميناء طرطوس"... فهل نمو اقتصاد منطقة في سورية يحقق النمو الإجمالي لدولة تعيش حالة حرب؟!
تقرير عحيب
ويأتي هذا التقرير "العجيب"، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة السورية شق طريقها بصعوبة وسط الدمار، وهي تروج لبداية عهد "الانتعاش الاقتصادي" في البلاد بعد دحر "المؤامرة الكونية".
وبحسب تقديرات "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا" (الإسكوا)، تقدر تكلفة الخسائر في حال استمرار الصراع إلى العام المقبل بنحو 237 مليار دولار أميركي. بينها 17 ملياراً من الناتج المحلي الذي كان 60 ملياراً قبل اندلاع الثورة. فيما ستصل نسب الفقر في سورية إلى 90%.
فقد اعتاد البنك وصندوق النقد الدوليان، المبالغة في توقعات النمو الاقتصادي في الدول العربية. لدرجة أن أرقام النمو تبقى حبيسة الجداول، دون أن تنعكس في شوارع البلدان العربية وعلى وجوه قاطنيها. وإن كان من الممكن تفهم تفاؤل التقارير الدولية قبل اندلاع الثورات العربية، ففي أي سياق يمكن وضع التفاؤل الحالي فيما يتعلق بالنمو في سورية؟
يعتقد الخبير الاقتصادي الدكتور سمير سعيفان أن "صندوق النقد والبنك الدوليين وما يشابههما، ليست منظمات اقتصادية أو مالية بحتة، بل هي منظمات سياسية كذلك".
ويشرح لـ "العربي الجديد": "تراجع حجم اقتصاد سورية من 60 مليار دولار في عام 2010 إلى ما يقارب 25 مليار دولار اليوم. وبالتالي فلا قيمة حقيقية لارتفاعه بنسبة 1.8% كما يشير البنك الدولي، إذ ستبقى قيمته ومستوى معيشة الناس في الحضيض".
ويتابع:" ليس مهماً أن تتراجع نسبة الفقر 1% بعد أن ارتفعت من نحو 11% قبل اندلاع الثورة إلى 75%، فحينها ستصبح 74 % ولا فرق إذاً". ويتساءل سعيفان :"لا أعلم من أين جاء البنك الدولي بإحصاءات عن دير الزور أو الرقة أو إدلب أو درعا أو البادية، فيما يتعلق بالمؤشرات الاقتصادية والمعيشية".
فيما يتساءل الباحث الاقتصادي السوري محمد أبو حجر عن "مؤشر النمو المستخدم من قبل البنك الدولي، وهل تم الأخذ بالاعتبار انخفاض سعر الصرف، وارتفاع معدلات التضخم، وضخ كميات كبيرة من النقود؟". ويقول أبو حجر لـ "العربي الجديد": "لايمكن دراسة النمو الاقتصادي في ظل غياب دراسة المؤشرات الاجتماعية، فدراسة معدل النمو الاقتصادي لا تتعلق فقط بتوزيع الدخل أو حصة الفرد من الدخل القومي على الإطلاق. إذ من الممكن أن يكون معدل النمو الاقتصادي مرتفعاً جداً مع وجود 50% من السكان تحت خطر الفقر".
يحاول النظام السوري عزل المدن التي يسيطر عليها عن بقية المناطق التي تشهد عمليات عسكرية. وهو يدعي إنشاء استثمارات خلال العام الحالي ستشكل أساساً للنمو الاقتصادي الذي يتحدث عنه البنك الدولي.
ويعتقد سعيفان أن بعض المناطق السورية تشهد بالفعل نمواً على حساب مأساة مناطق أخرى. إذ تشهد "منطقة الساحل السوري المستقرة نزوحاً لرؤوس الأموال والأعمال الصغيرة والمتوسطة نحوها". ووفق سعيفان لا يمكن الحديث عن نمو مستدام قبل أن تضع الحرب أوزارها. ويضيف سعيفان: "إن كنا سنصر على لغة الأرقام، يمكن القول إن مناطق داعش أيضاً تشهد ازدهار الأعمال الصغيرة وارتفاع أسعار العقارات".
ويستذكر سعيفان كيف كان البنك الدولي يشيد بخطوات "اللبرلة الاقتصادية المتصاعدة" التي انتهجها النظام السوري قبل اندلاع الثورة، من دون أن يكترث بالآثار الاجتماعية التي اعتبرها بمثابة "تكلفة" لا بد من دفعها.
ويشير سعيفان إلى أن "النظام السوري اهتم بتصريحات البنك الدولي وتقاريره، أكثر بكثير من الاكتراث بالتقارير الاقتصادية التي تتحدث عن تزايد الفساد، وتدهور قطاعات اقتصادية، وإفلاس عشرات آلاف من المنشآت الصغيرة، وضعف كفاءة الإدارة الحكومية وفسادها، وتزايد الفقر والبطالة، والهجرة الواسعة الداخلية والخارجية".
تقرير عحيب
ويأتي هذا التقرير "العجيب"، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة السورية شق طريقها بصعوبة وسط الدمار، وهي تروج لبداية عهد "الانتعاش الاقتصادي" في البلاد بعد دحر "المؤامرة الكونية".
وبحسب تقديرات "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا" (الإسكوا)، تقدر تكلفة الخسائر في حال استمرار الصراع إلى العام المقبل بنحو 237 مليار دولار أميركي. بينها 17 ملياراً من الناتج المحلي الذي كان 60 ملياراً قبل اندلاع الثورة. فيما ستصل نسب الفقر في سورية إلى 90%.
فقد اعتاد البنك وصندوق النقد الدوليان، المبالغة في توقعات النمو الاقتصادي في الدول العربية. لدرجة أن أرقام النمو تبقى حبيسة الجداول، دون أن تنعكس في شوارع البلدان العربية وعلى وجوه قاطنيها. وإن كان من الممكن تفهم تفاؤل التقارير الدولية قبل اندلاع الثورات العربية، ففي أي سياق يمكن وضع التفاؤل الحالي فيما يتعلق بالنمو في سورية؟
يعتقد الخبير الاقتصادي الدكتور سمير سعيفان أن "صندوق النقد والبنك الدوليين وما يشابههما، ليست منظمات اقتصادية أو مالية بحتة، بل هي منظمات سياسية كذلك".
ويشرح لـ "العربي الجديد": "تراجع حجم اقتصاد سورية من 60 مليار دولار في عام 2010 إلى ما يقارب 25 مليار دولار اليوم. وبالتالي فلا قيمة حقيقية لارتفاعه بنسبة 1.8% كما يشير البنك الدولي، إذ ستبقى قيمته ومستوى معيشة الناس في الحضيض".
ويتابع:" ليس مهماً أن تتراجع نسبة الفقر 1% بعد أن ارتفعت من نحو 11% قبل اندلاع الثورة إلى 75%، فحينها ستصبح 74 % ولا فرق إذاً". ويتساءل سعيفان :"لا أعلم من أين جاء البنك الدولي بإحصاءات عن دير الزور أو الرقة أو إدلب أو درعا أو البادية، فيما يتعلق بالمؤشرات الاقتصادية والمعيشية".
فيما يتساءل الباحث الاقتصادي السوري محمد أبو حجر عن "مؤشر النمو المستخدم من قبل البنك الدولي، وهل تم الأخذ بالاعتبار انخفاض سعر الصرف، وارتفاع معدلات التضخم، وضخ كميات كبيرة من النقود؟". ويقول أبو حجر لـ "العربي الجديد": "لايمكن دراسة النمو الاقتصادي في ظل غياب دراسة المؤشرات الاجتماعية، فدراسة معدل النمو الاقتصادي لا تتعلق فقط بتوزيع الدخل أو حصة الفرد من الدخل القومي على الإطلاق. إذ من الممكن أن يكون معدل النمو الاقتصادي مرتفعاً جداً مع وجود 50% من السكان تحت خطر الفقر".
يحاول النظام السوري عزل المدن التي يسيطر عليها عن بقية المناطق التي تشهد عمليات عسكرية. وهو يدعي إنشاء استثمارات خلال العام الحالي ستشكل أساساً للنمو الاقتصادي الذي يتحدث عنه البنك الدولي.
ويعتقد سعيفان أن بعض المناطق السورية تشهد بالفعل نمواً على حساب مأساة مناطق أخرى. إذ تشهد "منطقة الساحل السوري المستقرة نزوحاً لرؤوس الأموال والأعمال الصغيرة والمتوسطة نحوها". ووفق سعيفان لا يمكن الحديث عن نمو مستدام قبل أن تضع الحرب أوزارها. ويضيف سعيفان: "إن كنا سنصر على لغة الأرقام، يمكن القول إن مناطق داعش أيضاً تشهد ازدهار الأعمال الصغيرة وارتفاع أسعار العقارات".
ويستذكر سعيفان كيف كان البنك الدولي يشيد بخطوات "اللبرلة الاقتصادية المتصاعدة" التي انتهجها النظام السوري قبل اندلاع الثورة، من دون أن يكترث بالآثار الاجتماعية التي اعتبرها بمثابة "تكلفة" لا بد من دفعها.
ويشير سعيفان إلى أن "النظام السوري اهتم بتصريحات البنك الدولي وتقاريره، أكثر بكثير من الاكتراث بالتقارير الاقتصادية التي تتحدث عن تزايد الفساد، وتدهور قطاعات اقتصادية، وإفلاس عشرات آلاف من المنشآت الصغيرة، وضعف كفاءة الإدارة الحكومية وفسادها، وتزايد الفقر والبطالة، والهجرة الواسعة الداخلية والخارجية".