البطل الشهيد

25 يناير 2017
+ الخط -

 

هو: أجل حقير وسافل.

زميله: أخفض صوتك، للجدران آذان.

وآخرون كانوا نائمين في مهجع التدريب العسكري، الذي ضمهم جميعاً تحت سقف خدمة وطن واحد، لم يكن يدرك أن أحداً ممن حسبهم نائمين، كان مستيقظاً يسترق السمع، وسيكتب في اليوم التالي تقريراً إلى المخابرات العسكرية، بأن فلانًا سبّ البطل الشهيد ابن الزعيم الأكبر.

***

هو فقير ابن فقير، لم تشأ الدنيا أن تمنحه وعديد إخوته أي شيء من نعيمها، ولا حتى نعمة العلم، وخدمته العسكرية في الأصل قَطعٌ لرزقه الشحيح الذي يجنيه من عمل ما هنا أوهناك، وفوق كل ذلك يقع في ورطة لسانه، فيا لتعسه.

***

وقف أمام القاضي العسكري بهيئته المحزنة مُطأطِئ الرأس، دامع العين.

القاضي: هل صحيح أنك سببت البطل الشهيد يا حيوان؟

هو: نعم سيدي.

القاضي: وهل قلت إنه حقير وسافل؟

هو: نعم يا سيدي.

القاضي: ولم وصفته بذلك يا بغل؟

نظر في عين القاضي، رأى موتاً يلوح فأردف مجهشا ببكاء هستيري:

إنه حقير وسافل يا سيدي لأنه مات وتركنا دونما اكتراث لمحبتنا له، من لنا نحن من بعده؟ هو من كان يرعانا، وعليه عقدنا كل آمالنا المقبلة، ماذا سنفعل الآن في حياتنا اليائسة؟ قل لي يا سيدي القاضي.

ضحك القاضي حتى كاد ينقلب عن كرسيه، ثم اعتدل وأمر بإخلاء سبيله.

 

دلالات
CD11BFE7-1DC2-4723-B425-CC22AC92AE85
سمير قنوع

طبيب أطفال سوري لديه اهتمامات فنية وثقافية متنوعة، بالرسم والموسيقا والمسرح، ومحاولات أدبية في مجال الشعر والقصة والرواية وكتابة السيناريو. صدر له ديوانا شعر، "شطآن الفراشات، مراكب العودة" ورواية "أنشودة البرد والحرية" وشارك بمجموعة من المقالات الطبية والأدبية والسياسية في صحف ومواقع الكترونية عربية متعددة، منها موقع صحتك في العربي الجديد، وصحيفة الوطن القطرية. يقول :"الحرية هي الانتماء الوحيد الذي يستحق الدفاع عنه حتى رمق القلم الأخير".

مدونات أخرى