كشفت مفوضية حقوق الإنسان في مدينة البصرة (450 كلم جنوب بغداد) عن تصدّر المدينة قائمة المدن العراقية، في نسب تعاطي وإدمان وترويج وبيع المخدرات.
وذكرت المفوضية، في بيان لها اليوم الإثنين، أن قضية المخدرات في البصرة تحتاج إلى تدخّل واسع من قبل شيوخ العشائر والوجهاء والجهات الصحية والتربوية في المدينة.
ونقل البيان عن مدير مكتب المفوضية في البصرة، مهدي التميمي، قوله "المخدرات تصدّر إلى باقي مدن البلاد من البصرة، وأصبحت تباع وتشترى ويتم تعاطيها، وتحوّلت إلى ظاهرة خطيرة".
وأضاف التميمي أن "قضية المخدرات في البصرة تحتاج إلى تشكيل خلية أزمة بمشاركة الحكومة المحلية والجهات ذات العلاقة، لأن ظاهرة المخدرات لا تقع فقط على عاتق أجهزة الأمن وحدها"، موضحاً أن "من واجب أجهزة الأمن منع تداول وتعاطي وبيع المواد المخدرة، ولا بد من إنشاء مصحات علاجية للمدمنين بهدف تخليصهم من الإدمان".
ولفت التميمي إلى وجود "مصحة واحدة في مستشفى الشفاء بالبصرة، وهي غير مؤهلة أبدا لاستقبال المدمنين، والحل الرئيس للقضاء على ظاهرة الإدمان يكمن في إنشاء وبناء مصحات خاصة لعلاج المتعاطين والمدمنين".
وتعتبر آفة المخدرات أخطر ما يواجهه العراق بعد التردي الأمني منذ عام 2003، إذ بدأت المخدرات بالرواج في المجتمع العراقي مع انفتاح الحدود وحلّ الأجهزة الأمنية والعسكرية من قبل قوات الاحتلال الأميركي آنذاك، فوجد المهربون وتجار المخدرات فرصتهم.
وكشف ضابط رفيع في وزارة الداخلية لـ"العربي الجديد" أن "العراق يغرق في المخدرات، خصوصاً المدن الجنوبية، وأن أعداد المدمنين في تزايد، ويترافق ذلك مع ارتفاع نسبة جرائم السطو المسلح والاغتصاب والقتل العمد".
وذكر أن "إيران أغرقت العراق بالمخدرات عبر الأحزاب والمليشيات التي تدعمها، وتبيع التجار تلك المواد الخطرة بأسعار أقل من سعرها في باقي دول العالم، للسماح لأكبر عدد من العراقيين بتعاطيها وتدمير البلاد".
وتابع "لا تستطيع أجهزة الأمن منع انتشار المخدرات في البلاد أو ملاحقة كبار التجار، لأن أغلبهم من قادة الكتل والأحزاب السياسية وزعماء المليشيات المسلحة، وهم يتاجرون فيها بين العراق وإيران بعلم الحكومة العراقية".
وفي ظل انتشار المخدرات وتحوّلها إلى ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع، ارتفعت في ذات الوقت نسبة جرائم السطو المسلح والاغتصاب والقتل العمد في بغداد ومدن الجنوب. وتشير تقارير وزارة الداخلية، إلى أن 60 في المائة من تلك الجرائم ارتكبها متعاطون للمخدرات.
وأوضح رئيس منظمة مكافحة المخدرات، فرقد الجبوري، أن "كارثة المخدرات المرعبة تجتاح العراق، والإدمان لم يعد يقتصر على الذكور فقط، بل انتقل إلى الإناث، وتبلغ نسبة إدمان الإناث 5 في المائة، بينما تصل بين الذكور إلى 95 في المائة".
وبيّن الجبوري أن "أبرز أنواع المخدرات المنتشرة في العراق هي الحشيش والخشخاش والقنب والكوكايين والكريستال، ومصدرها الرئيسي إيران، فضلاً عن أدوية طبية أخرى أصبحت تحل محل المخدرات مثل الآرتين والفاليوم والمورفين وغيرها، والتي تصرف من دون وصفات طبية من الصيدليات الوهمية".
وبعد العام 2014، اتسعت ظاهرة تجارة وبيع وتعاطي المخدرات بكميات غير مسبوقة، بعد تأسيس ما عُرف بـ"الحشد الشعبي" الذي يضم عشرات المليشيات المسلحة. وأصبحت مليشيات "الحشد" تُغرق البلاد بكل أنواع المخدرات التي تجلبها من إيران، باعتبارها الداعم الرئيسي لها، وتوزعها على باقي مدن البلاد، عبر وكلاء رئيسيين محميين من قبلها، ولا تستطيع أجهزة الأمن ملاحقتهم، بحسب مراقبين.
ولم يقتصر الإدمان على المدنيين، بل انتقل إلى المؤسسة العسكرية والأمنية، إذ كشفت تقارير أمنية سابقة عن ارتفاع نسبة التعاطي بين أجهزة الأمن والجيش في البلاد، إلى نحو 15 في المائة، بينهم ضباط وعناصر يتعاطون المخدرات حتى خلال أدائهم الواجبات الأمنية والعسكرية.