تسارعت الخطى بين القاهرة والخرطوم أخيراً بشأن سرعة حسم ملفات الخلاف بين الجانبين، لمنع عودة العلاقات إلى منعطف الأزمة مجدداً، خصوصاً بعد عودة السفير السوداني عبد المحمود عبد الحليم للقاهرة، في أعقاب استدعاء للخرطوم استمر شهرين.
في هذا السياق، يزور الرئيس السوداني عمر البشير القاهرة، غداً الإثنين في زيارة تستغرق ساعات عدة، يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحسم مجموعة من نقاط الخلاف بين البلدين، والتي تم حصر القرارات المتعلقة بها في إطار رئيسي البلدين فقط. وتأتي زيارة البشير بعد أسبوع من زيارة مفاجئة قام بها رئيس الاستخبارات العامة المصرية، مدير مكتب السيسي، اللواء عباس كامل للخرطوم التقى خلالها البشير ورئيس جهاز الأمن العام والاستخبارات صلاح قوش.
وتمثلت التصورات السودانية الثلاثة، في واحد من خيارات: إما الموافقة على بدء مفاوضات مباشرة يعرض خلالها كل طرف أدلته على ملكية المنطقة كما حدث بين مصر والسعودية بشأن جزيرتي تيران وصنافير، أو اللجوء للتحكيم الدولي، أو وقف كافة الأنشطة التي تقوم بها الحكومة المصرية بالمنطقة وتسميها الخرطوم بـ"التمصير"، والاتفاق على أن تظل منطقة نفوذ مشترك، وتحويلها إلى منطقة تكامل بين البلدين.
وكانت مصادر سودانية قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أن "الجانب المصري رفض المقترحين الخاصين بالتفاوض، أو التحكيم الدولي، في حين أبدى مرونة في ما يتعلق ببدء نقاش موسع حول تحويل مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد لمنطقة تكامل بين البلدين، طالباً فترة من الوقت لدراسة الأمر".
وأفادت المصادر، أن "اللواء عباس كامل ناقش خلال زيارته الخرطوم، التصورات السودانية بشأن ملف حلايب، قبل أن يبلغ الجانب السوداني بأنه سيطرح على السيسي ما جرى من مناقشات"، مؤكدة أن "لقاء البشير والسيسي يأتي في ضوء تلك المشاورات التي جرت". وأوضحت المصادر أن "الخرطوم تعلم أن المسار الخاص بملف حلايب وشلاتين طويل ولن ينتهي بين عشية وضحاها، ولكن تريد أن تحصل على مسار زمني واتفاق مع مصر يحدد آلية التعامل في هذا الملف، ويكون الجانب المصري جاد في تنفيذه".
على صعيد آخر، رجّحت مصادر دبلوماسية مصرية، أن "تتطرق محادثات السيسي، والبشير، إلى مسألة طلب دولة جنوب السودان، الانضمام إلى جامعة الدول العربية، وهو الطلب الذي يؤيده النظام في مصر ضمنياً على الأقل، بينما ترفضه السودان". وقال مصدر دبلوماسي في ديوان الخارجية المصرية، إن "هذا الملف من شأنه إضافة المزيد من الحساسيات للعلاقات المصرية السودانية، لأن الحكومة المصرية تعتقد أن نيل جنوب السودان عضوية في جامعة الدول العربية، إن حصل، سيمثل انتصاراً استراتيجياً للقاهرة وتقويضاً لنظام البشير، فضلاً عن وجود مصالح اقتصادية يريد السيسي تطويرها في جنوب السودان من خلال استغلال الأراضي القابلة للاستصلاح واستغلال الموارد المائية لإنتاج الطاقة".
وكانت مصادر مصرية، قد كشفت في وقت سابق، أن "هناك اتصالات بين مصر وجنوب السودان لتنسيق هذا الملف منذ عام 2015، قبل أشهر عدة من إعلان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط للمرة الأولى تلقيه طلباً من جنوب السودان لمنحها صفة مراقب خاص في يوليو/تموز 2016. الأمر الذي كان أبو الغيط قد طرحه في حينه على الخرطوم وقوبل المقترح باستياء سوداني في القاعات المغلقة، وبتصريحات رسمية تلقي الكرة في ملعب الجامعة لتفعيل معايير الانضمام".
وأوضحت المصادر أن "السودان يروّج في اتصالاته حالياً لضرورة التمسك بالمعيار الخاص باللغة الرسمية للدولة، وهو ما سيختلف حتماً في جنوب السودان، إلا في حالة تعديل الدستور وإيداعه لدى الجامعة العربية. كما يروّج لعدم صلاحية الجنوب للانضمام لعضوية المراقب بسبب هويته غير العربية واعتبار عدم عروبته أحد أسباب الانفصال عن السودان وعلاقاته الوطيدة بإسرائيل، العدو التاريخي المفترض للعرب، واعتراف النظام الحاكم لها باستيراد الأسلحة من إسرائيل، فضلاً عن كون تل أبيب إحدى أبرز الأطراف الداعمة لجوبا اقتصادياً".