يستيقظ الحاج محمود الصواف، في ساعات الصباح الباكرة، يبدأ يومه باسم الرزّاق، ويفتح محلّه التجاري، لبيع البساط والسجاد اليدوي، روتين يُكرره الفلسطيني منذ عشرات السنين، في محاولة منه للحفاظ على نوعٍ فريد يُصارع البقاء بين أخرى صناعية اجتاحت أسواق المدينة المحاصرة إسرائيليًا.
وتأبى الأصالة أن تغيب عن أذهان الفلسطينيين، غير أن الصواف حافظ على مدار مئات السنين على حرفته التي توارثتها العائلة لأجيال عديدة، عادت بتاريخ تلك الصناعة إلى عهد النبي داود، ليصنعوا سجادًا يدويًا من أصواف الأغنام، ويحافظوا على مهنة هُددت بالاندثار في عالم الصناعات الميكانيكية.
داخل محله التجاري، إلى الشرق من مدينة غزة، يوضح الصواف لـ"العربي الجديد"، أنه يستيقظ باكرًا لمتابعة الأعمال اليومية لصناعته اليدوية التي يُعينه فيها أبناؤه وآخرون.
وعلى غرار أنه تعلّم على يد والده، كما يفعل مع أبنائه حاليًا، يبيّن بأن الصناعة اعتمدت في السابق، على صوف الأغنام الذي كان يُستورد من مصر، ليمر بعدها بعدة مراحل لصناعته وتجهيزه على شكل خيوط صوفية لاستخدامها في صناعة البساط والسجاد.
ويضيف الصواف في حديثه، بأن جهدًا كبيرًا كان يبذل في سبيل تجهيز الخيوط، إذ بعد استيراد الصوف، يمر في مراحل "التنفيش" ومن ثم إرساله إلى غازلات يقمن بتجهيزه إلى خيوط، ثم تأتي مرحلة صبغه، كمحطة أخيرة قبيل البدء في الصناعة اليدوية.
في إطار ذلك، يشير إلى أن الأمور تطورت قبيل السبعينيات إذ أصبح العاملون بهذه الصناعة يستوردون خيوط الصوف الجاهزة من أوروبا، بألوانها المختلفة، الأمر الذي رفع أعداد العمال الممارسين لمهنة صناعة البسط والسجاد اليدوي في ذلك الوقت بقطاع غزة.
أمّا على صعيد مقتني السجاد اليدوي، يلفت الصواف إلى أنه كان يحظى بقيمته بين الطبقة الفلسطينية البسيطة، التي كانت تستخدمه في فرش بيوتها، في وقت ما زالوا أنفسهم يعتبرونه ذا قيمة أكبر من الصناعي والمستورد في الوقت الحاضر.
ويضيف بأن البساط اليدوي يتميز عن الصناعي، كونه متيناً ويستطيع "الصمود لعشرات السنين بالمقارنة عن غيره المصنوع من مواد النايلون"، مبينًا أنهم يُتيحون للزبائن اختيار التصاميم والألوان التي تناسبهم، كمحاولة منهم للتطوير ومواكبة العصر الذي تتقدم في الصناعة.
وتلامس البسط اليدوية عبق المدينة القديمة للقدس المحتلة، ومناطق فلسطينية أخرى، "تجعله ذا صيت لدى فئة واسعة من الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الطلبات التي تأتي للشركة من الضفة الغربية"، ناهيك عن إعجاب السُياح الأجانب بالصناعة اليدوية حيث إن إعجابهم بالصناعة يُجبرهم على الشراء منها.
ويلفت إلى أنه و5 نوّالين آخرين (الأشخاص الذين يعملون بالصناعة يدويًا)، إضافة إلى ابنه، يمارسون هذه المهنة كونه لا يريد لتلك المهنة أن تندثر عن العائلة وتبقى حاضرة على مدار الأجيال، كما حافظ عليها من سبقوهم فيها.
وتتطلب صناعة البسط والسجاد اليدوي وقتاً وجهداً كبيرين، بحسب الخامة والشكل والتصميم المطلوبين، حيث "من الممكن أن يتطلب إنهاء العمل 15 يومًا، وذلك لنحو ثماني ساعات يوميًا".
وينوه الصواف إلى أنه رغم ضعف السوق المحلي بغزة، إلا أن الإنتاج داخل الشركة ما زال قائمًا وبزيادة، حيث هناك زبائن من الضفة الغربية يرغبون باقتناء البساط "البدّاوي"، حيث يرغبه بدو فلسطين لتزيين مقاعدهم وجلساتهم.
وكغيرها من الصناعات، تواجه الصناعة اليدوية صعوبات عدة، تتأتى في ظروف الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة للعام الحادي عشر على التوالي، إضافة إلى عرقلة عقد صفقات لبيع وتصدير البسط الممتزجة بعبق الأصالة الفلسطينية.
وتثقل أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي يعاني منها سكان غزة كاهل الصوّاف، إذ إن انقطاعها لأكثر من 12 ساعة يومياً، يضيف عبئًا على عمله في صناعته للبساط اليدوي، غير أنه يتغلب عليها بمحاولة تجهيز ما سيحتاجه من مواد قبلها بيوم، وفقًا للجدول المعمول به لتنظيم كهرباء القطاع.
وما زال بعض الفلسطينيين يحافظون على مهنهم القديمة التي توارثوها من آبائهم وأجدادهم، بالرغم من المعيقات التي تُلاحقهم بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، والحصار الخانق الذي يضرب غزة منذ عام 2006، على غرار آخرين لم يستطيعوا الصمود في وجه الأوضاع المتردية سوءًا.
اقــرأ أيضاً
وتأبى الأصالة أن تغيب عن أذهان الفلسطينيين، غير أن الصواف حافظ على مدار مئات السنين على حرفته التي توارثتها العائلة لأجيال عديدة، عادت بتاريخ تلك الصناعة إلى عهد النبي داود، ليصنعوا سجادًا يدويًا من أصواف الأغنام، ويحافظوا على مهنة هُددت بالاندثار في عالم الصناعات الميكانيكية.
داخل محله التجاري، إلى الشرق من مدينة غزة، يوضح الصواف لـ"العربي الجديد"، أنه يستيقظ باكرًا لمتابعة الأعمال اليومية لصناعته اليدوية التي يُعينه فيها أبناؤه وآخرون.
وعلى غرار أنه تعلّم على يد والده، كما يفعل مع أبنائه حاليًا، يبيّن بأن الصناعة اعتمدت في السابق، على صوف الأغنام الذي كان يُستورد من مصر، ليمر بعدها بعدة مراحل لصناعته وتجهيزه على شكل خيوط صوفية لاستخدامها في صناعة البساط والسجاد.
ويضيف الصواف في حديثه، بأن جهدًا كبيرًا كان يبذل في سبيل تجهيز الخيوط، إذ بعد استيراد الصوف، يمر في مراحل "التنفيش" ومن ثم إرساله إلى غازلات يقمن بتجهيزه إلى خيوط، ثم تأتي مرحلة صبغه، كمحطة أخيرة قبيل البدء في الصناعة اليدوية.
في إطار ذلك، يشير إلى أن الأمور تطورت قبيل السبعينيات إذ أصبح العاملون بهذه الصناعة يستوردون خيوط الصوف الجاهزة من أوروبا، بألوانها المختلفة، الأمر الذي رفع أعداد العمال الممارسين لمهنة صناعة البسط والسجاد اليدوي في ذلك الوقت بقطاع غزة.
أمّا على صعيد مقتني السجاد اليدوي، يلفت الصواف إلى أنه كان يحظى بقيمته بين الطبقة الفلسطينية البسيطة، التي كانت تستخدمه في فرش بيوتها، في وقت ما زالوا أنفسهم يعتبرونه ذا قيمة أكبر من الصناعي والمستورد في الوقت الحاضر.
ويضيف بأن البساط اليدوي يتميز عن الصناعي، كونه متيناً ويستطيع "الصمود لعشرات السنين بالمقارنة عن غيره المصنوع من مواد النايلون"، مبينًا أنهم يُتيحون للزبائن اختيار التصاميم والألوان التي تناسبهم، كمحاولة منهم للتطوير ومواكبة العصر الذي تتقدم في الصناعة.
وتلامس البسط اليدوية عبق المدينة القديمة للقدس المحتلة، ومناطق فلسطينية أخرى، "تجعله ذا صيت لدى فئة واسعة من الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الطلبات التي تأتي للشركة من الضفة الغربية"، ناهيك عن إعجاب السُياح الأجانب بالصناعة اليدوية حيث إن إعجابهم بالصناعة يُجبرهم على الشراء منها.
ويلفت إلى أنه و5 نوّالين آخرين (الأشخاص الذين يعملون بالصناعة يدويًا)، إضافة إلى ابنه، يمارسون هذه المهنة كونه لا يريد لتلك المهنة أن تندثر عن العائلة وتبقى حاضرة على مدار الأجيال، كما حافظ عليها من سبقوهم فيها.
وتتطلب صناعة البسط والسجاد اليدوي وقتاً وجهداً كبيرين، بحسب الخامة والشكل والتصميم المطلوبين، حيث "من الممكن أن يتطلب إنهاء العمل 15 يومًا، وذلك لنحو ثماني ساعات يوميًا".
وينوه الصواف إلى أنه رغم ضعف السوق المحلي بغزة، إلا أن الإنتاج داخل الشركة ما زال قائمًا وبزيادة، حيث هناك زبائن من الضفة الغربية يرغبون باقتناء البساط "البدّاوي"، حيث يرغبه بدو فلسطين لتزيين مقاعدهم وجلساتهم.
وكغيرها من الصناعات، تواجه الصناعة اليدوية صعوبات عدة، تتأتى في ظروف الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة للعام الحادي عشر على التوالي، إضافة إلى عرقلة عقد صفقات لبيع وتصدير البسط الممتزجة بعبق الأصالة الفلسطينية.
وتثقل أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي يعاني منها سكان غزة كاهل الصوّاف، إذ إن انقطاعها لأكثر من 12 ساعة يومياً، يضيف عبئًا على عمله في صناعته للبساط اليدوي، غير أنه يتغلب عليها بمحاولة تجهيز ما سيحتاجه من مواد قبلها بيوم، وفقًا للجدول المعمول به لتنظيم كهرباء القطاع.
وما زال بعض الفلسطينيين يحافظون على مهنهم القديمة التي توارثوها من آبائهم وأجدادهم، بالرغم من المعيقات التي تُلاحقهم بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، والحصار الخانق الذي يضرب غزة منذ عام 2006، على غرار آخرين لم يستطيعوا الصمود في وجه الأوضاع المتردية سوءًا.