بعدما كان عام 2017 حافلاً بالكشف عن استغلال روسيا منصات التواصل الاجتماعي، للتلاعب بالانتخابات الرئاسية الأميركية التي فاز بها الرئيس دونالد ترامب عام 2016، يبدأ عام 2018 بمحاولات الإجابة عن سؤال كيف تمّ ذلك من دون ملاحظة الشركات؟
ونشرت الأستاذة المساعدة في جامعة واشنطن، كيت ستاربيرد، نتائج دراسة جديدة أجرتها على الشبكات الاجتماعية ومحادثاتها، وخرج فريقها بنتيجة مفادها أن تغريدات الاستقطاب في "تويتر" كانت وسيلة استخدمها الـ"ترولز" (المتصيّدون) الروس بفعالية للتلاعب بالمحادثات.
وخلال البحث الأكاديمي الذي حمل عنوان "تحليل المتصيدين والاستقطاب بشبكة إعادة تغريد"، استخدم الباحثون دراسات سابقة عن النقاش في "تويتر" حول حركة #BlackLivesMatter (حياة السود مهمة) وإطلاق النار من قبل الشرطة في عام 2016، لتحليل الكيفية التي لعبت بها الحسابات الروسية دوراً في النقاش، باستخدام بيانات "تويتر" المتاحة للجمهور، جمع الباحثون التغريدات ذات الصلة، من 31 ديسمبر/كانون الأول عام 2015 إلى 5 أكتوبر/تشرين الأول عام 2016.
وبحثوا عن الكلمات الرئيسية: "إطلاق النار" و"مطلق النار" و"طلقة البندقية" و"رجل السلاح". بعد ذلك ضاقت المجموعة من حوالي 59 مليوناً إلى 248.719 تغريدة وُسمت بعبارات #BlackLivesMatter أو #BlueLivesMatter أو #AllLivesMatter، وبعدما أصدرت "تويتر" قائمة بالحسابات المرتبطة بروسيا، قام الباحثون بإدراجها في مجموعة البيانات.
بعد تحليل كل هذه البيانات، لاحظ الباحثون أن حسابات المتصيدين الروسية كانت جزءاً مؤثراً في المحادثات وتمت إعادة نشرها بكثافة، سواء في اليمين أو اليسار الأميركي، وأصابت عدوى هذه الحسابات اليسار أكثر من اليمين. وبعبارة أخرى، تقول الباحثة: "ارتبطت حسابات المتصيدين بأحداث سانت بطرسبرغ، بحيث تناقلت الحسابات خطاب الكراهية عن بعضها البعض، ما ساعد على تشكيل جو من الانقسام بين الأميركيين".
وكانت "تويتر" قد كشفت، الجمعة، عن تحديد أكثر من 50 ألف حساب تابع لروسيا على الموقع، استُخدمت في نشر رسائل آلية على الشبكة قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية عام 2016، ما يعدّ قفزة كبيرة عن الرقم المعلن عنه سابقاً. وأعلنت "تويتر" عن وصول منشورات الحسابات التابعة لروسيا إلى 677.775 مواطنا أميركيا، وأكدت أنهم تلقوا كلهم تحذيراً عبر البريد الإلكتروني. وأفادت بأنها حذفت الحسابات الـ50258 المرتبطة بروسيا من الموقع، وسلمت التفاصيل إلى مسؤولي الكونغرس، الذين يحققون في تدخّل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة.
من جانبها، تبحث شركة "فيسبوك" في تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الديمقراطيات. واعترفت الشركة بأنّها "كانت بطيئة في ملاحظة التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية"، لكنّها قالت إنّ "شركات التواصل تعكس ببساطة النوايا الإنسانية الجيدة والسيئة على حدّ سواء".
وفي تدوينة، قال مدير المنتج في "فيسبوك"، ساميد شاكراباتي، إنّ "مواقع التواصل، في أحسن حالاتها، تسمح بتعبير الناس عن آرائهم واتّخاذ مواقف. وفي أسوأ حالتها، تسمح بانتشار المعلومات المضلّلة وتآكل الديمقراطيات". وقال "أتمنى لو أنني كنت قادراً على التأكيد أنّ الإيجابيات ستتخطى السلبيات، لكني لا أستطيع".
وتحدد منشورات شاكراباتي الحالات التي تمّ اتهام "فيسبوك" فيها بمساعدة وتمكين "خصوم الديمقراطية"، والاعتراف بأنّ الموقع كان في البداية "بطيئاً جداً في اكتشاف كيفية إساءة استخدام الموقع". وبالنسبة لاستخدام "فيسبوك" كسلاح معلومات من قبل روسيا، خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، قال "التدخل الروسي عمل جزئياً على الترويج لصفحات غير موثقة، لذا نحن نعمل على سياسات تجعل من فيسبوك أكثر شفافية".
وأضاف "نعمل على تمكين المستخدمين من زيارة صفحات المعلنين ورؤية الإعلانات التي ينشرونها حالياً. وسنجبر قريباً المنظمات التي تعمل على مواضيع متعلقة بالانتخابات وإعلانات مرتبطة بها، على تأكيد هوياتها، كي نستطيع أن نظهر للمستخدمين مَن بالضبط دفع للإعلانات التي يرونها.
وفي النهاية، سنقوم بأرشفة جميع المحتوى المتعلّق بالانتخابات، وسنجعله قابلاً للبحث لتعزيز المصداقية والمسؤولية". وبخصوص محاربة الأخبار الكاذبة، أشار إلى تمكين الأطراف الثلاثة من التحقق من المعلومات وخلق محددات ثقة.