علِم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مبكراً أهمية البرلمان الأخير، وما سيوكل إليه من مهام تشريعية ترسخ من قبضته الاستبدادية، وتضمن استمراره في الحكم لسنوات إضافية بناءً على تعديلات دستورية يشوبها البطلان، وتقنن من إجراءات بيع أصول الدولة وخصخصة مرافقها، فضلاً عن رفع أسعار كافة السلع والخدمات العامة على المواطنين؛ ما دفعه إلى تكليف نجله الضابط محمود السيسي بالإشراف على عملية اختيار أعضاء مجلس النواب في عام 2015.
وحسب شهادة موثقة لمسؤول الشباب السابق في حملة السيسي الانتخابية، حازم عبد العظيم، فإنّ اجتماعات تشكيل قائمة "في حب مصر"، التي انبثق عنها ائتلاف الغالبية النيابية ممثلاً في حزب "مستقبل وطن"، تمت داخل مقر جهاز المخابرات العامة قبيل إجراء انتخابات مجلس النواب نهاية عام 2015. وحدث ذلك بحضور المستشار القانوني لرئيس الجمهورية، محمد بهاء الدين أبو شقة، ونجل السيسي محمود، بناءً على دعوة موجهة إلى الحاضرين من رئاسة الجمهورية.
ولا يمكن بأي حال حصر عدد وتفاصيل التشريعات "الكارثية" التي مررها مجلس النواب منذ انعقاده في 10 يناير/كانون الثاني 2016، والتي عادى من خلالها جموع الشعب المصري على اختلاف طوائفه، انحيازاً وخضوعاً ورضوخاً للسيسي ودائرته الأمنية (المخابراتية) التي تدير قرارات البرلمان من وراء ستار، بعد أن أشرفت على اختيار جميع أعضائه بعناية تامة، بمن فيهم نواب تكتل (25-30) الذين يصنفون أنفسهم حالياً على أنهم "معارضون".
مرر البرلمان خلال أدوار انعقاده خمس موازنات عامة للدولة غير دستورية
ومرر البرلمان، خلال أدوار انعقاده، خمس موازنات عامة للدولة غير دستورية، لم تف أي منها بنسبة العشرة في المائة من الناتج القومي الإجمالي المخصصة لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي، والواردة في المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور، علاوة على الموافقة على 14 قراراً للسيسي بإعلان ومد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، وإقرار اتفاقية التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للمملكة العربية السعودية.
وفي جلسة امتدت حتى الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء الماضي، أعلن رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، فض دور الانعقاد السنوي الخامس، ورفع جلسات البرلمان حتى مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وذلك من أجل التصويت على مد حالة الطوارئ المفروضة في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر جديدة، للمرة الخامسة عشرة على التوالي، منذ فرضها للمرة الأولى في إبريل/نيسان 2017.
وزعم عبد العال في كلمته الختامية، أنّ "أعضاء المجلس حملوا الرسالة، وأدوا الأمانة، وأوفوا بالقسم، وقدموا صورة مضيئة ومشرفة للممارسة البرلمانية التي تعمل للمصلحة الوطنية"، متوجهاً بـ"خالص الشكر والتقدير" لرئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، وأعضاء حكومته، تحت ادعاء التعاون البناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والذي أثمر عن حصاد وفير من مشاريع القوانين، بلغ عددها 887 تشريعاً، بإجمالي 10528 مادة خلال 5 سنوات.
نواب أبو الهول
ووافق البرلمان في دور انعقاده الأول على 82 مشروعاً بقانون، بخلاف 341 قراراً بقانون كان قد أصدرها رئيس الجمهورية قبل انعقاده، و219 مشروعاً بقانون في دور انعقاده الثاني، و197 مشروعاً بقانون في دور انعقاده الثالث، و156 مشروعاً بقانون في دور انعقاده الرابع، و233 مشروعاً بقانون في دور انعقاده الخامس، بالإضافة إلى تقدّم النواب بنحو 5 آلاف و600 أداة رقابية بين أسئلة وطلبات إحاطة وبيانات عاجلة، وقد تجاهلت الحكومة الرد على أغلبها.
وعقد مجلس النواب في دور انعقاده الأخير 63 جلسة عامة بمجموع 270 ساعة، وبإجمالي متحدثين بلغ 421 نائباً، في وقت لم يتحدث فيه أكثر من 170 نائباً بحرف واحد على مدى عام كامل، وهي الظاهرة المعروفة إعلامياً في مصر بـ"نواب أبو الهول"، باعتبار أنّ هؤلاء الأعضاء لم يطلبوا الكلمة للتعليق على أي من الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، أو يتقدموا بتعديلات على التشريعات المطروحة للنقاش.
بيع أصول الدولة
ووافق البرلمان في دور انعقاده الخامس على مجموعة من التشريعات الخطيرة، مثل تعديل بعض أحكام قانون "إنشاء صندوق مصر السيادي"، والذي أجاز لرئيس الجمهورية نقل ملكية الأصول المستغلة المملوكة للدولة، أو غير المستغلة إلى الصندوق، ومن ثمّ إعادة طرحها للبيع أمام القطاع الخاص لصالح الصندوق غير الخاضع لأي شكل من الرقابة، والمعفي من جميع الضرائب والرسوم بموجب القانون.
واشترط تعديل التشريع ألا ترفع الدعاوى ببطلان العقود التي يبرمها الصندوق، أو التصرفات التي يتخذها لتحقيق أهدافه، أو الإجراءات التي اتخذت استناداً لتلك العقود أو التصرفات، إلا من أطراف التعاقد من دون غيرهم، وذلك بغرض تحصين هذه العقود، وما يشوبها من فساد أو عوار، من الملاحقة القضائية، مع إجازة الاستعانة بأحد بيوت الخبرة الدولية لتقييم الأصول المملوكة للصندوق.
وافق البرلمان في دور انعقاده الخامس على مجموعة من التشريعات الخطيرة
خصخصة قطاع الأعمال
وأقرّ مجلس النواب تعديلات موسعة على قانون شركات قطاع الأعمال العام، من أجل الانتقاص من حقوق العاملين في الشركات التابعة للقطاع، والتمهيد لعمليات "خصخصة" الشركات الخاسرة منها، من خلال طرح أسهمها أمام المستثمرين المحليين والأجانب، فضلاً عن إجازة مادتين في قانون الاستثمار تستهدفان تحصين قرارات بيع شركات قطاع الأعمال العام، والحد من منازعات التحكيم الدولي ضد الدولة المصرية.
كما وافق المجلس على مشروع قانون "تنظيم إدارة المخلفات"، والذي يفرض رسوماً شهرية للنظافة تتراوح بين جنيهين و40 جنيهاً (2.5 دولار أميركي) على الوحدات السكنية، بدلاً من خمس جنيهات حالياً، وبما لا يتجاوز 100 جنيه للوحدات التجارية، و500 جنيه للمنشآت الحكومية والهيئات العامة وشركات القطاع العام والمستشفيات والمنشآت التعليمية الخاصة، و700 جنيه للمنشآت الصناعية والأراضي الفضاء المستغلة للأنشطة التجارية، وألف جنيه للمراكز التجارية والفنادق والمنشآت السياحية.
اقتطاع من الأجور
ووافق البرلمان كذلك على مشروع قانون "إنشاء صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة"، والذي يفرض رسوماً شهرية تتراوح بين 5 و10 جنيهات على أجور جميع العاملين في الجهاز الإداري للدولة، وشركات القطاع العام، وقطاع الأعمال العام، وغيرها من الشركات المملوكة للدولة، والقطاع الخاص، والبنوك الحكومية وغير الحكومية، وغيرها من الجهات، وعلى جميع الطلاب في مختلف مراحل التعليم الأساسي والجامعي، ضمن موارد تمويل الصندوق.
ووافق البرلمان أيضاً على مشروع قانون "المساهمة التكافلية لمواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار الأوبئة أو حدوث الكوارث الطبيعية"، والذي نص على اقتطاع نسبة 1 في المائة من مجموع رواتب جميع العاملين في الدولة، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص أو البنوك، ونسبة 0.5 في المائة من رواتب أصحاب المعاشات لمدة 12 شهراً متصلة، اعتباراً من الأول من يوليو/تموز 2020، بحجة تمويل صندوق جديد لمواجهة الأوبئة والفيروسات.
نزع ملكية العقارات
إلى ذلك، وافق مجلس النواب على تعديل بعض أحكام قانون "نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة"، والذي يهدف إلى تقرير المنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية، أو من يفوضه، وتحديد قيمة التعويض المبدئي مقابل إجراءات نزع الملكية، عن طريق لجنة تشكل في كل محافظة بقرار من وزير الموارد المائية والري، بدعوى الانتهاء من مشروعات الطرق والجسور الجاري تنفيذها.
ووافق كذلك على مشروع قانون "تنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات"، والذي نصّ على إنشاء لجنة بكل محافظة، من أجهزة المدن التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لتحديد أماكن الانتظار للمواطنين من قائدي المركبات، مقابل تحصيل رسوم يومية تخضع لطبيعة الموقع الجغرافي، بحجة منع الانتظار العشوائي على جانبي الطرق، والوقوف المزدوج الذي يؤدي إلى ازدحام واختناق مروري.
أقر البرلمان تعديلا وسّع من صلاحيات جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية
ووافق البرلمان على مشروع قانون "تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية" المعروف إعلامياً بـ"التجارب السريرية"، والهادف إلى تقنين إجراءات تجربة الأدوية على الإنسان للتأكد من مفعولها وآثارها الجانبية، وموافقة الجهات الرقابية على اعتماد الأبحاث الإكلينيكية، تحت ذريعة الحفاظ على الأمن القومي، وتخفيف عقوبة حدوث عاهة مستديمة من السجن المشدد لمدة عشر سنوات إلى ثلاث سنوات، والسجن الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات في حالة موت شخص أو أكثر.
صلاحيات الأمن الوطني
وأقرّ مجلس النواب تعديل بعض أحكام قانون "هيئة الشرطة"، والذي استهدف توسيع صلاحيات جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، من خلال تأمين الأوضاع الوظيفية لجميع العاملين في الجهاز، والحفاظ على سرية المعلومات المتاحة لهم عن طريق عملهم الأمني، في ضوء ما يتمتع به القطاع من خصوصية عن باقي قطاعات الوزارة، واتصال عمله بتحقيق الأمن القومي.
ومنح تعديل القانون جهاز الأمن الوطني حق طلب الاطلاع أو التحفظ على أي ملفات أو بيانات أو أوراق، أو الحصول على صورة منها، وذلك من الجهة الموجودة فيها هذه الملفات أو البيانات أو الأوراق بأمر قضائي مسبب، والتعاون وتبادل الخبرات والمعلومات والبيانات مع جهات الأمن القومي في الدولة، والتنسيق مع الوزارات والهيئات والجهات الوطنية، بما يضمن حماية الأمن القومي للدولة، ومصالحها العليا.
قانون مكافحة الإرهاب
كما وافق البرلمان على تعديل بعض أحكام قانون "مكافحة الإرهاب"، والهادف إلى تجميد عضوية المدرجين على قوائم "الإرهابيين" في النقابات المهنية، ومجالس إدارات الشركات والجمعيات والمؤسسات، وأي كيان تساهم فيه الدولة أو المواطنون بنصيب ما، ومجالس إدارات الأندية والاتحادات الرياضية، وأي كيان مخصص للمنفعة العامة، والتوسع في مصادرة أموال وممتلكات المعارضين من المحسوبين على جماعة "الإخوان المسلمين"، بحيث تشمل "الأصول المادية والافتراضية، وعائداتها، والموارد الاقتصادية، وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها".
ووافق البرلمان على تعديل أحكام المرسوم بقانون رقم 49 لسنة 1948، بشأن تنظيم الوضع تحت مراقبة الشرطة، والذي استهدف تقنين فرض المراقبة على المعارضين السياسيين في أوقات الليل داخل أقسام الشرطة، بعد قضاء مدة عقوبتهم في السجن، ومنعهم من طلب تحديد مكان المراقبة، فضلاً عن منح وزير الداخلية سلطة تحديد هذا المكان خارج نطاق المحافظات التي يُقيمون بها، ومنح مدير الأمن سلطة قبول أو رفض طلب المحكوم عليهم بشأن تنفيذ المراقبة في الجهة التي يُقيمون بها.
مهام قتالية للجيش
وفي سياق متصل، وافق مجلس النواب في جلسة سرية على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة، بذريعة الدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي "ضد أعمال المليشيات الإجرامية المسلحة، والعناصر الإرهابية الأجنبية"، و"مواجهة التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي المصري غرباً (في إشارة إلى ليبيا)".
ووافق البرلمان أيضاً على مشروعات قوانين انتخاب مجلس الشيوخ، ومجلس النواب، وتقسيم الدوائر الانتخابية، ومباشرة الحقوق السياسية، والهيئة الوطنية للانتخابات، والتي فصّلت خصيصاً لصالح حزب "مستقبل وطن" المحسوب على دائرة السيسي، كي يحظى الحزب بأغلبية كاسحة في انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، من خلال توسعة نطاق الدوائر الفردية جغرافياً، لقطع الطريق أمام فوز أي من المرشحين المستقلين أو من المنتمين للأحزاب غير المؤتلفة معه.
الخدمة المدنية
ولم يرفض البرلمان الخاضع لسلطة السيسي أي تشريع مقدم من الحكومة على مدى خمس سنوات، باستثناء قانون الخدمة المدنية الذي رفضه في بادئ الأمر، ثمّ سرعان ما أقره بعد تعديلات محدودة عليه، وهو التشريع الذي جمد حوافز الموظفين في جهاز الدولة ارتباطاً بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2014، وتسبب في خفض زيادتهم السنوية إلى نحو 80 في المائة، على الرغم من ارتفاع تكاليف المعيشة، والزيادة المطردة في الأسعار.
اتفاقيات القروض
ووافق مجلس النواب على الكثير من اتفاقيات القروض الدولية، التي تحمل الأجيال المقبلة مزيداً من الديون، ولعل آخرها اتفاق بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي لتسهيل إتاحة تمويل، تحصل بموجبه مصر على قرض بنحو 2.77 مليار دولار، وآخر بقيمة 5.2 مليارات دولار، في مواجهة تداعيات أزمة تفشي فيروس كورونا، وذلك عقب قرض ثالث بقيمة 12 مليار دولار في عام 2016، ليصل مجموع ما حصلت عليه مصر من الصندوق 20 مليار دولار تقريباً.
وضربت اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية شرعية البرلمان في مقتل، خصوصاً أنه تجاهل أحكام القضاء ببطلان توقيع الحكومة على الاتفاقية، ما دفع ناشطين إلى تداول أسماء النواب المؤيدين للاتفاقية في ما عُرف بـ"قوائم العار". ودخل عدد من النواب من الرافضين للاتفاقية في موجة بكاء حادة عقب تمرير الأغلبية لها في 14 يونيو/حزيران 2017، وسط اتهامات لرئيس البرلمان بمخالفة أحكام الدستور.
بيع الجنسية المصرية
وكان مجلس النواب قد وافق في أدوار انعقاده السابقة على حزمة من التشريعات التي أثارت حالة من الغضب لدى الشارع، بوصفها قوننت بيع الجنسية المصرية مقابل وديعة بنكية، وسهلت خصخصة المرافق العامة كالسكك الحديدية ومترو الأنفاق، بالإضافة إلى منح قادة الجيش امتيازات واسعة، وتحصينهم من المساءلة القضائية، وزيادة رواتب ومعاشات الوزراء والمحافظين ونوابهم.
وأقر البرلمان تعديلاً حكومياً على أحكام قانون دخول وإقامة الأجانب بالأراضي المصرية، وقانون الجنسية المصرية، يسمح ببيع الجنسية للأجانب مقابل وديعة مصرفية مدتها خمس سنوات بقيمة 7 ملايين جنيه (نحو 441 ألف دولار)، أو ما يعادلها من العملة الأجنبية، مع إجازة منح الجنسية المصرية بقرار من وزير الداخلية لكل أجنبي أقام في البلاد، متى كان بالغاً سن الرشد، وتوافرت فيه الشروط اللازمة لقبول طلب التجنيس.
رفع أسعار القطارات والمترو
كما وافق على تعديل بعض أحكام قانون "إنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر"، والذي يقضي بإشراك القطاع الخاص في إدارة وتشغيل وصيانة مشروعات البنية الأساسية، وشبكات هيئة السكك الحديدية على مستوى الجمهورية، إيذاناً بطرح أصول المرفق العام للبيع أمام شركات القطاع الخاص، وزيادة أسعار بيع تذاكر القطارات، وهو ما حدث بالفعل بزيادة أسعار تذاكر 174 قطاراً في الأول من أغسطس/آب الماضي.
كما أقرّ مجلس النواب تشريعاً لإدخال اختصاصات نوعية جديدة للهيئة القومية للأنفاق، تشمل إشراك المستثمرين المحليين والأجانب في إدارة المرفق، وتأسيس الهيئة القومية للأنفاق شركات مساهمة بمفردها، أو بالاشتراك مع شركاء آخرين لإدارة وتشغيل وصيانة المشروعات، وهو ما أسفر عن زيادة سعر تذكرة مترو أنفاق القاهرة من جنيه واحد إلى 10 جنيهات للتذكرة وفقاً للزيادات الأخيرة.
هيمنة وتحصين الجيش
وألغى البرلمان تشريع المناقصات والمزايدات القائم في مصر منذ 20 عاماً، مستبدلاً إياه بقانون "تنظيم التعاقدات العامة"، والذي يهدف إلى تكريس الشراكات الاستثمارية بين الحكومة المصرية والجيش، وإلغاء القيود القانونية على الجهات الحكومية المختلفة في التعاقد بالأمر المباشر مع مستثمرين أو شركات مقاولات خاضعة لتبعية القوات المسلحة، من أجل إرساء المشروعات على شركات الجيش من دون اشتراط تقديمه العطاءات الأقل سعراً.
كذلك، وافق مجلس النواب المصري على قانون "تكريم بعض كبار قادة القوات المسلحة"، الهادف إلى تحصين قادة انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 قضائياً، من مسؤولية الجرائم التي ارتكبت بحق المعتصمين السلميين في وقائع العنف الدامية التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، فضلاً عن منع توجيه اتهام دولي من قبل أي هيئة قضائية أجنبية أو دولية ضدهم، وتمتعهم بحصانة دبلوماسية أثناء وجودهم خارج البلاد.
واستهدف التشريع منع قادة الانقلاب من الترشح مستقبلاً لأي مناصب سياسية، إلا بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تحسباً لاعتزام أحدهم الترشح في مواجهة السيسي عقب تعديل الدستور، مقابل منحهم امتيازات مالية واسعة، مثل تمتعهم بجميع المزايا والحقوق المقررة للوزراء في الحكومة، إلى جانب المخصصات الأخرى التي يحددها قرار من رئيس الجمهورية، وجواز الجمع بينها، وبين أي ميزة مقررة بموجب قانون آخر.
زيادة رواتب الوزراء
ومرر مجلس النواب تعديلاً على أحكام القانون رقم 100 لسنة 1987، ويقضي برفع مرتبات نائب رئيس الجمهورية، ورئيسي مجلسي النواب والشيوخ، ورئيس مجلس الوزراء، ونوابه، والوزراء، إلى ما يعادل الحد الأقصى للأجور (42 ألف جنيه شهرياً)، واستحقاق تلك الفئات معاشاً شهرياً يُعادل 80 في المائة من راتب أو مكافأة كل منهم في تاريخ انتهاء شغل المنصب.
لم يرفض البرلمان الخاضع لسلطة السيسي أي تشريع مقدم من الحكومة على مدى خمس سنوات
كما أقرّ ثلاثة تشريعات متصلة لتنظيم الصحافة والإعلام، والمعروفة إعلامياً بـ"قوانين إعدام الصحافة"، كونها تشترط حصول الصحافي أو الإعلامي على التصاريح اللازمة لحضور أحد الاجتماعات العامة، أو إجراء لقاءات مع المواطنين، مع منح "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" سلطة منع تداول وسحب تراخيص وحجب المواقع الإلكترونية، والحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، متى زاد متابعوها عن خمسة آلاف.
استجواب "هزلي"
وفي مشهد بدا هزلياً إلى حد بعيد، ناقش مجلس النواب أول استجواب ضدّ الحكومة منذ انعقاده، في 14 يناير/كانون الثاني الماضي، والمقدم من النائب محمد الحسيني ضد وزيرة الصحة هالة زايد، بشأن تهالك مستشفى بولاق الدكرور العام بمحافظة الجيزة، إذ تم حفظ الاستجواب بعد جلسة نقاش واحدة، أشاد خلالها نواب الأغلبية بأداء السيسي في ملف الصحة، والوزيرة محلّ الاستجواب.
تعديل الدستور
وفي 16 إبريل/نيسان 2019، وافق مجلس النواب نهائياً على طلب تعديل الدستور بأغلبية 531 نائباً من مجموع 595، والذي أضاف نصاً انتقالياً يسمح باستمرار السيسي في الحكم حتى عام 2030، من خلال زيادة مدة رئاسة الجمهورية من 4 إلى 6 سنوات، والسماح للرئيس الحالي بالترشح لولاية ثالثة عند انتهاء ولايته الثانية في 2024، مع العلم أنه انتخب في عام 2018 لمدة 4 سنوات فقط.
تجدر الإشارة إلى أنّ البرلمان أوقف بث جلساته مباشرة على الهواء في الجلسة الثانية لانعقاده، على الرغم من نص الدستور على علانية الجلسات، ورفض كذلك الاستجابة لملاحظات مجلس الدولة بشأن مخالفة لائحته الداخلية للدستور، بعدما أدرج موازنته رقماً واحداً في الموازنة العامة، لعدم إخضاعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، إلى جانب عدم التزام أغلب النواب بتقديم إقرارات الذمة المالية عند شغل عضويتهم، أو احترام نصوص الدستور بشأن تفرغهم للعمل النيابي.