أوقات عصيبة تنتظر مجلس النواب المصري عندما تبدأ جلسته العامة لمناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، بعد موافقة اللجنة التشريعية، أمس الثلاثاء، بأغلبية 35 صوتاً مقابل 8 فقط على الاتفاقية وما تضمنته من التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
وتشير الأجواء داخل أروقة البرلمان إلى أن هناك توجهاً لعقد الجلسة العامة، اليوم الأربعاء، للإسراع في تمرير الاتفاقية قبل عيد الفطر، كما ترغب الدائرة الخاصة بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. إلّا أن مصادر برلمانية تحدثت عن احتمال إرجاء الجلسة العامة إلى الأسبوع المقبل، لحين إعداد التقرير النهائي بشأن الاتفاقية بواسطة لجنة الشؤون التشريعية والدستورية وأمانة البرلمان.
وأوضحت المصادر أن رئيس مجلس النواب علي عبدالعال، سيكون "أكثر شراسة في قمع آراء المعارضين للاتفاقية حتى يمنع توجيه أسئلة محرجة للحكومة أو ترداد هتافات مسيئة للسيسي ومؤسسات الدولة". وتابعت أن نواب كتلة الأكثرية، "دعم مصر"، حذروا زملاءهم من مغبة تمسكهم بالإدلاء بكلمات "نارية" معارضة للاتفاقية، ونصحوهم بتسجيل معارضتهم لها فقط.
وفي السياق، قال مصدر سياسي في حزب ممثل برلمانياً إن "جهاز الرقابة الإدارية ذات الصلة الوثيقة بدائرة السيسي والأكثرية النيابية تتوقع في تقديرات لها أن يستقيل نحو 40 نائباً من البرلمان من إجمالي 70 تقريباً سيرفضون إقرار الاتفاقية". وكشف عن وجود اتصالات بين الجهاز وعدد من النواب المعارضين عن طريق وسطاء حزبيين لإقناعهم بعدم الاستقالة خشية المس بشرعية البرلمان وتصعيد الهجوم الشعبي عليه، لا سيما مع وجود دعوات من أحزاب يسارية للتظاهر في ميدان التحرير خلال الأيام المقبلة. وأضاف المصدر أن إقرار البرلمان للاتفاقية سيترتب عليه صدورها بقرار من رئيس الجمهورية، ثم ستبدأ فوراً إجراءات نقل تبعية الجزيرتين إلى السعودية، ونقل مسؤولية المهام الأمنية المصرية عليهما إلى السعودية، والاشتراك مع الولايات المتحدة وإسرائيل والقوات الدولية في الحفاظ على أمن خليج العقبة.
أما من الناحية القانونية، فرجح مصدر قضائي بالمحكمة الدستورية العليا أن يرفع المحامون المدافعين عن مصرية الجزيرتين، دعوى أمام محكمة القضاء الإداري للطعن في الإجراءات الأمنية التي ترتبت على إقرار الاتفاقية، ومن ثم سيطلبون إحالتها إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى توافقها مع الفقرة الثالثة من المادة 151 من الدستور، والتي تحظر التخلي عن أي جزء من أرض مصر.
وسيناريو كهذا يعني إضافة مسار قانوني جديد للقضية إلى جانب المسارين السابقين اللذين تنظرهما المحكمة الدستورية ولم تفصل فيهما بعد، وهما منازعة التنفيذ المقامة من الحكومة لإبطال حكم القضاء الإداري ضد التنازل، ودعوى تنازع الأحكام المقامة من الحكومة لتحديد الجهة القضائية المختصة بنظر القضية، أي ما إذا كانت هذه الجهة تتمثل في مجلس الدولة أم في محكمة الأمور المستعجلة.