البرلمان التونسي يبدأ عطلته: معارك مؤجلة وقوانين معطلة

03 اغسطس 2020
قد يعقد البرلمان التونسي دورة استثنائية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

بدأ البرلمان التونسي عطلته البرلمانية التي تمتد خلال شهري أغسطس/آب الحالي وسبتمبر/أيلول المقبل، مخلفاً وراءه عشرات القوانين المعطلة في الرفوف، وعدداً من المعارك المؤجلة إلى الخريف المقبل، على الرغم من الانتظارات الاجتماعية والصعوبات الاقتصادية.
وأعلن رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي أن اجتماع مكتب المجلس أقرّ العطلة البرلمانيّة من 1 أغسطس إلى 30 سبتمبر 2020 حسب ما يضبطه الدستور والنظام الداخلي، مع بقاء المكتب في حالة انعقاد استعداداً للمتطلبات الوطنيّة. واستعرض المكتب، بحسب بيان له، "قائمة مشاريع ومقترحات قوانين وأحالها على اللجان. كما تداول في ضبط روزنامة لتشكيل الهياكل النيابيّة للدورة البرلمانيّة المقبلة. وبخصوص اللوائح التي تقدّمت بها حركة النهضة فسيتم النظر فيها في بداية الدورة البرلمانيّة المقبلة".
وتوقع المتابعون للشأن البرلماني أن يعقد مجلس النواب دورة برلمانية استثنائية خلال العطلة النيابية، للمصادقة على المشاريع المهمة، أو لانتخاب الهيئات الدستورية، خصوصاً أن البرلمان قد تعطلت أعماله لشهرين على غرار مؤسسات عدة خلال فترة الحجر الصحي لتعويض الوقت المهدور.

تقبع على رفوف البرلمان قوانين بالغة الأهمية تنتظر عقد جلسة عامة لتمريرها

وتقبع على رفوف البرلمان قوانين بالغة الأهمية تنتظر عقد جلسة عامة لتمريرها، على غرار "مشروع قانون حقوق المرضى والمسؤولية الطبية" الذي ينتظره المرضى والعاملون في الصحة، و"مشروع تعديل قانون المحكمة الدستورية" الهادف لتجاوز عقبة انتخاب هذه المحكمة المعطلة منذ 6 سنوات، و"مشروع قانون إصدار مجلة مؤسسات الاستثمار الجماعي"، بالإضافة إلى تعديلات "النظام الداخلي للبرلمان" لتجاوز حزمة الخلافات وعشرات الثغرات، إلى جانب النظر في قانون إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، من دون اعتبار الاتفاقيات والقروض.

ويُنتظر الفصل في أكثر من 34 مرسوماً أصدرته حكومة إلياس الفخفاخ خلال فترة الحجر الصحّي، وبانتهاء التفويض الذي منحه البرلمان إلى الحكومة المستقيلة، وفقاً لما ينصّ عليه البند 70 من الدستور الذي يحدد أجل 10 أيام من تاريخ انتهاء التفويض يفترض المصادقة عليها والفصل فيها.
وأكدت أستاذة القانون الدستوري منى كريم الدريدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن البرلمان عليه قطع العطلة البرلمانية والانعقاد في دورة استثنائية لعقد جلسة عامة لمنح الثقة لحكومة هشام المشيشي"، مؤكدة أن فترة شهر تشكيل الحكومة تنقضي نهاية أغسطس، ويمكن للبرلمان عقد جلسة الثقة نهاية الشهر الحالي أو بداية سبتمبر المقبل في الآجال الدستورية. ورجحت كريم أن يطلب الرئيس قيس سعيّد من البرلمان عقد جلسة منح الثقة في دورة استثنائية، حيث يُمكنه الدستور من ذلك، مبينة أنه يمكن أن يدعو البرلمان للانعقاد مع عرضه لحكومة المشيشي الجديدة. ويبدو أن البرلمان مستعد لهذه الخطوة بإعلانه بقاء مكتبه في حالة انعقاد متواصل استعداداً للاستحقاقات الوطنية.

يعد ملف استكمال الهيئات الدستورية بمثابة النقطة السوداء التي استعصت على البرلمان التونسي

ويعد ملف استكمال الهيئات الدستورية بمثابة النقطة السوداء التي استعصت على البرلمان التونسي منذ الولاية السابقة إذ لم يتمكن من انتخاب أي هيئة دستورية من الهيئات الخمس المنصوص عليها في الدستور، على الرغم من استكمال المصادقة على قوانينها المنظمة منذ المدة البرلمانية الماضية. ولم يحدد مجلس النواب بعد موعد الجلسة العامة لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية الثلاثة، بعد أن أجّلها إلى موعد غير محدد بسبب إفساد الجلسة من قبل نواب "الحزب الدستوري الحر". كما لم يحدد موعد جلسة انتخاب أعضاء هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، على الرغم من استكمال الترشيحات فيها، فيما ينتظر استكمال ترشيح أعضاء هيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وضمان حقوق الأجيال المقبلة، إلى جانب تجديد تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وانتخاب رئيس جديد لها.
إلى ذلك تنتظر هيئة النفاذ للمعلومة ترميم تشكيلتها وانتخاب عضو جديد بها وتثبيت رئيس، بعد استقالة رئيسها السابق وزير الدفاع الحالي عماد الحزقي، وكذلك حال هيئة الوقاية من التعذيب، التي تنتظر ترميم نصف تركيبتها. وفي السياق، قال المحلل محمد الغواري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن استكمال انتخاب الهيئات الدستورية معركة مؤجلة للخريف المقبل، إذ يصعب أن يغامر رئيس البرلمان راشد الغنوشي بتنظيم جلسات تحتاج توافقات الثلثين، أي 145 صوتاً، لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية وبقية الهيئات بمجلس مقسوم إلى نصفين، مشدداً على أنه يصعب خلال هذه الفترة جمع أغلبية مطلقة حول أي ملف بسبب الخلافات العميقة بين البرلمانيين. واعتبر أن هذه العطلة جاءت في صالح الغنوشي وجماعته، وهي بمثابة الهدنة لمدة شهرين لجمع الشتات البرلماني، وتجميع الكتل، وخلق أغلبية جديدة، وحزام برلماني لمواصلة العمل خلال عودة البرلمان. ولفت إلى أن الاحتقان بلغ أوجّه نهاية الدورة الحالية، خلال جلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان، التي وعلى الرغم من سقوط اللائحة إلا أنها جمعت ما يقارب 100 نائب في معارضة "النهضة" وزعيمها الغنوشي، ما سيعقّد العمل البرلماني وسيصعب تمرير القوانين.

المساهمون