طلب البرلمان الأوكراني من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ملاحقة الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش أمام المحكمة الجنائية الدولية، بعد ساعات من الإعلان عن إرجاء تشكيل الحكومة الجديدة. وذكرت وكالة أنباء "إنترفاكس" الأوكرانية اليوم الثلاثاء، أن 324 من أعضاء البرلمان صوّتوا لصالح محاكمة يانوكوفيتش أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقال النواب في قرارهم، إن "الهيئات الأمنية نفّذت خلال 3 أشهر، وبناءً على أوامر من مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى، إجراءات غير قانونية من الضغط الجسدي، والأسلحة الخاصة ضد المشاركين في تظاهرات سلمية في كييف، وغيرها من المدن الأوكرانية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 100 مدني أوكراني، وإصابة أكثر من ألفي شخص، 500 بينهم بحالة حرجة".
ولفت النواب إلى أن عناصر الأمن لجأوا إلى التعذيب واستخدموا خراطيم المياه ضد المدنيين، مشيرين إلى أن البرلمان الأوكراني، ووفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يعترف بصلاحية هذه المحكمة.
وطلب البرلمان من المحكمة "تحديد المسؤولين عن جرائم ضد الإنسانية بموجب المادة السابعة من نظام روما الأساسي، ومحاكمة يانوكوفيتش، ومسؤولين آخرين، أمروا ونفذوا أوامر جرمية، وهو ما يمكن لمدّعي عام المحكمة إثباته".
كما طلب النواب الأوكرانيون من محكمة لاهاي محاكمة المدعي العام السابق، الجنرال فيكتور بشونكا، ووزير الداخلية السابق، فيتالي زاخارشينكو.
وكان البرلمان الأوكراني أرجأ، اليوم الثلاثاء، تعيين رئيس وزراء وحكومة انتقالية إلى الخميس المقبل، على الرغم من أن البرلمان الأوكراني، الذي يضطلع بإدارة شؤون البلاد إلى حين إجراء انتخابات عامة، كان قد حدد اليوم موعداً نهائياً، لتشكيل حكومة ائتلافية بالتزامن مع انطلاق الحملة الانتخابية المبكرة لرئاسة البلاد، بعد تحديد البرلمان 25 أيار/مايو المقبل موعداً للانتخابات.
وفيما تستمر عملية الترشح للانتخابات الرئاسية حتى 30 من الشهر المقبل مع تحديد يوم 4 نيسان/أبريل المقبل آخر موعد لتسجيل المرشحين، فإن من المرشحين الأوفر حظاً، وفقاً لـ"روسيا اليوم"، الملاكم الأوكراني ورئيس حزب "أودار" فيتالي كليتشكو، وأحد نشطاء الميدان ورجل الأعمال، بيوتر بوروشينكو. ومن بين الأسماء الاضافية المطروحة، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب "الوطن" أرسيني ياتسينيوك، ورئيس حزب "الحرية" أوليج تياجنيبوك.
من جهته، أعلن محافظ "خاركيف"، ميخايلو دوبكين، انه قرر خوض سباق الانتخابات الرئاسية الأوكرانية، وفقاً لما نقلته الليلة صحيفة "كييف بوست" الأوكرانية.
ولم يحدد دوبكين ما إذا كان سيرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، كمرشح مستقل أو عن حزب "المناطق" الأوكراني. أما رئيسة الوزراء السابقة المفرج عنها مؤخراً، يوليا تيموشينكو، التي أعلنت الموافقة على دعوة لتلقي العلاج في ألمانيا، فقال محاميها، سيرجي فلاسينكو، إنها لم تعلن نيتها الترشح لرئاسة البلاد، خلافاً لما شاع في وسائل إعلام محلية عن ذلك.
وتسعى السلطة الانتقالية الأوكرانية لانتخاب رئيس جديد في أسرع وقت، في محاولة طي صفحة يانوكوفيتش بشكل نهائي، ولا سيما بعدما كشفت الوثائق التي نشرتها وكالة "رويترز"، أنه وضع خططاً قبل إطاحته لاستخدام آلاف الجنود لسحق الاحتجاجات التي أطاحته في نهاية المطاف.
كما يهدف الاسراع في العملية الانتقالية الى قطع الطرق على أية محاولة لتقسيم البلاد. وفي السياق، يلتقي القائم بأعمال الرئيس في أوكرانيا، اولكسندر تيرتشينوف، اليوم بأجهزة إنفاذ القانون لبحث ما وصفه بـ"علامات خطيرة على الاتجاه نحو الانفصال" في بعض المناطق بعد إطاحة الرئيس، فيكتور يانوكوفيتش،.
ولم يذكر تيرتشينوف، وهو رئيس البرلمان أيضاً، تفاصيل في التصريحات التي أدلى بها الى النواب. لكن بعض أعضاء البرلمان حذروا من احتمال انقسام أوكرانيا لمخاوف من رد فعل عزل يانوكوفيتش في المناطق الناطقة بالروسية في شرق البلاد وجنوبها، وذلك في ظل استمرار روسيا في التشكيك في شرعية السلطة الانتقالية.
وحذّر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء، من خطورة المحاولات لفرض الخيارات على أوكرانيا، داعياً جميع القوى السياسية في أوكرانيا إلى العمل من أجل استعادة الهدوء في البلاد.
ورأى لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية لوكسمبورج، جان اسلبورن، أنه يجب عدم اجبار أوكرانيا على الاختيار بين علاقات وثيقة مع روسيا أو الغرب في أحدث تحذير للاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة كي لا يحاولا تشكيل مستقبل الدولة السوفيتية سابقاً.
وجاءت تصريحات لافروف بعد يوم، من تأكيد رئيس الوزراء الروسي، ديمتري مدفيديف، أن روسيا لديها شكوك كبيرة بشأن شرعية الذين يتولون السلطة في أوكرانيا، منتقداً الدول الغربية لاعترافها بمسؤولين قال عنهم، أتوا إلى السلطة عن طريق "تمرد مسلح".
وفي بعض من أقوى التصريحات الروسية المنددة بإطاحة، بيانوكوفيتش المدعوم من موسكو، أوضح مدفيديف، أنه ليس مستعداً بعد للحوار مع الشخصية المعارضة السابقة، التي عينها البرلمان قائماً بأعمال الرئيس، أوليكسندر تيرتشينوف،. ووصف مدفيديف نشطاء المعارضة الأوكرانية المشاركين في احتجاجات الشوارع التي أدت إلى إطاحة بيانوكوفيتش بأنهم "رجال يرتدون أقنعة سوداء يحملون الكلاشنيكوف يمزقون كييف.
ويترافق الموقف السياسي لموسكو مع ضغوط اقتصادية تمارسها. وفي الوقت الذي قدمت فيه موسكو عرضاً بحزمة إنقاذ مالية لكييف تقدر بـ 15 مليار دولار، ألمحت إلى أن الاتفاق بشأن خفض أسعار الغاز الروسي لأوكرانيا سينتهي قريباً، الأمر الذي يتعين التفاوض بشأنه.
وفي محاولة لاحتواء الغضب الروسي من إطاحة بيانوكوفيتش، أجرى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، محادثة هاتفية مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بشأن الوضع في أوكرانيا، اتفق الطرفان خلالها على ضرورة تجنب التقسيم والحفاظ على وحدة الأراضي الأوكرانية.
وأبلغ هولاند، الرئيس الروسي أن تشكيل حكومة مؤقتة، تمثل أكبر قسم من الأوكرانيين، يجب أن يؤدي إلى انتخابات رئاسية وإصلاحات.
كما أشار هولاند إلى أنه "يجب إعطاء مساعدات مالية لأوكرانيا في هذه الفترة الصعبة لاتخاذ اجراءات تحسين الوضع الاقتصادي"، داعياً الاتحاد الأوروبي وروسيا إلى العمل معاً في الاتجاه نفسه.
المشاورات حول الأزمة الأوكرانية لم تقتصر على فرنسا وروسيا، اذ تتواصل الحركة الدبلوماسية، الثلاثاء، في كييف غداة زيارة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، وتوقع وصول مساعد وزير الخارجية الامريكي، وليام بيرنز، اليوم إلى العاصمة الأوكرانية لدعم السلطات الجديدة والدعوة الى النهوض السياسي والاقتصادي بالبلاد.
كذلك من المقرر أن يجتمع وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، بوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، في وقت لاحق اليوم لمناقشة الدعم الطارئ لأوكرانيا.
ويقول مسؤولون أوكرانيون: إن البلاد بحاجة الى 35 مليار دولار لتجنب شبح الأزمة الاقتصادية. وأبدت واشنطن، التي تتجنب استعدادها لتقديم دعم مالي لتعزيز برنامج المساعدات لصندوق النقد الدولي.
ويعدّ المسؤولون الأمريكيون لسلسلة اجتماعات بقادة سياسيين ورجال أعمال وشخصيات بارزة في المجتمع المدني الأوكراني خلال الأيام القليلة المقبلة.
وتتجنب واشنطن وصف ما حصل في أوكرانيا بـ"الانقلاب"، اذ قال المتحدث باسم البيت الابيض، جاي كارني، إنه على الرغم من أن الرئيس الاوكراني، فيكتور يانوكوفيتش، منتخب ديمقراطياً، إلا أن أفعاله قوضت شرعيته ولم يعد يقود أوكرانيا في الوقت الحاضر.