البحر شريان المعاملات التجارية المغربية

26 نوفمبر 2014
(فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
تتميز المملكة المغربية بواجهتين بحريتين تمتدان على طول 3500 كيلومتر. ما مكّن المغرب من تشييد مجموعة من الموانئ على الواجهتين الأطلسية ‏والمتوسطية. حيث تتوفر المملكة على 11 ميناء بحريا للتجارة الخارجية ‏ومثلها للتجارة الداخلية والصيد البحري. ‏
وأعلنت وزارة النقل في بداية العام الحالي أن 95% من التجارة المغربية مع دول العالم، تمر عبر قطاع النقل البحري. وتستحوذ موانئ مدن الدار البيضاء، المحمدية، والجرف الأصفر، على ‏نسبة 78 ‏‎%‎‏ من عمليات النقل البحري في المملكة. حيث تعزز القطاع مؤخراً بتشييد أكبر ميناء في ‏أفريقيا على سواحل مدينة طنجة الشمالية، وهو مشروع "ميناء طنجة المتوسطي". وأنعش المشروع حركة ‏الملاحة والتجارة البحرية المغربية والدولية في حوض البحر الأبيض ‏المتوسط.‏ ويهدف المغرب إلى تحويل الميناء إلى أكبر وأعمق ميناء أفريقي.
وقد افتتحت أول محطة حاويات في الميناء في عام 2007، بعد فترة خمس سنوات من التشييد والبناء وبتكلفة وصلت إلى ملياري يورو. وبقرب الميناء تم بناء مرفأ للعبّارات يخدم خمسة ملايين راكب و500 ألف سيارة سنوياً. وبحسب تقرير صادر عن "الوكالة الخاصة طنجة المتوسط"، يمثل ميناء طنجة المتوسطي مشروعاً لبنية تحتية متكاملة. كما يهدف إلى بلوغ حركة نقل 3.5 مليون حاوية في عام 2020، وجلب استثمارات من القطاع الخاص بقيمة مليار يورو، بالإضافة إلى خلق 145 ألف فرصة عمل.
ويرى رئيس الجمعية المغربية للمستثمرين إبراهيم سابونجي، في ‏تصريحه لـ "العربي الجديد" أن مجال النقل البحري في المغرب، عرف ‏في الآونة الأخيرة طفرة نوعية جعلت منه حلقة وصل بين القارات ‏والدول. ويؤكد سابونجي أن مختلف الدول والشركات الكبرى، تستطيع ‏اليوم إيصال منتوجاتها نحو أسواق بعيدة انطلاقاً من المغرب بكلفة ‏معقولة. ‏
وثمّن المتحدث ذاته، إنشاء ميناء "طنجة المتوسط" الذي مكن المغرب ‏من تغطية معظم نقاط عبور الناقلات البحرية للسلع، ما منح للمصنعين ‏داخل المغرب إمكانية ولوج الأسواق البعيدة بسهولة. ‏
وينتظر سابونجي من المغرب أن يقوي بنيته التحتية بتشييد نموذج مشابه ‏لميناء "طنجة المتوسط" على واجهة المحيط الأطلسي. حيث يشدد على ‏أهمية مشروع كهذا في الانفتاح أكثر على القارتين الأميركيتين وكذا ‏على دول أفريقيا جنوب الصحراء والساحل.‏
من جهته يصف مالك إحدى أكبر شركات "النقل ولوجستيك" في المغرب ‏محمد رياحي، النقل البحري "بأفضل وسيلة تبادل تجاري اليوم، لأن تكلفتها ‏أقل مقارنة مع النقل الجوي أو عبر الشاحنات".‏
‏فالأولى يقول الرياحي، يتحكم فيها هاجس وزن البضائع المصدرة أو ‏المستوردة، أما الثانية فتثقل كاهل المقاولين والعاملين في مجال النقل ‏بارتفاع كلفة المحروقات.‏
تكلف حاوية واحدة من المغرب نحو أوروبا (ألمانيا مثلاً) 20 ألف درهم ‏‏(قرابة 2300 دولار أميركي)، في حين تكلف حسب خبرة الرياحي في ‏المجال، عملية نقل بضاعة أقل من حيث الكم، عبر الشاحنة، ونحو ‏الوجهة ذاتها، حوالي 30 ألف درهم (قرابة 3520 دولارا). ويضع ‏الرياحي دول القارتين الأميركيتين (الشمالية والجنوبية) على رأس ‏الوجهات البحرية للسلع المغربية أو المصدرة عبره، بعدهما أوروبا ثم ‏آسيا.‏
في المقابل، يلفت الرياحي إلى أن وسيلة النقل البحري تبطئ عملية نقل ‏البضائع، إذ لا يضمن المستورد للسلع والمصدر لها وقت وصولها نحو ‏الوجهة، وذلك بحسب إجراءات المراقبة والأمن القائمة داخل الموانئ ‏في الدول.‏
ولعل أبرز الصفقات التي ربحها المغرب مؤخراً بعد افتتاحه لميناء طنجة ‏المتوسطي، هي قرار استبدال العملاق الدولي في النقل البحري "ميرسك ‏لاين‎"‎، (وهو الخط البحري الذي يربط بين الصين والولايات المتحدة ‏الأميركية عبر قناة "بنما")، بخط بحري بديل يمر عبر قناة "السويس" ‏ويتوقف بميناء طنجة المتوسطي.‏
‏وقد أعلنت الشركة في السابق، أن خيارها سيرفع من نسبة طاقة النقل ‏بمعدل 25 ‏‎%‎‏ بين موانئ شرق الصين وشرق الولايات المتحدة ‏الأميركية، مقارنة مع خطها البحري السابق. ‏
مشروع آخر أطلق بداية السنة الجارية استفاد منه ميناء الدار البيضاء، ‏عبر إنشاء خط ملاحي يربط العاصمة الاقتصادية للمملكة بمدينة جدة ‏السعودية، تسيره شركة مشتركة بين بلدين برأسمال يناهز 112 مليون ‏دولار، ويضمن الخط رحلة بحرية تجارية واحدة كل 11 يوماً. ‏
وقد شهد قطاع النقل البحري بعض المشكلات في عام 2012، ما دفع ‏الحكومة ‏‎‎إلى تقديم دعم مالي للشركات التي تشهد صعوبات مالية، حتى ‏تتمكن من تجاوز الأزمة التي أدت إلى الحجز التحفظي على مجموعة ‏من السفن المغربية في الموانئ الأوروبية. ‏
من جهة أخرى، يعرف النقل البحري للأفراد في المغرب نشاطاً قوياً خلال فترة ‏الصيف، نظراً لقرب المسافة البحرية بينه وبين أوروبا جنوباً. ما يدفع ‏الآلاف من المغاربة لاختيار الباخرة كوسيلة للسفر نحو بلدهم. وسجل ‏ميناء طنجة المتوسطي خلال السنة الجارية، وفق تقاريره، عبور 118 ألفا و84 شخصاً ‏من أفراد الجالية المغربية المقيمة في الخارج، ونقلت البواخر خلال نفس ‏الفترة 21 ألفاً و486 سيارة و383 حافلة.‏
ويعتبر قطاع النقل البحري في المغرب مجالاً مدراً للأرباح، وذلك ما ‏أظهرته شركة "جي إن في" الإيطالية، حين أعلنت عن أرباح وصلت إلى ‏حدود 48 مليون دولار. إذ إن تكلفة نقل شخص واحد من المدن ‏الإيطالية نحو المغرب تكلف قرابة 550 دولار أميركي.
دلالات
المساهمون