أحد المنشورات لواحدة من المشاركات في تلك الصفحات، التي رصدها "العربي الجديد" تقول: "في حواليي بنت بيضا وحلوة وطويلة وجامعيّة من عائلة محترمة. يلّي حواليها عريس تحاكيني خاص". وأخرى كتبت "إذا في عريس عم يدوّر على عروس أنا عندي عروس آدميّة وحلوة ودارسة".
وأطلق على تلك المجموعات أسماء مختلفة منها "ماميّات، وصبايا اسطنبول". ويحظر دخول الشباب إليها، فهي حكر على الفتيات، في حين أن مجموعة "شباب وصبايا في ألمانيا" يمكن للشباب أن يشاركوا فيها.
وللوقوف على آراء بعض الفتيات المتواجدات في تلك الصفحات تواصل "العربي الجديد" مع عدد منهن، إذ قالت سها عيد: "لجأت إلى مواقع التواصل الاجتماعي وأهمّها فيسبوك كي أبحث عن عريس حقا، أصبح عمري 30 عاما ولم أتزّوج، إلى متى سأنتظر، دخلت إلى مجموعات في فيسبوك منها غروب صبايا اسطنبول، وأخرى اسمها ماميّات".
وأضافت "الحرب لم تبقِ لنا خيارا، فأغلب الناس أصبحوا خارج البلد، من قبل كنّا في سورية وكان من الممكن خطبة الفتاة وهي في السوق أو في حفلة أو من خلال عملها، أمّا الآن فلا أحد يرى أحد، فضلا عن قلّة الشباب، أغلبهم يقاتل في الحرب أو هاجر أو اعتقل أو قتل، كل هذه الأسباب تدفع أي فتاة إلى البحث عن عريس عن طريق الإنترنت".
وتابعت عيد "بغض النظر عن وضع البلد نحن بعصر الانفتاح، والعادات والتّقاليد أصبحت من الماضي، ومواقع التواصل الاجتماعي تجعل الناس أكثر جرأة في الحديث والكتابة، وخاصة أن بإمكانهم الكتابة باسم مستعار، فالجميع يتحدث بأريحية مطلقة. وأنا أظن أن الفتاة في كل زمان هي التي تبحث عن الشريك، وهناك بعض الأهالي يخطبون لبناتهم اذا أعجبهم شاب، بحسب المثل الذي يقول اخطب لبنتك قبل ما تخطب لابنك".
بدورها تحدثت ليلى موسى عن تجربتها عبر المجموعة: "فكرت مليا في الزواج لكن الوضع في سورية وعدم الأمان والاستقرار دفعني إلى القبول بفكرة الزواج خارج بلدي. وبحثت في المجموعات كي أتعرف على شاب عن طريق موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك. بصراحة لم يكن لدي مانع بأن أسافر لأي بلد آخر بحثا عن الزواج والاستقرار، بدأت أدخل إلى مجموعات منها شباب وصبايا بألمانيا وغيرها".
وتابعت موسى "بالفعل تعرفت على شاب سوري لاجئ في ألمانيا يريد أن يخطب، تحدثنا فترة وبعدها أرسل أهله الموجودين في سورية لخطبتي، وبعدها تم النصيب وسافرت إلى ألمانيا، وبدأت بتأسيس عائلتي بأمان واستقرار"، مضيفة "لو أنني لم افعل ذلك ولم أبحث بنفسي لكنت إلى الآن جالسة في منزل أهلي".
أمّا مياس الغريب، فقالت لـ"العربي الجديد": "ما يدفع الفتاة إلى البحث عن عريس هو ارتفاع نسبة العنوسة في سورية، وأيضا عزوف الشباب عن الزواج بسبب قلة العمل والحرب وارتفاع المهر والهجرة التي قللت فرص الزواج التقليدي".
ورأت الغريب أنّ "الارتفاع الكبير لأعداد الأرامل والمطلقات بسبب الحرب، والوضع الاقتصادي المأساوي الذي تعاني منه الشريحة الأكبر من السوريين، وغياب المعيل بسبب الوفاة أو الاعتقال أو الخطف، ساعد على استمرار العقليّة القديمة التي تروّج فكرة أنّ الزواج سترة للبنت، ويخفف العبء المادي على كاهل الأهل".
وتحدثت أم فاروق مع "العربي الجديد" عن فرصة زواج الشباب التي برأيها "باتت ضئيلة مقارنة بنسبة زواج الكبار، كونها متاحة أكثر، فهناك كثير من الأرامل والمطلقات والذين تخطوا سن الأربعين يتزوجن من الرجال الكبار في السن، أمّا جيل الشباب لم يعد موجودا في البلد وهو على وشك الانقراض".
ويذكر أن المعارك والقصف وطول أمد الحرب في سورية أدّى إلى هجرة الملايين إلى خارج البلاد، إضافة لتشرّد ملايين آخرين في الداخل. في حين فرّ آلاف الشباب هربا من الخدمة الإلزامية والتجنيد الإجباري في صفوف قوات النظام السوري، كما أثرت الحرب على السوريين في كافة نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.