بعدما اعتبر كل من رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، وأمين عام حزب الله حسن نصر الله أن الانفجار الذي دمر جزءا كبيرا من بيروت "فرصة" للحصول على المساعدة وفك الحصار، انتهى المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان بحصيلة هزيلة من المساعدات، رابطة تقديمها بإشراف الأمم المتحدة على توزيعها، من دون المرور بالقنوات الحكومية.
وتعهد زعماء العالم بنحو 300 مليون دولار للمساعدة في دعم لبنان وإعادة بناء بيروت بعد التفجير، فيما تبلغ الخسائر مليارات الدولارات، إن كان في مرفأ بيروت الذي تدمر تماماً، أو في الأحياء البيروتية التي سقطت فيها آلاف البيوت والشركات على رؤوس أصحابها.
وشارك قادة من أكثر من عشرين دولة في مؤتمر افتراضي للمانحين الأحد، استضافه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمم المتحدة. وتعهد المشاركون بجمع "الموارد الرئيسية" في الأسابيع المقبلة لتلبية احتياجات بيروت والشعب اللبناني، بحسب البيان الختامي. وقال المشاركون في البيان "في هذه الأوقات العصيبة ، لبنان ليس وحده".
وتعهد الزعماء بمبلغ إجمالي قدره 252.7 مليون يورو (298 مليون دولار) للإغاثة الطارئة، وفقًا لمكتب ماكرون، بما في ذلك 30 مليون يورو من فرنسا. وقال مكتبه إن الأموال هي مساعدة فورية للذهاب مباشرة إلى اللبنانيين وجماعات الإغاثة. وستتوقف المساعدة اللاحقة على الإصلاح السياسي.
وتشمل التعهدات 20 مليون دولار من ألمانيا و 41 مليون دولار من الكويت. ومن المفوضية الأوروبية 63 مليون يورو ومن قطر 50 مليون دولار. وقالت الرئاسة اللبنانية إن قبرص تعهدت أيضا بتقديم 5 ملايين يورو. فيما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن بلاده ستقدم مساعدة مالية كبيرة للبنان لكنه أحجم عن تقديم أرقام.
"اتفق المشاركون على أن مساعدتهم يجب أن تكون في الوقت المناسب ، وكافية ومتسقة مع احتياجات الشعب اللبناني ، ومنسقة بشكل جيد تحت قيادة الأمم المتحدة ، وتوصيلها مباشرة إلى الشعب اللبناني، بأقصى قدر من الكفاءة والشفافية"، بحسب البيان.
وتسبب الانفجار، الناجم عن انفجار مواد كيميائية مخزنة في الميناء الرئيسي بالمدينة، في مقتل أكثر من 150 شخصًا وإصابة 6000 شخص وتشريد مئات الآلاف. وأدت الاحتجاجات ضد دور الحكومة في التفجيرات المدمرة إلى استقالة عدد من الوزراء.
وقال ماكرون إنه يريد مساعدة الشعب اللبناني دون تأييد الطبقة السياسية التي قادت البلاد إلى الانهيار المالي عبر عقود من الفساد وسوء الإدارة.
وتابع : "على السلطات اللبنانية الآن تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يطالب بها اللبنانيون والتي ستمكن المجتمع الدولي من العمل بفعالية إلى جانب لبنان في عملية إعادة الإعمار".
بدوره، قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمة له بالمؤتمر، إن بلاده ستكشف النقاب عن خطط للمساعدة في إعادة إعمار بيروت في الأيام المقبلة.
إلى ذلك، أشار صندوق النقد الدولي الأحد إلى أنه على استعداد لمضاعفة الجهود لمساعدة لبنان لكنه أكد على أن كل مؤسسات البلاد تحتاج إلى إظهار صدق نيتها في تنفيذ الإصلاحات.
وقالت مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا إن الإصلاحات المتوقعة تشمل خطوات لاستعادة القدرة على الوفاء بالديون في الماليات العامة وصلابة النظام المالي وإجراءات حماية مؤقتة لتجنب استمرار هروب رؤوس الأموال.
وأضافت "نحن مستعدون لمضاعفة جهودنا. لكننا نحتاج لتوحيد الهدف في لبنان. نحتاج أن تتحد كل المؤسسات على التصميم لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشدة".
وتابعت "الالتزام بتلك الإصلاحات سيتيح الوصول لمليارات الدولارات لصالح الشعب اللبناني. تلك هي اللحظة التي يتعين فيها على صانعي السياسات في البلاد التصرف بحسم. نحن جاهزون للمساعدة".
كما دعت إلى اتخاذ خطوات للحد من الخسائر الفادحة التي تتكبدها الكثير من الشركات التابعة للدولة وتوسيع نطاق شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الأكثر احتياجا في البلاد.
وفي العام الماضي، أدى انهيار النظام المصرفي في البلاد والارتفاع الشديد في التضخم إلى احتجاجات حاشدة. حتى قبل تفشي وباء كوفيد -19، توقع البنك الدولي أن 45 في المائة من الناس في لبنان سيكونون تحت خط الفقر في عام 2020.
توقع صندوق النقد الدولي آخر مرة أن ينكمش الاقتصاد اللبناني - الذي يعاني من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانهيار العملة وكوفيد -19 - بنسبة 12 في المئة هذا العام. هذا أسوأ بكثير من متوسط الانخفاض 4.7 في المائة في توقعات الانكماش للشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وتخلفت البلاد عن سداد بعض ديونها في مارس/آذار. وفي الأسبوع الماضي، خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني للبنان إلى أدنى مرتبة. إنه الآن على قدم المساواة مع فنزويلا.
وقالت موديز في بيان: "البلاد غارقة في أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية، والمؤسسات الضعيفة للغاية ". وتابعت قائلة إن انهيار العملة والارتفاع المرتبط بالتضخم يخلقان "بيئة غير مستقرة للغاية".
والميناء الذي وقع فيه الانفجار هو المنفذ البحري الرئيسي للبلاد، و 60 في المائة من واردات البلاد تمر عبره. وقال بيار الأشقر، رئيس اتحاد الفنادق اللبنانية في تصريحات صحافية إن الانفجار أدى إلى تدمير 90 في المائة من الفنادق في بيروت.