انتماء المواطن الليبي إلى قبيلة أو أخرى لا يصبّ في مصلحته في بعض الأحيان، لا سيّما مع انقسام القبائل ما بين مؤيّدة لحرب حفتر أو معارضة لها
شرّدت الحرب التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس منذ ستة أشهر نحو 130 ألف مواطن، بحسب ما تفيد بيانات حكومة الوفاق الوطني في ليبيا. ولم يقتصر نزوح هؤلاء على مناطق جنوبي طرابلس بل طاول مناطق أخرى عقب تعدّد محاور القتال وتمدّدها لتشمل مناطق أخرى. محيي الدين سويد، من الذين اضطروا إلى التنقّل مراراً على خلفية الاشتباكات العسكرية في البلاد. هو من ترهونة وكان يعيش في حيّ الزطارنة في تاجوراء، جنوب شرقي طرابلس، ويخبر "العربي الجديد"، بأنّه "في ظلّ التشرّد الذي أختبره، أضطر في كلّ مرّة إلى الإفصاح عن انتمائي إلى قبيلتي التي لم تشارك في دعم قوات حفتر بالمقاتلين"، واصفاً وضعه بـ"السيّئ". ويقول سويد: "كأنّني لم أعد أعيش في بلدي، على الرغم من أنّني أعرف منطقة الخمس التي نزحت إليها أخيراً. وأجد نفسي متوجّساً من أيّ شخص يقترب منّي، فبمجرّد أن يقول المرء إنّه من ترهونة يعني ذلك أنّه عرّض نفسه إلى الخطر". ويتحدّث سويد بأسى عن "أوضاع الناس من جرّاء تقطّع النسيج الاجتماعي"، مشيراً إلى أنّه يضطر إلى الشرح مراراً أنّ "قبائل ترهونة ليست كلها داعمة لحفتر ونحن ننتمي إلى قبائل أخرى". ويتابع أنّ "القبيلة التي أنتمي إليها لديها صلات اجتماعية بمناطق مجاورة للخمس وبالتالي فإنّ انتمائي يوفّر لي أمني اليوم".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يقول محمود خلف الله، وهو عضو مجلس قبائل الجنوب، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مجرّد تصريح أحدهم بالانتماء إلى قبائل متورّطة في الصراع بالجنوب وفي دعم قوات حفتر يُعَدّ خطراً كبيراً عليه"، مضيفاً أنّ "قبائل مثل الزوية والحساونة وغيرهما في الجنوب تخوض القتال مع قوات حفتر، الأمر الذي يعني أنّ أبناءها عرضة للقتل، أو على أقلّ تقدير للأذيّة في مناطق قبائل أخرى". يضيف خلف الله أنّ "استخدام حفتر القبائل كأذرع عسكرية لدعم قواته أحدث خرقاً كبيراً في التناغم القبلي الذي كانت تعيشه ليبيا، وطاول مناطق جديدة في غرب البلاد"، لافتاً إلى معلومات تفيد بأنّ "الناس صاروا يسلكون طرقات وممرّات معيّنة أكثر أماناً عند انتقالهم من منطقة إلى أخرى في الجنوب، فهم يتحاشون المرور على حواجز تفتيش ينتمي عناصرها إلى قبيلة أو أخرى". لكنّ خلف الله يقرّ من جهة أخرى، بأنّ "الانتماء إلى القبيلة بات ضامناً لأمن الناس في مناطق نفوذها"، مشيراً إلى أنّ "ثمّة مناطق صارت مقسّمة، من قبيل الزنتان التي تدعم قبائلها طرفَي القتال في محيط طرابلس، بالتالي فإنّ الشرخ صار عميقاً جداً فيها".
أما خالد الشنيني، الذي تعود جذوره إلى سبها، جنوبي البلاد، فيلفت في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الحال أخطر ممّا يظنه الناس، والانتماء القبلي يطاول السيطرة على مواقع الجيش والشرطة ودوائر الأمن". ويوضح الشنيني أنّ "مليشيات قبلية أطلق حفتر يدها ميدانياً، يدير مقاتلوها مراكز الشرطة ويسيطرون على مواقع الأمن، وبالتالي يجد المواطن نفسه مضطراً للركون إلى قبيلة قوية ليضمن أمنه الشخصي". ويتابع الشنيني أنّ "حرّاس السجن الرئيسي في سبها باتوا بمعظمهم ينتمون إلى فصيل قبلي يوالي حفتر، فيتغاضون عن عمليات هروب كثيرة من السجن. وفي المقابل، يتّخذ الفصيل القبلي منشآت قريبة من السجن كمواقع لإخفاء مختطَف أو لسجن مواطنين خارج إطار القانون في حال كانوا ينتمون إلى قبيلة تخاصم حفتر". ويؤكد الشنيني أنّ "المواطن يضطر أحياناً إلى الكذب والتصريح بانتمائه إلى قبيلة محايدة في حال أراد المرور في منطقة ما بسلام، أو بانتمائه إلى قبيلة نافذة في حال أراد ضمان أمنه".
اقــرأ أيضاً
ويتحدّث خلف الله عن دراسات تشير إلى نحو 130 قبيلة كبيرة وصغيرة في ليبيا، تؤدّي 40 قبيلة منها تقريباً دوراً محورياً في الصراعات المختلفة منذ عام 2011، وهو الأمر الذي ضاعف تأثيرها في الأمن سلباً وإيجاباً. وعن تعاظم دور القبيلة في توفير الأمن لأبنائها، يلفت خلف الله إلى بيان أصدره ائتلاف قبائل ورفلة في بني وليد، جنوب شرق طرابلس، قبل أيام قليلة، أعلن فيه وقف "كل التعاملات المباشرة مع بلدية ترهونة"، على خلفية اختطاف مسلحين من قبائل ترهونة الموالية لحفتر مواطنين من ورفلة. ويؤكد خلف الله أنّه "لا صوت لمراكز الشرطة والأمن والحكومة في هذا السياق، فمن أعلن عن الإجراءات الإدارية هي القبيلة، فيما سُجّل تحرّك وفد قبلي وافد من أقصى غرب البلاد لحلحلة المشكلة التي تُعَدّ من قضايا التوتّر الأمني العالي بين قبائل المنطقتَين المحاذيتَين لبعضهما البعض". ويتابع أنّ "القبيلة في بني وليد هي التي قررت وقف التعامل مع البلدية، وهي مؤسسة حكومية، لكشف مصير أبنائها، وصار اليوم كلّ فرد من قبائل ترهونة مطلوباً لدى ورفلة حتى لو كان بريئاً".
من جهته، يقول محمود خلف الله، وهو عضو مجلس قبائل الجنوب، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مجرّد تصريح أحدهم بالانتماء إلى قبائل متورّطة في الصراع بالجنوب وفي دعم قوات حفتر يُعَدّ خطراً كبيراً عليه"، مضيفاً أنّ "قبائل مثل الزوية والحساونة وغيرهما في الجنوب تخوض القتال مع قوات حفتر، الأمر الذي يعني أنّ أبناءها عرضة للقتل، أو على أقلّ تقدير للأذيّة في مناطق قبائل أخرى". يضيف خلف الله أنّ "استخدام حفتر القبائل كأذرع عسكرية لدعم قواته أحدث خرقاً كبيراً في التناغم القبلي الذي كانت تعيشه ليبيا، وطاول مناطق جديدة في غرب البلاد"، لافتاً إلى معلومات تفيد بأنّ "الناس صاروا يسلكون طرقات وممرّات معيّنة أكثر أماناً عند انتقالهم من منطقة إلى أخرى في الجنوب، فهم يتحاشون المرور على حواجز تفتيش ينتمي عناصرها إلى قبيلة أو أخرى". لكنّ خلف الله يقرّ من جهة أخرى، بأنّ "الانتماء إلى القبيلة بات ضامناً لأمن الناس في مناطق نفوذها"، مشيراً إلى أنّ "ثمّة مناطق صارت مقسّمة، من قبيل الزنتان التي تدعم قبائلها طرفَي القتال في محيط طرابلس، بالتالي فإنّ الشرخ صار عميقاً جداً فيها".
أما خالد الشنيني، الذي تعود جذوره إلى سبها، جنوبي البلاد، فيلفت في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الحال أخطر ممّا يظنه الناس، والانتماء القبلي يطاول السيطرة على مواقع الجيش والشرطة ودوائر الأمن". ويوضح الشنيني أنّ "مليشيات قبلية أطلق حفتر يدها ميدانياً، يدير مقاتلوها مراكز الشرطة ويسيطرون على مواقع الأمن، وبالتالي يجد المواطن نفسه مضطراً للركون إلى قبيلة قوية ليضمن أمنه الشخصي". ويتابع الشنيني أنّ "حرّاس السجن الرئيسي في سبها باتوا بمعظمهم ينتمون إلى فصيل قبلي يوالي حفتر، فيتغاضون عن عمليات هروب كثيرة من السجن. وفي المقابل، يتّخذ الفصيل القبلي منشآت قريبة من السجن كمواقع لإخفاء مختطَف أو لسجن مواطنين خارج إطار القانون في حال كانوا ينتمون إلى قبيلة تخاصم حفتر". ويؤكد الشنيني أنّ "المواطن يضطر أحياناً إلى الكذب والتصريح بانتمائه إلى قبيلة محايدة في حال أراد المرور في منطقة ما بسلام، أو بانتمائه إلى قبيلة نافذة في حال أراد ضمان أمنه".
ويتحدّث خلف الله عن دراسات تشير إلى نحو 130 قبيلة كبيرة وصغيرة في ليبيا، تؤدّي 40 قبيلة منها تقريباً دوراً محورياً في الصراعات المختلفة منذ عام 2011، وهو الأمر الذي ضاعف تأثيرها في الأمن سلباً وإيجاباً. وعن تعاظم دور القبيلة في توفير الأمن لأبنائها، يلفت خلف الله إلى بيان أصدره ائتلاف قبائل ورفلة في بني وليد، جنوب شرق طرابلس، قبل أيام قليلة، أعلن فيه وقف "كل التعاملات المباشرة مع بلدية ترهونة"، على خلفية اختطاف مسلحين من قبائل ترهونة الموالية لحفتر مواطنين من ورفلة. ويؤكد خلف الله أنّه "لا صوت لمراكز الشرطة والأمن والحكومة في هذا السياق، فمن أعلن عن الإجراءات الإدارية هي القبيلة، فيما سُجّل تحرّك وفد قبلي وافد من أقصى غرب البلاد لحلحلة المشكلة التي تُعَدّ من قضايا التوتّر الأمني العالي بين قبائل المنطقتَين المحاذيتَين لبعضهما البعض". ويتابع أنّ "القبيلة في بني وليد هي التي قررت وقف التعامل مع البلدية، وهي مؤسسة حكومية، لكشف مصير أبنائها، وصار اليوم كلّ فرد من قبائل ترهونة مطلوباً لدى ورفلة حتى لو كان بريئاً".