الانتفاضة مستمرة

30 أكتوبر 2015
+ الخط -
هي جولات بين كر وفر، وفترات مد وجزر. تراجعت "إحداثيات" الانتفاضة في القدس في الأيام الأخيرة، فقط بفعل تشديد الاحتلال لقبضته، وريثما يلملم أهالي الشهداء جراحهم، لكن الغضب الفلسطيني في القدس، يظل يعتمر في الصدور حتى الانفجار المقبل. تشهد القدس تحت ضربات الاحتلال الموجعة تراجعاً في منسوب العمليات وفي نشاط الانتفاضة، لكنه يبدو مؤقتاً، حتى يلتقط الناس أنفاسهم، أو يعيدوا حساباتهم في ضوء الانحباس داخل الأحياء التي حولتها إسرائيل إلى غيتوهات.

يؤكد سكان القدس في أحيائهم أن ممارسات الاحتلال اليومية، والتفتيش المهين عند الحواجز، وانفلات عناصر الجيش في طرقات الأحياء المقدسية البعيدة عن البلدة القديمة، ستكون هي قبل أي شيء آخر الوقود للانفجار الآتي، فيما تبدو خليل الرحمن، البعيدة "جغرافياً"، أقرب إلى القدس من رام الله التي كانت على مسافة "رمية حجر" ولم تتوقف حركة الحياة بينها وبين القدس اليوم، ولو عطلها حاجز الرام لساعات. بين اقتحامات الأقصى من قبل المستوطنين، التي تمكن النائب الفلسطيني باسل غطاس، قبل يومين من توثيقها وكشف كذب تعهدات نتنياهو، واقتحامات الاحتلال المتواصلة لمستشفى المقاصد الخيرية في القدس، وهو المستشفى الذي نهض بعبء جرحى انتفاضتين اثنتين، ويتحمل اليوم عبء جرحى انتفاضة ثالثة، يبرز انضمام الخليل للانتفاضة. انضمام باتت علاماته وخصائصه تؤرق الاحتلال وتعيد له في الذهن حسابات الانتفاضتين الأولى والثانية.

في كلتا الانتفاضتين المذكورتين، جاء دور الخليل لاحقاً، لكنه أطال عمر الانتفاضتين وكان الأكثر بأساً في مقارعة الاحتلال. للخليل مميزاتها ولمقاومتها خصائص تخشى إسرائيل من استعادتها في الانتفاضة الحالية. فرغم وجود السلطة الفلسطينية في الخليل، إلا أن بأسها فيها أقل مما هو في رام الله. هي خليل الرحمن، وفيها الرحم الإبراهيمي الذي بات جيش الاحتلال يسميه بالأقصى الصغير، وهي تسمية تحمل كل الدلالات وكل مكامن الانفجار الذي تخشاه إسرائيل، انفجار "خليلي" يعيد الأمور في الحرم الإبراهيمي إلى نصابها الحقيقي، ويجعل الانتفاضة المشتعلة في الخليل مقدمة للقضاء على التقسيم الزماني والمكاني في المدينة وضمانة لبقاء لهيب الانتفاضة.
المساهمون