بعد أن انتهت انتخابات مجلس النواب بالمغرب بتصدر حزب "العدالة والتنمية" من خلال حصوله على 125 مقعداً برلمانياً، يليه حزب "الأصالة والمعاصرة" غير بعيد عنه بـ102 مقعداً، يمكن تسجيل عدد من الاستنتاجات والملاحظات الرئيسية بخصوص مخرجات هذه النتائج.
الملاحظة الأولى التي تُستنتج من نتائج اقتراع السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أن نظرية القطبية الحزبية الثنائية في المغرب تأكدت بما لا يدع مجالاً للشك أو التفنيد، بعد أن ذهب العديد من القيادات الحزبية إلى استبعاد أن تكون هناك قطبية سياسية في البلاد، وأن جميع الأحزاب لديها حضور قوي في الانتخابات.
وبحصول "العدالة والتنمية" على 125 مقعداً في مجلس النواب الجديد، و"الأصالة والمعاصرة" على 102 مقعداً، فذلك يعني بحساب بسيط أن الحزبين لو دخلا في تحالف ثنائي، رغم أنه مستبعد جداً، لأمكنهما أن يشكلا حكومة لوحدهما دون الحاجة إلى أحزاب أخرى، حيث إنهما يمثلان أغلبية بـ227 مقعداً.
الملاحظة الثانية أن القطبية التي ظهرت في المشهد السياسي والحزبي بالمغرب في الانتخابات الجماعية لسنة 2015 تأكدت بشكل أكبر وأعمق في انتخابات مجلس النواب ليوم أمس الجمعة، وتكرست أكثر في الفارق الشاسع مع الحزب الثالث، فحزب "الاستقلال" الذي جاء ثالثاً حصل فقط على 46 مقعداً، مبتعداً بـ56 مقعداً عن الحزب الثاني.
وأما الملاحظة الثالثة التي حبلت بها الانتخابات، فتتمثل في خسارة فادحة لأحزاب ما يسمى "الكتلة الديمقراطية"، والمشكلة سابقاً من أحزاب "الاتحاد الاشتراكي" و"التقدم والاشتراكية" و"الاستقلال"، حيث إنها جميعاً فقدت مزيداً من المقاعد البرلمانية مقارنة مع سنة 2011.
وحصلت الأحزاب الثلاثة على 78 مقعداً فقط، موزعة بين 46 لحزب "الاستقلال"، و20 لحزب "الاتحاد الاشتراكي"، و12 لحزب "التقدم والاشتراكية"، بينما كانت قد حازت قبل خمس سنوات على ما مجموعه 117 مقعداً برلمانياً.
وتتجلى الملاحظة الرئيسية الرابعة في قدرة حزب "العدالة والتنمية" على ضمان مقاعد برلمانية لجميع وزرائه بدون استثناء، وحتى لمن ترشحوا من أعضاء الأمانة العامة للحزب، حيث فازوا جميعاً في الدوائر الانتخابية التي ترشحوا فيها، وهو وما يمكن تفسيره بأن تدبير الحزب للشأن العام لم يؤثر على توجهات الناخبين الذين منحوا للحزب فرصة ثانية لمواصلة الإصلاح.
والملاحظة الخامسة التي أفرزتها الانتخابات التشريعية المغربية ولوج أحزاب يسارية لأول مرة قبة البرلمان، بعد أن قاطعت استحقاقات سنة 2011، حيث إن "فدرالية اليسار الديمقراطي"، التحالف المشكل من ثلاثة أحزاب ذات خليفة يسارية، فازت بمقعدين برلمانيين، واحد في قلب أحد أرقى الأحياء بالرباط، والثاني في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.