أسدل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الستار على قصة موعد إجراء انتخابات مجلس النواب المقبل، لتكون بعد شهر رمضان المقبل بالتأكيد، عقب حالة من الجدل التي تصاعدت خلال الأسبوعين الماضيين. وأكد السيسي في كلمة له في احتفال بعيد العمال أمس الأول، أن الانتخابات البرلمانية سيتم إجراؤها بعد شهر رمضان وامتحانات الشهادة الثانوية العامة، أي بعد شهر يوليو/تموز المقبل، فيما أكدت مصادر سياسية بارزة أن الانتخابات لن تجري قبل شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وتحمل تصريحات السيسي حول استبعاده إجراء الانتخابات قبل رمضان، دلالات كبيرة لجهة تراجعه عن وعده بإجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، وتعديل قانون تقسيم الدوائر في غضون شهر من الحكم على عدم دستوريته. كما أن هذه التصريحات، تُعتبر موتاً بطيئاً للأحزاب السياسية، فعلى مدار أشهر مقبلة لن تكون هناك أنشطة فعلية، نظراً لأن موعد الانتخابات سيتحدد عقب شهر رمضان.
وتصريحات الرئيس المصري، تؤكد ما نشرته "العربي الجديد"، نقلاً عن مصادر مقرّبة من مؤسسة الرئاسة، برفض إجراء الانتخابات قبل رمضان. وشددت المصادر، على أن أجهزة سيادية والقضاة رفضوا إجراء الانتخابات قبل رمضان، وطالبوا بتأجيلها إلى ما بعد ذلك.
وكانت الحكومة شهدت حالة من التخبط في تعديل قانون تقسيم الدوائر، وأقرّت تعديلات، ولكن وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي، عاد ولمّح إلى وجود رأي بإدخال تعديلات جديدة على القانون.
وقال رئيس حزب "العدل" حمدي سطوحي، إن تصريحات السيسي حول موعد الانتخابات غير مفاجئة بل كانت متوقّعة، لأنه نظرياً يصعب بدء أي تحركات بشأن إجراء الانتخابات قبل شهر رمضان. وأضاف سطوحي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة في ذاتها لم تستقر على تعديل قانون تقسيم الدوائر، وهناك حالة من التخبط حول تعديله حتى الآن، معتبراً أن "هناك رغبة في تأجيل الانتخابات أكبر فترة ممكنة، وإلا لبدأنا الانتخابات قبل أشهر"، متسائلا: "إلى متى سنظل بلا برلمان يعبّر عن الشعب؟".
وشدد على أن هذا التأجيل والتخبط لدى الحكومة، أصاب الأحزاب السياسية بحالة ارتباك داخلي شديدة لجهة عدم معرفة عدد مقاعد الفردي التي ستضاف إلى القانون، حتى يتم الاستعداد لذلك، محذراً من إعلان موعد إجراء الانتخابات بشكل عاجل ومفاجئ، لوضع الأحزاب في موقف حرج، متوقّعاً أن يتم ذلك من قبل اللجنة العليا للانتخابات بشكل مقصود.
وعما إذا كان قرار السيسي الأخير يعني استمرار السلطة التشريعية في يده، أكد رئيس حزب "العدل" أن هذا الأمر غير مرحب به من قبل الأحزاب، ولكن لا يمكن الدخول في دوامة نقل السلطات إلى المحكمة الدستورية أو أي جهة أخرى، وخصوصاً أن الانتخابات من المقرر أن تبدأ في فترة قريبة.
وشدد على أن الأزمة في بقاء السلطة التشريعية في يد السيسي، وإصدار مزيد من القوانين يعني أن مجلس النواب عليه مراجعة كل هذه القوانين مرة أخرى، وهو أمر يحتاج وقتاً وجهداً كبيرين. ولم يختلف موقف حزب "الكرامة" عن "العدل"، وقال القيادي بـ"الكرامة" محمد بسيوني، إن الأحزاب والشعب يتحملون فشل النظام والحكومة الحالية، لجهة عدم القدرة على إتمام تعديل قانون تقسيم الدوائر حتى الآن.
وأضاف بسيوني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الأحزاب السياسية لديها حالة من التخبط والارتباك الداخلي بسبب تراخي الحكومة عن إتمام تعهداتها خلال الفترة المحددة، مشدداً على أن الأحزاب على مدار الشهرين أو الثلاثة أشهر المقبلة لن تقوم بأي أعمال، بانتظار قرار السيسي حول إجراء الانتخابات وبدء مراحلها من اللجنة العليا للانتخابات.
ولفت القيادي في حزب "الكرامة"، إلى أن الوضع السياسي الحالي في مصر مضيّق عليه بشكل كبير، فبخلاف موعد إجراء الانتخابات الذي لم يحدد، ليس هناك تشاور مع الأحزاب السياسية بشكل كبير، ومقترحات الأحزاب يُضرب بها عرض الحائط، معتبراً أن النظام الحالي يتخذ قرارات وفق ما يراه مناسباً من وجهة نظره، ولا يلقي بالاً للأحزاب، وهو خطأ وقع فيه الرئيس المعزول محمد مرسي من قبل.
اقرأ أيضاً: مصر: 3 فضائح حكومية يكشفها تأجيل اﻻنتخابات
من جهته، قال المستشار القانوني لحزب "النور"، طلعت مرزوق، إن عدم إجراء الانتخابات حتى الآن يجعل من الرئيس الحالي جامعاً بين سلطتين، بموجب الدستور، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تأجيل الانتخابات يضرّ بشكل كبير ويضعف من مجلس النواب المقبل، لجهة التفرغ لمراجعة كافة القوانين والقرارات التي أصدرها السيسي على مدار عامين.
وتابع: "المدة التي ستتم فيها مراجعة هذه القوانين ستكون طويلة، وهنا أمام المجلس إما المراجعة السريعة فقط وعدم الاعتراض على القوانين، أو المراجعة المستفيضة، وفي هذه الحالة لن يتابع المجلس مجريات الأمور في مصر".
وفي السياق، كشف مصدر في حزب "الوفد" المصري عن تلقي رئيس الحزب السيد البدوي، تحذيراً من جهة سيادية وصفها بالعليا، من الحديث مرة أخرى عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة. وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن البدوي أخبر قيادات بارزة في الهيئة العليا للحزب أن السلطة السياسية في مصر لن تقبل بأي حديث مرة أخرى، عن مقاطعة الحزب للانتخابات، والذي كان المطلب الرئيسي للهيئة العليا بعد تأجيل الانتخابات، وما سموه بالحوار الشكلي لرئيس الوزراء مع القوى السياسية بهدف تعديل قوانين الانتخابات.
وقال البدوي لأعضاء الهيئة العليا، بحسب المصدر، "إن أحد القياديين الكبار في الدولة قال: لن تتحملوا غضب الرئيس إذا أقدمتم على خطوة مقاطعة الانتخابات، أو الترويج لها إعلامياً".
وتابع المصدر أن "القيادة الكبيرة في الدولة أخبرت البدوي أن مقاطعة مكونات 30 يونيو للانتخابات وعلى رأسها "الوفد" تهزّ الشرعية الدولية للنظام الحالي أمام الدول الغربية، وهو ما سيستغله الإخوان المسلمون في تأكيد أن النظام الحالي فاقد للشرعية، ويقضي على الحياة السياسية في مصر".
من جهة أخرى، قال البدوي في تصريحات إعلامية، إنه سعى للتحالف مع المرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق، المقيم في الإمارات في الوقت الراهن وموضوع اسمه على قوائم ترقب الوصول، وتشكيل قائمة لخوض الانتخابات المقبلة، إلا أن تلك الجهود لم تكلل بالنجاح، مضيفاً: "شفيق من حقه أن يكون له مرشحون يخوضون الانتخابات، وأن يكون له كتلة برلمانية".
وكانت 42 شخصية عامة وحزبية، جميعها من معسكر 30 يونيو الداعم للسيسي، قد أصدرت بياناً أكدت فيه رفضها لما سمّي بالحوار المجتمعي لرئيس الوزراء مع القوى السياسية بشأن الانتخابات، مؤكدة خلاله أن البرلمان المقبل يتم تفخيخه ليكون بلا دور سياسي واضح.
وكشف البدوي "أنه اجتمع مع شفيق أثناء جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في عام 2012، هو ووزير التجارة الحالي منير فخري عبد النور، وأكدوا دعم الوفد وقتها لشفيق ووقوفهم خلفه في مواجهة مرسي".
كما كشف البدوي عن تراجع السيسي في الوقت الراهن عن فكرة تأسيس حزب سياسي ليكون حزب الرئيس، قائلاً "متأكد أن السيسي لن يُقدم على هذه الخطوة التي طرحها عليه البعض"، معتبراً أنه "إذا أقدم السيسي على تلك الخطوة فسيكون الباب للهجوم السياسي عليه مفتوحاً على مصراعيه، كما أنه حينها سيكون رئيس حزب منافس ومن حقنا انتقاده ومعارضته".
اقرأ أيضاً: الأحزاب المصرية الموالية تنتفض ضد "تفخيخ البرلمان"