الانتخابات البرلمانيّة الليبيّة: لا غالب ولا مغلوب

27 يونيو 2014
+ الخط -

مرّت الانتخابات الليبية، بعد ثورة السابع عشر من فبراير/ شباط، بمرحلتين، الأولى أدّت فيها كاريزما رئيس حزب تحالف القوى الوطنية، الليبرالي محمود جبريل، دوراً في انتخابات المؤتمر الوطني العام في يوليو/ تموز 2012، إذ حصدت قوائمه 39 مقعداً من أصل 80 مخصصة للقوائم الحزبية بسبب انتشار صورته على تلك القوائم.

وقد ظن كثير من الليبيين آنذاك أنهم ينتخبون جبريل وليس قوائمه، حتى أن كثيرين أعلنوا عن مفاجأتهم بترشح شخصيات ما كان لها أن تترشح لولا "خديعة الصورة".

أما المرحلة الثانية، فقد تمثلت في الانتخابات البرلمانية، التي جرت أول من أمس، الأربعاء، إذ جاء قانون الانتخاب خالياً من القوائم الحزبية، لتظهر القبيلة في أسمى تجلياتها، خصوصاً في الشرق والجنوب الليبيين.

وقام زعماء القبائل وشيوخها بدور بارز في دعم بعض المرشحين، بحسب النتائج الأولية المتداولة في ليبيا، من أجل الوصول إلى البرلمان المنتظر.

وحقق التيار الفيدرالي في بنغازي، عقب فرز 50 في المئة من الأصوات، تقدماً ملحوظاً مع احتمال أن يصل أربعة أو خمسة نواب فيدراليين قبليين لعضوية مجلس النواب الليبي، إذ دعمتهم إعلامياً وسائل إعلام محسوبة على التيار، كقناة "ليبيا أولاً"، لمالكها رجل الأعمال الليبي حسونة طاطاناكي، والذي اعترف بعض العاملين معه سابقاً بتلقي أموال ودعم من دولة الإمارات.

وتحدث بعض المراقبين عن ضآلة حظوظ التيار الإسلامي المعتدل في الفوز أو في الحصول على مقاعد مهمة في مجلس النواب المقبل، معلّلين ذلك بحملات إعلامية ضخمة قادها حزب "تحالف القوى الوطنية"، والقنوات الفضائية وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة له، في تشويه صورة التيار الإسلامي أمام الشعب الليبي، ووضعه كله في سلة واحدة، والحكم عليه بالتطرف والإرهاب.

كما ساهمت "عملية الكرامة"، التي قادها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، منذ منتصف مايو/ أيار الماضي، في هز صورة التيار الوطني عموماً والإسلامي خصوصاً، فقد دعمت قبائل في شرق بنغازي، عملية حفتر، ودفعت بأبنائها للالتحاق بمعسكر حفتر المكوّن من ضباط سابقين وميليشيات قبلية.

ولا يختلف الوضع كثيراً في باقي مدن شرق ليبيا، كأجدابيا والبيضاء والقبة وطبرق، إذ، بحسب ما هو معلن من نتائج حتى الآن، تقدم المدعومون من شيوخ القبائل، وخصوصاً أن معظم المرشحين لانتخابات مجلس النواب أعلنوا براءتهم من الانتماء لأي تيار حزبي، ما يجعلهم في سلة شيوخ القبائل وزعمائها، بل منهم مَن سبق له أن أعلن، عبر وسائل إعلام ليبية محلية، تأييده لعملية "الكرامة" العسكرية ببنغازي.

وفي الجنوب، فاز، مبدئياً، مرشحو القبائل الليبية، وعلى الرغم من انتماء بعضهم لأحزاب سياسية، إلا أنهم يرفضون إعلان هذا الانتماء تحسّباً لخسارتهم الرهان الانتخابي، بسبب الصورة السلبية التي زرعها النظام السابق عن الأحزاب، واستمرار وسائل إعلام ليبية، بعد ثورة فبراير، في شيطنتها، واعتبارها مسؤولة عن خراب ليبيا.

وفي مصراتة، لا وجود للتيار المدني المدعوم من تحالف القوى الوطنية، فالترتيب الأول والثاني يحتله، مبدئياً، تيار ثورة السابع عشر من فبراير، متمثلاً برئيس مجلس الشورى، عضو المجلس العسكري بمصراتة، سليمان الفقيه، وعضو المجلس العسكري، فتحي باشاغا، يليهما عضوان محسوبان على التيار الثوري، وهما رئيس رابطة المتضررين من تاورغاء، محمد الضراط، وعبد الرحمن السويحلي. أما الثالث، فهو رجل الأعمال المعروف، محمد الرعيض.
وهناك مرشحون أقل حظوظاً، وهم من الثوار الذين لا ينتمون للتيار الإسلامي، وأقرب للتيار الليبرالي. ومن النساء، اكتسحت حنان شلوف، وهي من التيار الوطني المحافظ.

ويبدو أن عضوي المؤتمر الوطني، جمعة السايح وهاجر بالقايد، قد خسرا الرهان الانتخابي، الأول عن ورشفانة، والثانية عن دائرة في طرابلس، مع تقدم ملحوظ للمرشح السابق لرئاسة الوزراء، مصطفى أبو شاقور، وأحد ممثلي التيار السلفي في ليبيا عن طرابلس، علي السباعي.  

وفي التطورات الانتخابية الميدانية، قام مجهولون، ليل الأربعاء، باغتيال المحامية، عضوة المجلس الانتقالي الليبي السابق، سلوى بوقعيقيص، وذلك خلال هجوم على منزلها واختطاف زوجها عصام الغرياني، العضو المنتخب للمجلس المحلي في بنغازي.

وكانت بوقعيقيص قد ظهرت قبل مقتلها على قناة "النبأ" الليبية كشاهدة عيان على الاشتباكات التي اندلعت الأربعاء أمام معسكر "راف الله السحاتي"، بعدما شنت قوات تابعة للصاعقة والشرطة العسكرية ومديرية أمن بنغازي، الموالية لحفتر، هجوماً على الكتيبة، أسفر عن مقتل ثلاثة من الشرطة العسكرية وجرح أكثر من عشرين.

المساهمون