الاستحواذ على السلطة في اليمن
تسير تطورات الأحداث في اليمن وفقاً لأهداف ثلاث قوى، تشكلت بعد إسقاط صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، وهي، جماعة الحوثيين المسلحة، الرئيس عبد ربه منصور هادي، الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، والجيش والقبائل الموالية له. ويأخذ تحالف الحوثي مع الرئيس السابق طابع الدعم والتوجيه والتمويل، ومد الحوثي بكل أدوات القوة التي مكنته من تسلم صنعاء وتوسعه إلى المحافظات الأخرى، ويتحدث مواطنون أن رؤساء اللجان الشعبية للحوثيين في المحافظات وبعض المرافق العامة هم قيادات تتبع صالح.
وبالتالي، لا يمكن التحدث عن صراع، الآن، بين الحوثيين وصالح، فعند دخول العاصمة صنعاء لم يستهدف الحوثيون صالح، أو أحداً من عائلته، أو مواليه، وفي وسعنا أن نرى انسجاماً منقطع النظير بين نجل صالح واللجان الشعبية التابعة للحوثي، إذ توجد صور نجل صالح مع عبدالملك الحوثي في مقدمة الأطقم والمدرعات العسكرية التابعة للحوثيين، وعلى جوانب الأسلحة التي يحملونها.
لأسباب عديدة، يستمر تحالف الحوثيين مع الرئيس السابق، أولا، كونه يملك موالين له ممن لديهم خبرة عالية في إدارة القوة الصلبة (الجيش والإعلام والمال)، وهي إحدى نقاط ضعف الحوثيين، على الرغم من الدعم الذي قدمته إيران من الخبراء والفنيين. ثانياً، مازال أمر الرئيس، هادي، يحتاج إلى استمرار التحالف، وهو ما يحتم عليهم من تسريع الأحداث لإطاحته. وقد بدت واضحة للعيان بتهديداتٍ، أطلقها مستشار هادي لدى الحوثيين، وتبعتها خطوات سريعة، قضت باختطاف الحوثيين مدير مكتب الرئيس، أحمد عوض بن مبارك، وترحيله إلى صعدة.
ومع تزايد تكهنات ما يؤول إليه الوضع، في ظل سيطرة هؤلاء على الوضع، استيقظت العاصمة صنعاء الاثنين، على سلسلة انفجارات وقصف عنيف واشتباكات بين قوات حماية الرئيس ومسلحي جماعة الحوثيين المسلحة. وقالت وزيرة الإعلام، نادية السقاف، إن هناك ثلاثة أطراف داخلة في هذه الأحداث: قوات الأمن والدفاع التابعة للدولة، قوات أنصار الله، وبعض أفراد الحرس الجمهوري، والقبائل الموالية للنظام السابق.
وأعتقد أن ما يجري، الآن، في صنعاء، هو آخر فصول المسرحية للتحالف المتوازي الذي شكله الحوثيون، لأن الذي لم يدافع عن صنعاء قبل دخول المليشيات، لن يدافع عنها بعد سيطرتها على كل الدولة.