الاستثمار الأجنبي في مصر يهوي 23.5%... والديون المتفاقمة تستنفر "المركزي"

01 أكتوبر 2019
الديون وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في عهد السيسي(Getty)
+ الخط -


أظهرت بيانات رسمية، تهاوي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بنسبة 23.5 في المائة خلال العام المالي الماضي المنتهي في يونيو/حزيران 2019، متأثراً بخروج رؤوس أموال من الدولة، في ظل تزايد القلق من عدم الاستقرار الناجم عن سياسات نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي همشت القطاع الخاص، وأغرقت البلاد في مستويات غير مسبوقة من الديون والفقر واستنزفت مئات مليارات الجنيهات في مشروعات من دون جدوى اقتصادية.

وذكر البنك المركزي في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني، أن صافي الاستثمار الأجنبي في العام المالي 2018 /2019، بلغ 5.9 مليارات دولار، مقابل 7.7 مليارات دولار في العام المالي السابق.

وأشار المركزي إلى أن تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، جاء نتيجة لارتفاع التدفقات للخارج بما يفوق ارتفاع التدفقات للداخل، لافتا إلى أن ميزان المعاملات الجاري سجل عجزا بقيمة 8.2 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي، مقابل 6 مليارات دولار في العام السابق عليه.

وتواجه مصر صعوبات مالية، إذ يعتمد نظام السيسي على الاقتراض المتواصل، بينما تتصاعد المخاوف من عدم قدرة الدولة على سداد الديون في ظل دخول الاقتصاد في حالة من الجمود.

ويتعمق الشعور بالغضب لدى ملايين المصريين تجاه نظام السيسي في ظل تردي الظروف المعيشية، بينما أظهرت تسجيلات مصورة للمقاول محمد علي، الذي كان مقرباً في السابق من النظام، حالات فساد طاولت الرئيس المصري وزوجته وقيادات مقربة من الجيش تمثلت في بناء قصور بمئات ملايين الجنيهات، فضلا عن مشروعات بمئات المليارات من دون جدوى اقتصادية على رأسها العاصمة الإدارية الجديدة الواقعة على بعد نحو 45 كيلومترا شرق العاصمة القاهرة.

وجاءت المظاهرات الأخيرة في مصر التي حملت شعارات "ارحل يا سيسي" بمثابة إنذار جديد لنظام السيسي، إذ يقول محللون إنه لن يكون من السهل كبحها من دون معالجة أسبابها الاقتصادية والسياسية أيضا.

ولا يثق كثير من المصريين في وعود الحكومة بعد ثلاثة أعوام من وقوعهم فريسة إجراءات مؤلمة جرى الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي في 2016 مقابل قرض بقيمة 12 مليار دولار.

ويعيش المصريون ضغطاً كبيراً، حيث رفع نظام السيسي أسعار الوقود والكهرباء والنقل ضمن برنامج لإلغاء الدعم، وفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14 في المائة على أغلب السلع والخدمات.

كما حرر البنك المركزي، العملة المحلية ما أدى إلى تهاوي الجنيه أمام العملات الأجنبية ورفع أسعار مختلف السلع والخدمات بشكل غير مسبوق على مدار عقود طويلة، حيث قفز التضخم إلى أكثر من 30 في المائة خلال عام 2017 قبل أن تعلن الحكومة انخفاضه بعد ذلك بشكل متدرج ليصل وفق بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في وقت سابق من الشهر الجاري، إلى 7.5 في المائة في أغسطس/آب الماضي فيما يشكك خبراء اقتصاد في شفافية هذه البيانات لاستمرار موجات الغلاء من دون توقف.

وقد أدت الإجراءات الحكومية إلى ارتفاع عدد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، إذ وصل الرقم إلى 32.5 في المائة في العام المالي 2018/2017 بعد أن كانت النسبة 27.8 في المائة قبل عامين، بينما يؤكد محللون أن النسبة الحقيقية تصل إلى 70 في المائة.

ورغم الاقتراض من صندوق النقد الدولي والحصول على مساعدات بعشرات مليارات الدولارات من السعودية والإمارات والكويت خلال نحو ست سنوات، تظهر الأرقام الرسمية أن السيسي بنى خلال هذه الفترة، ساتراً منيعاً من الديون التي تعاني منها أجيال من المصريين.

وكشفت بيانات صادرة عن البنك المركزي، في سبتمبر/أيلول الماضي، أن الدين المحلي (الداخلي) قفز على أساس سنوي، في مارس/آذار 2019، إلى 4.204 تريليونات جنيه (256.2 مليار دولار)، مقابل 1.7 تريليون جنيه لدى وصول السيسي للحكم في يونيو/حزيران 2014،بزايدة بلغت نسبتها 147 في المائة، حيث استدان من البنوك المحلية أكثر من ضعف ما استدانه خمسة رؤساء سابقون تعاقبوا على حكم مصر منذ أكثر من 60 عاماً.

كما قفز الدين الخارجي، إلى 106.2 مليارات دولار في نهاية مارس/آذار 2019، مقابل 46 مليار دولار في يونيو/حزيران 2014، بارتفاع بلغت نسبته 130 في المائة.

وأضحى شبح الإفلاس يلاحق البلاد، في ظل المخاوف المتصاعدة من عدم القدرة على سداد أقساط الديون والفوائد المترتبة عليها، بينما أقدم النظام على طباعة مئات مليارات الجنيهات لتوفير السيولة المالية في حالة غير مسبوقة بهذا الحجم.

لكن رامي أبو النجا، وكيل محافظ البنك المركزي، قال على هامش مؤتمر اقتصادي في دبي، إن بلاده لا تواجه أي مشكلة في سداد ديونها والتزاماتها الخارجية، مضيفا أنه يتم سداد كافة الالتزامات في مواعيدها المحددة.

وأعلن البنك المركزي في سبتمبر/أيلول الماضي سداد نحو 25 مليار دولار ديوناً وفوائد ديون مستحقة على مصر، خلال العامين الماضيين من نهاية مارس/آذار 2017 وحتى نهاية مارس/آذار 2019، لكن البيانات الرسمية تظهر وفق رصد لـ"العربي الجديد" أن مصر اقترضت خلال الفترة المذكورة 32.2 مليار دولار، ما يشير إلى أن سداد الديون يأتي من خلال قروض أكبر.

المساهمون