الاحتلال يُرهب باب حطة لبناء بؤرة استيطانية

11 سبتمبر 2016
اعتدى الاحتلال على الأهالي لرفضهم التعاون(أحمد غربلي/فرانس برس)
+ الخط -

يعيش أهالي باب حطة في البلدة القديمة للقدس المحتلة، حالة من التأهب والترقّب بفعل اقتحامات شرطة الاحتلال الإسرائيلي المتكررة لبيوت الحيّ ومحلاته التجارية منذ مطلع أغسطس/آب الماضي حتى اليوم. وتشمل هذه الاقتحامات، التي بلغ عددها الستة في الشهر الأخير، إجبار التّجار على إغلاق محالهم في الحيّ، وتفتيش البيوت وتخريب محتوياتها، ومنع الدخول إلى الحيّ إلا لمن يسكن فيه، بل وأيضاً الاعتداء بالضرب والتكسير على المارة.

في هذا السياق، كشف أحد شبان الحيّ، لـ"العربي الجديد"، أنه "يعتقد أن الغرض من هذه الاقتحامات والاعتداءات الإسرائيلية المكثفة هو تكسير صمود وعزيمة أهالي الحيّ، عن طريق سياسة العقاب الجماعي". ورأى أن "شرطة الاحتلال عمدت إلى معاقبة الحيّ وسكانه والاعتداء عليهم، بسبب رفض لجنة الحيّ الاجتماع بضباط منها وممثلين عن سلطات الاحتلال الأخرى، ورفضوا أن يكونوا أداة للابتزاز".

وقد حاول ضباط من شرطة الاحتلال في الآونة الأخيرة عقد لقاءات مع أعضاء من لجنة الحيّ والوجوه البارزة فيه، بحجة وضع خطة من أجل تطوير البنية التحتية في الحيّ، إلا أن أعضاء اللجنة رفضوا الانضمام لهكذا لقاءات. وقد تجوّل ضباط الشرطة أكثر من مرة في الحيّ وحاولوا التحدث مع بعض الشخصيات بهدف إقناعها بضرورة الاجتماع مع شرطة الاحتلال، وأن ذلك يأتي "لمصلحة الحي" ومن أجل تطوير شوارعه وبنيته التحتية، إلا أنهم لم يفلحوا في ذلك.

واعتبر الشاب أن "شرطة الاحتلال تحاول خلق حالة شبيهة بحالة روابط القرى التي أنشأتها في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الأولى (1987 ـ 1993)، وذلك من خلال طلب الاجتماع ببعض شباب ورجال الحيّ، وتعزيز مصالحهم التّجارية والاقتصادية في الحيّ، في مقابل أن يقوموا بمحاربة إلقاء الحجارة أو المشاركة في مواجهات ضدّ الاحتلال". وأشار إلى أن "الاحتلال يبحث عن حالة هدوء في القدس، ويريد فرض سيطرته في كل القدس".

ولفت إلى أن "هناك خلفيات أخرى أدت إلى سلسلة الاعتداءات هذه، منها أن جمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية قد سيطرت على أحد البيوت في الحيّ، وفق قانون الجيل الثالث الإسرائيلي، الذي ينصّ على أن المستأجر يظلّ محمياً ويمنع إخلاؤه حتى الجيل الثالث، وما بعد ذلك يتم إخلاؤه".



وأردف بأن "حي باب حطة سكانه فلسطينيون بالكامل، وبعد أن يتم نقل عائلة مستوطنين إلى هذا البيت سيكون أول بؤرة استيطانية في الحيّ". وبحسب أهالي الحي، فإن شرطة الاحتلال تضغط على التّجار بشكل خاص، وتهددهم بأن أي حجر يُضرب باتجاه قواتها من أمام محالهم، سيؤدي إلى إغلاق محالهم لمدة شهر كامل. وتستعين شرطة الاحتلال في فرض هذا الإرهاب بطواقم بلدية الاحتلال، التي تحرر مخالفات للتجار تحت حجج مختلفة كإجراء عقابي، كمثل أحد الأفران الذي تمت مخالفته بقيمة 130 دولارا، بحجة أن هناك بعض الحجارة مرمية أمام باب محله، وآخر تمّت مخالفته بسبب عرضه بسطة للكعك المقدسي أمام فرنه.

في هذا الإطار، قال أحد الشباب، إن "الكثير من المحال، التي يصل عددها إلى 13 محلاً، اضطرت أن تغلق أبوابها صباحاً لتفادي مداهمات بلدية الاحتلال، وأن أصحابها يفتحونها فقط بعد انتهاء الدوام الرسمي لطواقم البلدية".

وفي إحدى المرات، ضرب أحد ضباط شرطة الاحتلال موعداً مع أهالي الحيّ الساعة السادسة مساءً، وعندما لم يأتِ أحد للاجتماع، أفلتت الشرطة قواتها بعد حوالي ساعة على الحيّ لاقتحامه وللتنكيل بأهله، من دون أي مقدمات. وعادة ما يبدأ الاقتحام بإغلاق جميع مداخل الحيّ، ومنع الخروج منه، والسماح بالدخول فقط للمسجل في بطاقة هويته أنه يسكن في الحي. كما يشمل ذلك قطع الكهرباء عن الحيّ، وإجبار جميع التّجار على إغلاق محالهم، وضرب المارة، واقتحام البيوت.

كما شهد الحيّ اعتداءات عشوائية، منها ما حصل مع عشرة شبان من منطقة وادي الجوز الأسبوع الماضي، إذ كان الشبان في طريق خروجهم من أحد الأندية الرياضية في الحيّ ليلاً، وبينما كانت الكهرباء مفصولة عن الحيّ، تفاجأوا بوحدة كاملة من قوات الاحتلال من بين أزقة الحيّ، تهجم عليهم وتلزمهم على الوقوف ووجوههم إلى الحائط، وانهالت عليهم بالضرب بالأيادي وأعقاب البنادق.

من جهته، كشف أحمد السلايمة (22 عاماً)، أحد الذين تعرّضوا للضرب، أن "خمسة شبان من بين العشرة نقلوا للعلاج في المستشفيات، وحُطّمت عظام أحدهم. كما تعرّض آخرون لكدمات ورضوض وانتفاخات". وأضاف أنه "تقيأ بفعل الضرب العنيف، وبعد أن استمر جنود الاحتلال في ضربنا لمدة عشر دقائق، تركونا وطلبوا منا الركض وإخلاء المكان"، وتابع: "بما أن الشباب كانوا منهكين بعد موجة الضرب لم يستطيعوا التحرك من أماكنهم، فقام الجنود بإلقاء قنابل الصوت باتجاههم لتفريقهم".

يذكر أن حيّ باب حطة، الذي يعيش فيه ما يقارب 9 آلاف مقدسي، يعتبر من الأحياء القليلة جداً داخل البلدة القديمة التي لا توجد في شوارعها أية كاميرا من كاميرات المراقبة التابعة لشرطة الاحتلال. مع العلم أنه في كل مرة حاولت شرطة الاحتلال تركيب كاميرات في أزقة الحيّ، يتم تخريبها وتكسيرها من قبل الأهالي الذين يرفضون وجودها.