أدخل سلاح الجو الإسرائيلي تغييرات جذرية على سياسة تجنيد القوى البشرية لديه، ما يشكل نقطة تحول فارقة تعكس الانقلاب الذي طرأ على سلم أولوياته.
وبعدما كانت المهمة الرئيسية له على صعيد القوى البشرية، تتمثل في البحث عن مجندين مناسبين للعمل كطيارين، بات سلاح جو الاحتلال معنياً أكثر بتأهيل مجندين لتشغيل منظومات الطيران غير المأهولة (بدون طيار).
اقرأ أيضاً "نقطة تحوّل 15": سيناريو نهاية عالم إسرائيلي
وذكرت مجلة "بمحني"، الناطقة بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي في عددها الأخير، أن تعدد واتساع الأدوار التي تقوم بها الطائرات بدون طيار، جعل على رأس أولويات قيادة سلاح الطيران، مهمة استقطاب مجندين لتأهيلهم من أجل تشغيل هذا النوع من الطيران في الوقت الحالي.
ونقلت "بمحني" عن قادة في سلاح الجو قولهم إن ما يحدث في السلاح في هذه الأيام يمثل "ثورة حقيقية" . وقال جنرال عرّفته المجلة بـ"ن"، وهو قائد القاعدة الجوية "بلمحيم"، إن عدد المجندين الذين التحقوا في دورات إعداد مشغلي الطائرات بدون طيار يفوق عدد المجندين الذين التحقوا بدورات إعداد الطيارين لهذا العام.
وبحسب الجنرال نفسه، فإن تعاظم الطلب على مشغلي الطائرات بدون طيار يرجع بشكل خاص إلى اتساع المجالات العسكرية التي تشارك فيها هذه الطائرات، ولا سيما في مجال العمليات الميدانية الهجومية وجلب المعلومات الاستخبارية، وتقديم المساعدة لقوات المشاة المتوغلة في أرض العدو.
وبحسب المجلة، فإن توثيق التعاون والتنسيق والتكامل بين سلاح الجو وأذرع جيش الاحتلال الأخرى فرض زيادة في استخدام الطائرات بدون طيار. وأشارت المجلة إلى أن تعاظم الدور الذي تقوم به منظومات الطيران غير المأهولة أفضى إلى الاستغناء عن عدد من القواعد الجوية، مما أدى إلى إغلاقها، وهو ما أسهم بدوره في تقليص النفقات المالية في سلاح الجو. وأوضحت أن الحرب الأخيرة على غزة كانت أوضح مثال على الاستخدام الواسع والمتعدد وغير المسبوق في وسائل الطيران غير المأهولة.
وحسب التقديرات الرائجة في سلاح الجو، فإن المستقبل يشهد زيادة كبيرة على استيعاب مشغلي الطائرات بدون طيار.
وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة "ميكور ريشون" أن سلاح الجو بات مهتماً بتطوير "مدرسة إعداد مشغلي الطائرات غير المأهولة"، إذ إن المدرسة باتت تستوعب المزيد من المدربين الذين يتعاملون مع أعداد كبيرة من المجندين لتشغيل الأنواع المختلفة من الطائرات بدون طيار. وأشارت إلى أنه على الرغم من التوسع في تجنيد مشغلي الطائرات بدون طيار، فإنه ما زال هناك نقص كبير في عددهم، وهناك حاجة للبحث عن مزيد من المرشحين.
وفي خطوة غير مسبوقة، نشر جهاز الاستخبارات الداخلية "الشاباك"، إعلاناً على موقعه على الإنترنت يدعو الشباب من أصحاب الخبرة المهنية في تشغيل الطائرات بدون طيار للانضمام لصفوفه. ويدلل هذا الإعلان على أن "الشاباك" قد كسر احتكار سلاح الجو استخدام الطائرات غير المأهولة. ونظراً لأن "الشاباك" مفوض بحكم القانون بمواجهة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإنه يمكن الافتراض بأنه سيستخدم الطائرات بدون طيار في جلب معلومات استخبارية عن حركات المقاومة الفلسطينية وتوظيفها في تنفيذ عمليات اغتيال ضد قادتها وعناصرها.
وبحسب المعلق العسكري عامي دومبا، فإن حرص "الشاباك" على إرساء منظومة وسائل طيران غير مأهولة في عملياته الاستخبارية والميدانية، يأتي من أجل ضمان منح الجهاز هامش حرية كبيرة في تنفيذ عمليات الاغتيال ضد نشطاء المقاومة الفلسطينية. وأشار في مقال نشرته صحيفة "ميكور ريشون" أخيراً إلى أن منح "الشاباك" صلاحية تنفيذ عمليات الاغتيال باستخدام الطائرات بدون طيار يمثل استخلاصاً للعبر من تجربة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي إيه"، إذ تم تمكينها من إقامة منظومة وسائل طيران غير مأهولة لتنفيذ عمليات اغتيال في عمق دول أجنبية، بعدما تبين أن هناك خطراً من أن يتعرض الجيش الأميركي لإشكاليات قانونية في حال نفذ هو عمليات الاغتيال.