الاحتلال يجري أكبر مناورة عسكرية في الجليل.. رسالة إسرائيل لـ"حزب الله"

05 سبتمبر 2017
مناورات تحاكي حربًا مع "حزب الله (فرانس برس)
+ الخط -
يجري الاحتلال الإسرائيلي، ابتداء من اليوم الثلاثاء، أكبر مناورة عسكرية، تحاكي حربًا مع "حزب الله"، بحسب ما نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، مساء الإثنين، مع التركيز على أن المناورة ستستمر نحو أسبوع كامل، وتشارك فيها فرق وألوية من مختلف أسلحة جيش الاحتلال، بدءًا من قوات المشاة، ومرورًا بالبحرية والمدفعية وسلاح الجو.

وذكرت صحيفة "معاريف"، في هذا السياق، أن هذه المناورات التي أطلق عليها اسم "أور داغان"، تخليدًا لذكرى رئيس الموساد، السابق ستشمل عشرات آلاف الجنود من مختلف الوحدات، كما أنها ستتم في الجليل الأسفل، ومنطقة عكا، في رسالة واضحة لـ"حزب الله" الذي تعلن إسرائيل مؤخرًا، وبشكل متواصل، أنه وبمساعدة إيرانية يعزز من قواته في لبنان، بل إنه يقترب من إقامة مصانع (إيرانية) لإنتاج الصواريخ.


كما ستشمل هذه المناورات أيضًا عمليات لإخلاء مستوطنات إسرائيلية في الجليل، في محاكاة لسيناريوهات تفترض تمكن "حزب الله" من اختراق الحدود والسيطرة على بعض المستوطنات الحدودية مع لبنان ولو لعدة ساعات.

في المقابل، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الهدف المعلن الذي حددته قيادة جيش الاحتلال من هذه المناورات لقائد الجيش الشمالي، الجنرال تمير هايمان، هو تحقيق نصر واضح على "حزب الله" وإخضاع الحزب عسكريًّا في ساحة القتال، وليس مجرد الحديث عن توجيه ضربة مؤلمة للحزب، أو ردعه ونزع رغبته في القتال وخوض مواجهة مستقبلية مع إسرائيل.

وفي هذا السياق، لفت المحلل العسكري في "هآرتس" عاموس هرئيل، إلى أن هذا الأمر يتماشى مع وثيقة "الاستراتيجية الجديدة لجيش الاحتلال"، التي وضعها رئيس الأركان الحالي، الجنرال غادي أيزنكوط، وتم نشرها على الملأ قبل عامين.

وكانت الوثيقة المذكورة حددت أنه على المستوى السياسي أن يحدد للمستوى العسكري، في أية مواجهة عسكرية قادمة، وبشكل واضح، الأهداف المطلوبة من الجيش، وما هو الإنجاز الذي يمثل "الانتصار" في المعركة، وذلك لتفادي ما حدث في عدوان "الجرف الصامد" على قطاع غزة، فيما يتعلق بالفرق بين التصريحات السياسية وبين النتائج العسكرية على الأرض، والتي لم تحقق حسمًا عسكريًّا واضحًا ضد "حماس"، أو ما حدث في العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006.

مع ذلك لفت هرئيل إلى أنه من السهل الإعلان عن تحقيق الانتصار في مناورة عسكرية، بينما لا يمكن ضمان ذلك عند خوض الحرب فعليًّا في ساحات القتال.

ومع أن الصحف الإسرائيلية أشارت إلى أن الاستعدادات لهذه المناورة بدأت قبل فترة طويلة؛ إلا أنه لا يمكن عزل توقيتها عن التطورات السياسية الأخيرة، وتلك الميدانية في سورية، وخاصة اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في جنوب سورية، والذي ادعت إسرائيل أنه لا يأخذ بالحسبان مصالحها الأمنية، وهو ما تكرر خلال لقاء رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مؤخرًا في موسكو، إذ ذكرت وسائل إعلام مختلفة، أن بوتين رفض مطالب نتنياهو بكل ما يتعلق بمنع أي وجود إيراني في سورية في مرحلة ما بعد الحرب، وادعاءات إسرائيل بأن إيران تكرس وجودًا عسكريَّا جنوب سورية يشكل تهديدًا كبيرًا لأمنها.

وكانت مذكرة تقدير موقف أصدرها مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، قبل نحو أسبوعين، أشارت إلى أن خطاب نتنياهو ينطوي على مبالغة كبيرة، مشيرة إلى أن الوجود الإيراني والتطورات الجارية في سورية تشكل تحديات أمنية لإسرائيل، لكنها تحديات يمكن مواجهتها.

وفي هذا السياق أيضًا، لفت هرئيل إلى أنه سيكون على إسرائيل، في ظل الواقع المتشكل في سورية، أن تواصل الدمج بين التصريحات العلنية والضغط السياسي من جهة، وبين اللجوء إلى عمليات سرية لمواصلة إبعاد هذا التهديد الأمني من جهة ثانية.


وبحسب "هآرتس"، فإن حزب الله مطلع على استعدادات الجيش الإسرائيلي لإجراء هذه المناورات، ومن شأنه أن يحاول من خلال متابعتها تفكيك واستشراف الخطط الحربية لإسرائيل، علمًا بأن الأخيرة أصدرت تطمينات بأن الحديث يدور فقط عن مناورات تدريبية لا غير. إلى ذلك ستحاول إسرائيل، من خلال هذه المناورات، نقل رسالة ردع واضحة لـ"حزب الله"، مفادها أنه على الرغم من تحسن قدرات الحزب القتالية على مدار الـ11 عامًا الأخيرة؛ فإن القفزة القتالية التي حققها جيش الاحتلال، جويًّا واستخباراتيًّا وتكنولوجيًّا، ومؤخرًا في العمليات البرية، تفوق ما حققه "حزب الله"، وأنه في حال ظن الحزب أن مكاسبه القتالية من القتال في سورية تؤهله لتحقيق نجاحات ضد جيش الاحتلال؛ فسيدفع ثمنًا باهظًا.

إلى ذلك، تنبغي الإشارة أيضًا إلى التهديدات الإسرائيلية المتكررة في الأعوام الأخيرة باعتماد عقيدة "الضاحية" في أي مواجهة قادمة مع "حزب الله"، وأن لبنان كله سيكون مستهدفًا في حال اندلاع مثل هذه المواجهة.

مع ذلك، يكشف محلل "هآرتس" أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تواجه لغاية الآن صعوبة في توقع الرد الروسي في حال اندلاع حرب جديدة، ذلك أن روسيا و"حزب الله" يقفان في المعسكر ذاته إلى جانب نظام الأسد، لكن روسيا تحتفظ مع ذلك بقناة اتصالات مفتوحة وصديقة للغاية مع إسرائيل، وبالتالي من شأنها أن تحاول خلال الحرب ردع إسرائيل عن مواصلة ضرب "حزب الله"، ولكن في الوقت ذاته، فستحاول أن يكون الطرف الروسي بالذات هو من يوفر المخرج السياسي من الأزمة، خاصة في ظل تراجع التأثير والدور الأميركيين في المنطقة.