الاحتجاجات العراقية تدخل أسبوعها الثالث: حلول حكومية ترقيعية

23 يوليو 2018
استمرار تظاهرات الجنوب(حيدر أبو رزق/الأناضول)
+ الخط -
تدخل الاحتجاجات العراقية، اليوم الاثنين، أسبوعها الثالث، وعلى الرغم من ذلك لا تزال الحلول التي طرحتها الحكومة متواضعة، إذ وصفها بعض المحتجين بـ"الترقيعية"، في مقابل مطالب المتظاهرين التي وصلت إلى تسعين مطلباً.

وأكد الناشط في تظاهرات محافظة ذي قار (جنوباً)، حسين السلامي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الاحتجاجات مستمرة لحين قيام الحكومة بتلبية جميع المطالب بشكل حقيقي"، معتبراً أنّ "ما طرح حتى الآن لا يتجاوز كونه حلولاً ترقيعية الهدف منها تهدئة الشارع لفترة مؤقتة".

ولفت السلامي إلى أن "اللجان التنسيقية في ذي قار تعمل ليل نهار من أجل إدامة زخم التظاهرات، وعدم التأثر بالضغوط التي تمارسها السلطات العراقية"، مؤكداً "وجود إجماع لدى المتظاهرين على مواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق جميع المطالب".

وقال إن "ما يميز تظاهراتنا هو عدم رضوخها لأي حزب أو جهة سياسية"، موضحاً أنّ "الوفود التي تلتقي بالحكومة تمثل نفسها ولا صلة لها بالمتظاهرين".

أما عضو تنسيقية تظاهرات محافظة البصرة، جبّار العلي، فقال لـ"العربي الجديد": "إنّنا لا نثق بوعود الحكومة، لكن لا يمكن أن نرفضها، ومضطرون لانتظار تنفيذها كي تلقى الحجة على الحكومة، وفي الوقت ذاته سنستمر بالتظاهرات حتى تنفيذ مطالبنا".

وأكد العلي أنّه "تم التنسيق بين أغلب المحافظات العراقية، وستكون تظاهراتنا موحدة، حتى تنفذ مطالبنا".


وكانت الحكومة قد أصدرت حزمة قرارات لمعالجة أزمة التظاهرات في الجنوب، ولكن يبدو أنها لم تقنع المتظاهرين الغاضبين من سياساتها.

وأعلن المتحدث باسم وزارة العمل عمار منعم، في بيان، موافقة الوزارة على فتح مكاتب لتشغيل الأيدي العاملة، مبيناً أن وزارة العمل اشترطت أن تكون هذه المكاتب عراقية، وأن تحظى بموافقة وزارة الداخلية على عملها.

وانتقدت هذه الخطوة من قبل محتجين في البصرة (جنوباً)، أكد بعضهم أن مكاتب التشغيل ستصب اهتمامها على استقدام العمال الأجانب وحمايتهم.

وقال فريد فهد، وهو أحد متظاهري البصرة، لـ"العربي الجديد"، إن حديث وزارة العمل عن موافقتها على مكاتب لتشغيل الأيدي العاملة ليس جديداً، موضحاً أن "هذه المكاتب موجودة بالفعل، إلا أن أبوابها غالباً ما تكون مفتوحة للعمالة الأجنبية التي غزت المحافظة، وأغلقت جميع الطرق أمام شباب البصرة للعمل".

من جهتها، وصفت القيادية في ائتلاف الوطنية، انتصار علاوي، كلام رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بـ"الكاذب"، بشأن قدرته على توفير عشرة آلاف درجة وظيفية لمحافظة البصرة، معتبرةً أن "العبادي يريد إسكات الشارع من خلال أكاذيبه".

وتوقعت علاوي، في تصريح صحافي، أن "يزداد التصعيد الجماهيري خلال الفترة المقبلة بسبب عدم تحقيق وعود الحكومة"، مرجحة تأخر تشكيل الحكومة الجديدة بسبب التظاهرات الشعبية.

وتسعى السلطات العراقية للتخفيف من حدة التظاهرات من خلال الحصول على تعهدات من المحتجين بعدم التظاهر مستقبلاً.

وقال رئيس "المركز العراقي لحقوق الإنسان"، مصطفى سعدون، إن الجهات الأمنية العراقية ترغم المتظاهرين الذين يتم اعتقالهم على توقيع تعهدات بعدم التظاهر مستقبلاً، مؤكداً أن المحتجين الذين أطلق سراحهم تعهدوا أيضاً بعدم الظهور أمام وسائل الإعلام.

وأضاف سعدون، خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد، أن "عمليات قتل المتظاهرين في مناطق جنوب العراق أصبحت ممنهجة"، موضحا أن "سبب ذلك هو إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين".

حلول تتخطى إمكانية تنفيذها

من جهته، قال مسؤول قريب من مكتب العبادي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس الحكومة حيدر العبادي لا يمكن أن يتحمل مسؤولية نقص الخدمات لوحده، فهذا الخلل الكبير تتحمله الحكومات المتعاقبة، التي استلمت موازنات كبيرة لا عجز فيها، ولم تقدم أي شيء للشعب"، موضحا أنّ "العبادي لم ينأَ بنفسه عن المسؤولية، ويحاول إيجاد الحلول لتقديم الخدمات".

وأوضح المسؤول أنّ "العبادي شكّل خلية أزمة لبحث المطالب وإمكانية تنفيذها، لكنّه لم يجد إمكانية للدولة على تنفيذ المطالب وإن كانت مشروعة، فموازنة الدولة الحالية لا تفي بهذا الشيء، ولا يمكن له أن يقترض من الموازنة التكميلية لتقديم الخدمات والتعيينات"، مشيرا إلى أنّ "الوعود التي قدّمها العبادي لا يمكن تنفيذها فعليا، فمن الصعب جدّا إصلاح خراب البلد وتقصير وفساد الحكومات السابقة، خلال أيام أو أشهر".

وأكد أنّ "العبادي لم يجد حلّا سوى تقديم الوعود، لتفادي غضب الشارع".

وما إن تصاعدت حدّة التظاهرات الشعبية الغاضبة على نقص الخدمات في البلاد، حتى عقد العبادي اجتماعات مع شيوخ عشائر ومسؤولي المحافظات المتظاهرة، وقدّم لهم وعودا كبيرة بتحسين واقع الخدمات وتعيين عشرات الآلاف من أبناء تلك المحافظات بوظائف حكومية.

ويؤكد مسؤولون في وزارة المالية العراقية عدم قدرة الوزارات على استيعاب درجات وظيفية، وقال مسؤول في الوزارة لـ"العربي الجديد"، إنّ "التعيينات في حال قبلت من قبل الوزارات ذاتها، فإنّ وزارة المالية لا تخصص المبالغ لتلك التعيينات، فلا توجد موازنة كافية لها، ما يعني أنّ التعيينات ستبقى حبرا على ورق".

دلالات