الاتفاق الأوروبي-التركي حول اللاجئين يواجه عقبات مستقبلية

18 مارس 2016
داود أوغلو ببروكسل لمفاوضات الساعة الأخيرة مع الأوروبيين(فرانس برس)
+ الخط -

يسعى قادة الاتحاد الأوروبي إلى تحطيم ما يطلقون عليه "نموذج عمل مهربي البشر"، بحيث يعملون على مدار الساعة، للتوصل إلى اتفاق يوقف "إبحار المراكب المطاطية من تركيا نحو الجزر اليونانية"، الأمر الذي يتطلب تعاونا تركيا لوقف هذا الخط البحري المستخدم في التهريب، وأن "تجري إعادة كل من يصل إلى جزر اليونان نحو تركيا مرة أخرى"، دون تفريق بين جنسية وأخرى، بما يشمل السوريين والأفغان والعراقيين، أو القادمين من شمال أفريقيا. 

لكن عقبات قانونية تقف بوجه تنفيذ الرغبة الأوروبية، فتركيا عبرت عن رغبتها في استقبال كل هؤلاء، لكن حقوقيين في الاتحاد الأوروبي باتوا يطالبونها بتغيير قوانينها قبل إعادة "الأفغان والعراقيين تحديدا"، لتصبح "بلدا ثالثا آمنا، كما هو بالنسبة للسوريين". 

بمعنى آخر، مطلوب من تركيا أن تعترف بالذين يعادون كلاجئين، إذ لا يمكن لدول الاتحاد السماح بإعادة لاجئين إلى بلد ثالث لا يعتبر آمنا، أو لا يعترف بحقوقهم، وفق ما يذهب إليه الحقوقيون، بل وهو ما حذرت منه منظمات تابعة للأمم المتحدة، التي اعتبرت أن مثل هذا الاتفاق يعارض القانون الدولي والالتزامات الدولية تجاه طالبي اللجوء.



اقرأ أيضاً: أوغلو في بروكسل لإتمام الاتفاق التركي الأوروبي حول اللاجئين

وفي الوقت الذي يفاوض الأتراك لتوطين عشرات الآلاف من السوريين في دول الاتحاد، مقابل الذين يعادون من اليونان، يواجه المقترح بعقبات كثيرة من دول في الاتحاد، التي ترفض الالتزام، وتطالب بأن يكون الاتفاق "طوعيا"، وهي الدول نفسها التي ترفض استقبال لاجئين، أو محاصصتهم بين دول الاتحاد.

وبرزت، ليل أمس الخميس، الخطوط العريضة لاتفاق تركي أوروبي، وتشمل توافقا أوروبيا داخليا على نقاط عديدة، منها "استعادة تركيا للمهاجرين واللاجئين من اليونان، مقابل قبول الاتحاد لبعض اللاجئين السوريين من مخيمات تركية".

المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، تبدو متحمسة جدا للوصول إلى اتفاق مع تركيا ينقذها من ورطة داخلية، خاصة مع التقدم الذي حققه اليمين المتطرف في الانتخابات الأخيرة، وقد صرحت، ليلة أمس، بأنه "يجب الإسراع بعد الاتفاق بإعادة من حضروا عبر بحر إيجه". 

تصريح ميركل يرضي بعض قادة الاتحاد، الذين يعيشون أزمة لا تقل عن أزمتها، كالمسؤولين في النمسا، لكن تصريح وزيرة الداخلية النمسوية، يوهنا لايتنر، أغضب الأتراك حين قالت "الاتفاق مع تركيا بمثابة منح جائزة لبلد تضطهد فيه الصحافة". 

المراقبون يجدون الربط الذي أقامته الوزيرة النمسوية في غير محله، قبل أن يجري تعزيزه بتصريح وزير خارجية فيينا، أيضا، الذي قال إنه "يجب على الاتحاد ألا يربط مصيره بالابتزاز التركي". 

فرنسا من ناحيتها تريد الاتفاق مثلما تريده ميركل، لأسباب تتعلق بالحسابات الداخلية، خاصة مع تقدم اليمين المتشدد. أما اليونان، فلها مصلحة كبرى في إنجاز الاتفاق، إذ ستدفع الثمن الأكبر في حال عدم الوصول إلى اتفاق مع تركيا. 

اقرأ أيضاً أردوغان: أوروبا بحاجة للنظر في سجلها بشأن المهاجرين

ومن بين النقاط التي اتفق الأوروبيون عليها تجنب "وصول المزيد من المهاجرين واللاجئين قبل إغلاق النافذة"، وفق ما أطلق عليه مراقبون يتابعون ما يجري في كواليس التفاوض الأوروبي، وهو ما يعني قيام تركيا بدور "شرطي حماية" للحدود الأوروبية الجنوبية. 

والنقطة الأبرز التي توافق عليها الأوروبيون، قبل مناقشتها مع الأتراك، تتعلق بضخ المزيد من المساعدات المالية لدعم اللاجئين السوريين في تركيا، وقبول طلب تركيا بالإسراع بدراسة منح الاتراك حرية دخول الاتحاد بدون تأشيرات.

رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، ورئيس وزراء هولندا، مارك روته، الذي ترأس بلاده الاتحاد هذه الفترة، يدخلون، اليوم الجمعة، مفاوضات مع رئيس وزراء تركيا، أحمد داود أوغلو. 

عقبة قبرص ورفضها البحث في مسائل تسريع دخول الأتراك بدون تأشيرات، أو حتى تسريع عضوية الاتحاد، واحدة من العقبات التي يمكن أن تطيح بأي اتفاق يمكن التوصل إليه، وفق ما يذهب إليه خبراء العلاقات الأوروبية.

وتحذر بعض المنظمات والدول مما تسميه "البحث عن مسارات بديلة" قد يعيد التدفق إلى ما كان عليه، وبدأت إيطاليا تعبر عن تلك المخاوف، مثلها مثل إسبانيا وبلغاريا، التي تطالب بتضمين الاتفاق قبول تركيا باستعادة من يدخل حدودها، أو عبر البحر الأسود، وهو ما عبرت عنه المتحدثة باسم بلغاريا في الاتحاد الأوروبي، جينوفيفا شيرفيناكوفا، لكن ما يخشاه المراقبون والحقوقيون، الذين يهددون برفع القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أن أي اتفاق مع تركيا "لن ينتج عنه سوى تأجيل لحل حقيقي لمسألة تخلي أوروبا عن الالتزامات تجاه طالبي اللجوء".

اقرأ أيضاً: لاجئون سوريون على حدود تركيا.. برد وجوع ونسيان

المساهمون