زمن مضى لم يسمع المتابع السوري وربما العربي أيضا عن الجسم المعارض السوري الذي يحمل اسم "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، فنشاطات الأخير خجولة، ووجوده على الساحة السياسية بات يقتصر على ممثليه في الهيئة العليا للمفاوضات وأعضائه الذين يقدمون تحليلاتهم للقنوات التلفزيونية، ومؤخراً عن طريق ذراعه الرياضية "اللجنة الأولمبية السورية".
على سُنة الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة رفع الائتلاف الوطني مع بداية تشكيله شعارا لا يحمل أي سند من الشارع السوري، كان يقول "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري"، وربما هنا بدأت المشكلة بينه وبين الهيئة السورية للرياضة والشباب التي تتبع حالياً الحكومة السورية المؤقتة، والمفترض بها أنها الذراع التنفيذية للائتلاف، إلا أن رياضيين وسياسيين من أعضاء الائتلاف والمقربين منهم يودون الاستحواذ على القطاع الرياضي من خلال اللجنة الأولمبية السورية.
هذا الصراع قديم في الحقيقة، بدأ عندما تعرضت الهيئة السورية للرياضة إلى مجموعة من الخلافات والانشقاقات، وأعادت هيكلة كوادرها بصورة جديدة حققت من بعدها العديد من النجاحات الرياضية داخل وخارج سورية، في حين حاول الائتلاف الدخول إلى عالم الرياضة من خلال اللجنة الأولمبية، والتي نجحت الهيئة بإثبات الأحقية عنها لمرتين سابقتين بعد الكشف عن العديد من التجاوزات فيها، لكن في الأيام الأخيرة اشتعل الخلاف من جديد، ما دفع التشكيلات الرياضية الموجودة على الأرض داخل سورية لتحديد موقفها في مجموعة من البيانات صدرت عن اتحادات رياضية وهيئات فرعية، وأكدت الالتزام بالعمل تحت مظلة الهيئة السورية للرياضة والشباب، حيث جاء في الموقع الرسمي للهيئة "ترفض البيانات الاعتراف بما يسمى "اللجنة الأولمبية السورية" التي أوعز بتشكيلها بعض أعضاء الائتلاف السوري المعارض منذ العام الماضي، وتم إيقاف عملها مرتين بعد التأكد من التجاوزات القانونية والأخطاء الإدارية في الطرح والمضمون".
وأشارت الهيئة في موقعها إلى أن تشكيل اللجنة الأولمبية لا يكون على حساب الهيئة، بل هو من مسؤوليتها، حيث قالت "إن تشكيل اللجنة الأولمبية يكون من اختصاص الهيئة الرياضية التي تعمل ضمن أروقة الحكومة، ولا يأتي تعيينها أو العمل بها أو إطلاقها من جهة سياسية وبدون أي تراتبية في العمل الإداري والتنظيمي، وقد شهدت هذه التسمية "اللجنة الأولمبية" التي أقرها الائتلاف مرتين بقرارين منفصلين في العام 2016 و2017 انسحابات بعض الأسماء التي صرحت بعدم مشاوراتها في ما يخص اللجنة أو إطلاقها أو التأكد من سلامة هذه الخطوة وفائدتها".
الرياضيون في الهيئة ينظرون للموضوع على أنه محاولة لسرقة جهدهم ولمصادرة عمل سنوات وإنجازات وميداليات، وهذا ما أشار إليه نائب رئيس اتحاد كرة القدم نادر الأطرش الذي قال في حديث خاص لـ جيل: "بدل أن تُكافأ الهيئة وقطاعاتها داخل وخارج سورية على العمل الجاد والجهد المبذول خلال أربع سنوات، يأبى الائتلاف إلا أن يوجه سكينه مجددا إلى خاصرة من يعمل في الإطار المدني، ويحاول أن يهتم بشؤون ومواهب الرياضيين، وهنا أسأل: هل يستطيع الائتلاف السياسي أن يكسب ثقة الدول التي من المفترض "معترفة به"، بالرغم من غرق المركب السياسي حاليا؟ هل يستطيع أن يحصل على شراكات وتحالفات كما تفعل المؤسسات المدنية ومنها الهيئة". ويسأل الأطرش "أليس من الواجب دعم خطوات الحكومة بدل التخريب الممنهج منذ سنوات لأي عمل سوري مدني فعال .. بعد الفشل المرير والخروج بخفي حنين من الحقل السياسي؟".
الهيئة السورية للرياضة والشباب تتسلح دائما في مواجهة اللجنة الأولمبية بسلاح مناطق الداخل، والذي لطالما تسلح به كل طرف يريد إثبات فعاليته وأحقيته وفي ظل الوجود الملحوظ لنشاطات الهيئة السورية على داخل سورية، ما دفع الحكومة المؤقتة لضمها لكوادرها مؤخرا. لا يلاحظ وجود للجنة الأولمبية بحسب أحمد شرم عضو مكتب تنفيذي في الهيئة مسؤول الألعاب الفردية والذي يقول لـ جيل: "أنا متواجد دائما في الداخل السوري في ريف حلب وعلى اطلاع بعمل الرياضيين في الشمال وفي أغلب النقاط المحررة .. لم أسمع أبدا بأي نشاط أو عمل يتبع لما يسمى "اللجنة الأولمبية السورية"، نشاهد فقط غرفا للواتس يتم تجميع الأسماء فيها وسرعان ما غادرت، بعد أن تكشّف زيف هذا المسمى ومن يقف وراءه لمصلحة سياسية، همها الأول والأخير تخريب الرياضة السورية الحرة عبر أشخاص يخجل المقربون منهم من أفعالهم ومن كذب وعودهم".
سنوات ست خرج فيها السوريون عن حكم عائلة الأسد التي أمسكت البلاد بيد من حديد لمدة 41 عاماً تحت مادة دستورية تقول "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد للدولة والمجتمع"، جاء بعدها الائتلاف الوطني ليضع شارعاً ثائراً ومتطلعاً للحرية والكرامة تحت عبارة "الممثل الشرعي والوحيد"، فمنذ بداية تشكيل هذا الجسم السياسي حاول ضم كل أشكال المعارضة السياسية إلا أنه فشل، ثم حاول السيطرة على الفصائل العسكرية وفشل أيضا، ثم حاول السيطرة على المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني، ولم يكن له نصيب كبير في ذلك، واليوم يحاول السيطرة على القطاع الرياضي في فترة يقول فيها السوريون إن عصر التمثيل الحصري لهذا الشعب قد انتهى.