تعج الأسواق الإيرانية بالمشترين الذين يستعدون للاحتفال بعيد النوروز (الربيع)، الذي يبدأ الاثنين المقبل، ويعد الأول بعد رفع العقوبات الغربية عن إيران بمقتضى الاتفاق النووي.
ورغم شعور الكثيرين بارتياح تجاه إنهاء العقوبات في يناير/كانون الثاني الماضي، فإن حصد الثمار لا يزال غير ملموس، لذا يضطر عدد كبير من الإيرانيين لشراء الاحتياجات الأساسية والبحث عن أرخص الأسعار، خاصة أنها تظل مرتفعة قياسا بما كانوا يأملون.
سعيدي، وهو رب أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، يرى أن الأحوال المالية تختلف من عائلة لأخرى، فالبعض قادر على شراء كل ما يحتاجه من ملابس وطعام لفترة الأعياد، بينما يوجد كثيرون غير قادرين على فعل ذات الأمر.
ويعتبر سعيدي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن أسعار السلع لم تتغير كثيرا عن العام الماضي، ويراها البعض أمراً إيجابياً، حيث تم التحكم في نسبة تضخم الأسعار، لكن من جهة أخرى لا يعني أنها أسعار مناسبة، فهي مرتفعة بالأساس.
ويشير سامان وهو موظف حكومي، إلى أن زيادة الراتب في هذا الشهر بالذات تساعده كثيرا، فالحكومة تصرف مبلغا خاصا بعيد النوروز، لكنه بذات الوقت يؤكد أنه لم يلمس ثمرات إلغاء الحظر الاقتصادي بشكل حقيقي في السوق الإيرانية.
ويحتاج الاقتصاد الإيراني وفق محللين اقتصاديين إلى فترة طويلة ليسترد عافيته، حيث لن تكون الاستفادة سريعة من رفع العقوبات بمقتضى الاتفاق النووي الذي تم إبرامه مع الدول الكبرى في يوليو/تموز 2015، بالنظر إلى تعدد مشاكل إيران الاقتصادية جراء العقوبات التي دامت لسنوات.
في سوق تجريش الشعبي الواقع شمالي العاصمة، تواجد عدد كبير من المتسوقين ولاسيما من السيدات، اللائي يقمن بتحضير حاجيات العيد وعلى رأسها شراء المكسرات والحلويات، التي لا يخلو منها أي بيت إيراني.
وتعتبر السيدة بحيرايي وهي ربة منزل، أن شراء ما تريد في الأسواق الشعبية أنسب لها ولعائلات كثيرة، من ناحية تنوع البضائع والأسعار أيضا، فترى أن كل شريحة تستطيع إيجاد مطلبها هناك.
بالمقابل، يفضل إيرانيون آخرون النزول للبازار الكبير، وهو السوق الشعبي الأكبر الموجود في كل مدينة من مدن البلاد، وسوق طهران الشعبي الواقع جنوبي العاصمة لا يخلو من المارة إطلاقا، لكن من يدخلون للمحال ويشترون كل ما يريدون مازال عددهم متوسطا، بحسب بعض الباعة هناك.
يقول بهزاد وهو أحد تجار البازار، إنه رغم وجود عدد كبير من المارة في السوق الشعبية، فإن عددا من المواطنين يفضلون التسوق في أماكن تفتح خصيصا لفترة العيد، وتعد بعض الجمعيات الخيرية مسؤولة عنها، هذا النوع من الأسواق يقدم بضائع بجودة غير مناسبة لكن بأسعار زهيدة، فضلا عن وجود باعة جوالين ينتشرون في كل الأماكن.
ويرى عدد لا بأس به من المواطنين أنهم يحصلون على ما يريدون بأرخص الأسعار وهو المطلوب بالنسبة لهم، لكن هذا يسبب كسادا لتجار البازار من جهة ثانية.
تنوعت وجهات نظر أصحاب المحال حول سبب عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير، رغم تحقيق الاستقرار النسبي، لكنهم أجمعوا على أن السوق لم تشهد التحسن المطلوب.
ويقول إبراهيم نسب، وهو صاحب أحد محال الملابس الرجالية، إنه مضطر لبيع البضائع بأسعار أقل من تلك المفترضة، والسبب هو عدم تحسن الأوضاع كثيرا، وعدم قدرة المواطنين على شراء كل ما يريدون، واصفا الوضع في السوق بالراكد رغم وجود متسوقين كثر، لكن غالبيتهم يختارون ما يريدون بأدنى الأسعار، بل ويقلصون من حجم متطلباتهم لفترة الأعياد.
وفي محل أحذية في ذات البازار، حيث ازدحم كثيرا بالزبائن، يقول صاحبه إن بعض الأشخاص يساومون على السعر حتى اللحظة الأخيرة، والسبب هو تقيدهم بميزانية دقيقة لا يستطيعون تجاوزها إطلاقا، واصفا الأسعار بأنها فوق الحد المتوسط بالنسبة لكثر رغم الاستقرار الذي شهدته البلاد.
ويرى عبد المجيد شيخي، أستاذ علم الاقتصاد في الجامعة الحرة الإيرانية، إن الوضع لم يتغير عن السنوات الماضية كثيرا، فكل ما حدث هو انعكاسات نفسية على المواطنين وعلى السوق التي شهدت الاستقرار، لا التحسن أو تغيير المؤشرات نحو الأمام.
ويقول شيخي في حديثه مع "العربي الجديد"، إن إلغاء العقوبات لم يطبق بشكل كامل بعد، وبالتالي لم يتغير وضع الإنتاج المحلي، وهو ما ينعكس على العائدات وعلى القيم الإنتاجية، ويؤثر كذلك على قدرة المواطن الشرائية التي مازالت ضعيفة.
ويتوقع ألا يلمس أثر إلغاء الحظر الاقتصادي على البلاد، وعلى حياة المواطنين وظروفهم المعيشية، في المستقبل القريب، قائلا إن الظروف السابقة مازالت تحكم السوق، ولم تتغير رواتب المواطنين كثيرا، ولم تنتعش مشاريعهم الصغيرة بعد، وهذا يؤثر بشكل طبيعي على وضعهم المالي.
ويشير إلى أن التغيير الجذري والملموس، مشروط برفع مستوى الاستثمار الداخلي والأجنبي على حد سواء، فهو الأمر الذي يستطيع تدوير عجلة الاقتصاد بشكل أسرع، لكنه أمر ليس بالبسيط ويحتاج لوقت على حد قوله.
وكما يرتبط عيد النوروز بالتبضع، يرتبط بالسفر، الذي يعد طقسا من طقوس العيد التي حرص الإيرانيون على ممارستها خلال سنوات ماضية، لكن التكاليف العالية جعلت كثيرين يستبعدون السفر والرحلات من برامج فترة العطلة، باستثناء أولئك الذين يعملون في العاصمة أو في مدن كبرى أخرى، ويقضون الإجازة في قراهم حيث يوفرون تكاليف الإقامة، بسبب امتلاكهم لمنازل هناك أو بسبب وجود عائلات لهم في تلك القرى.
ومازالت سوق العقارات تعاني من الركود، وقد نشرت وكالة مهر الإيرانية تقريرا مؤخرا يشير إلى عدم تحسن سوق العقارات خلال العام الجاري الذي ينتهي في 21 مارس/آذار، رغم كل التوقعات الإيجابية التي أعقبت التوصل للاتفاق النووي.
فقد توقع الكثيرون أن المناخ الإيجابي الناتج عن رفع العقوبات سيشجع المواطنين على الاستثمار في سوق العقارات وتحريكها، لكن عدم وجود سيولة مالية بيد المواطن هو ما يقف كحجر عثرة بوجه هذه الآمال.
ومن الملاحظ عدم اتخاذ الإيرانيين لقرار بالمغامرة والاستثمار ولو برؤوس أموال بسيطة وبمشاريع صغيرة، فالكل بانتظار حصد النتائج العملية للاتفاق النووي أولا.
ويتوقع الخبراء أن الوصول لهذه المرحلة، سينعكس إيجابا على السوق الإيرانية بكافة قطاعاتها وعلى المواطن أيضا، لكن هذا يبقى مشروطا بعدد من الأمور، وإن كان إلغاء الحظر عمليا هو أحدها، لكن تطبيق خطط حكومية فاعلة يشكل شرطا أساسيا لتحقيق هذا الغرض.
اقرأ أيضا: %16.3 انخفاضا في الصادرات الإيرانية غير النفطية
ورغم شعور الكثيرين بارتياح تجاه إنهاء العقوبات في يناير/كانون الثاني الماضي، فإن حصد الثمار لا يزال غير ملموس، لذا يضطر عدد كبير من الإيرانيين لشراء الاحتياجات الأساسية والبحث عن أرخص الأسعار، خاصة أنها تظل مرتفعة قياسا بما كانوا يأملون.
سعيدي، وهو رب أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، يرى أن الأحوال المالية تختلف من عائلة لأخرى، فالبعض قادر على شراء كل ما يحتاجه من ملابس وطعام لفترة الأعياد، بينما يوجد كثيرون غير قادرين على فعل ذات الأمر.
ويعتبر سعيدي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن أسعار السلع لم تتغير كثيرا عن العام الماضي، ويراها البعض أمراً إيجابياً، حيث تم التحكم في نسبة تضخم الأسعار، لكن من جهة أخرى لا يعني أنها أسعار مناسبة، فهي مرتفعة بالأساس.
ويشير سامان وهو موظف حكومي، إلى أن زيادة الراتب في هذا الشهر بالذات تساعده كثيرا، فالحكومة تصرف مبلغا خاصا بعيد النوروز، لكنه بذات الوقت يؤكد أنه لم يلمس ثمرات إلغاء الحظر الاقتصادي بشكل حقيقي في السوق الإيرانية.
ويحتاج الاقتصاد الإيراني وفق محللين اقتصاديين إلى فترة طويلة ليسترد عافيته، حيث لن تكون الاستفادة سريعة من رفع العقوبات بمقتضى الاتفاق النووي الذي تم إبرامه مع الدول الكبرى في يوليو/تموز 2015، بالنظر إلى تعدد مشاكل إيران الاقتصادية جراء العقوبات التي دامت لسنوات.
في سوق تجريش الشعبي الواقع شمالي العاصمة، تواجد عدد كبير من المتسوقين ولاسيما من السيدات، اللائي يقمن بتحضير حاجيات العيد وعلى رأسها شراء المكسرات والحلويات، التي لا يخلو منها أي بيت إيراني.
وتعتبر السيدة بحيرايي وهي ربة منزل، أن شراء ما تريد في الأسواق الشعبية أنسب لها ولعائلات كثيرة، من ناحية تنوع البضائع والأسعار أيضا، فترى أن كل شريحة تستطيع إيجاد مطلبها هناك.
بالمقابل، يفضل إيرانيون آخرون النزول للبازار الكبير، وهو السوق الشعبي الأكبر الموجود في كل مدينة من مدن البلاد، وسوق طهران الشعبي الواقع جنوبي العاصمة لا يخلو من المارة إطلاقا، لكن من يدخلون للمحال ويشترون كل ما يريدون مازال عددهم متوسطا، بحسب بعض الباعة هناك.
يقول بهزاد وهو أحد تجار البازار، إنه رغم وجود عدد كبير من المارة في السوق الشعبية، فإن عددا من المواطنين يفضلون التسوق في أماكن تفتح خصيصا لفترة العيد، وتعد بعض الجمعيات الخيرية مسؤولة عنها، هذا النوع من الأسواق يقدم بضائع بجودة غير مناسبة لكن بأسعار زهيدة، فضلا عن وجود باعة جوالين ينتشرون في كل الأماكن.
ويرى عدد لا بأس به من المواطنين أنهم يحصلون على ما يريدون بأرخص الأسعار وهو المطلوب بالنسبة لهم، لكن هذا يسبب كسادا لتجار البازار من جهة ثانية.
تنوعت وجهات نظر أصحاب المحال حول سبب عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير، رغم تحقيق الاستقرار النسبي، لكنهم أجمعوا على أن السوق لم تشهد التحسن المطلوب.
ويقول إبراهيم نسب، وهو صاحب أحد محال الملابس الرجالية، إنه مضطر لبيع البضائع بأسعار أقل من تلك المفترضة، والسبب هو عدم تحسن الأوضاع كثيرا، وعدم قدرة المواطنين على شراء كل ما يريدون، واصفا الوضع في السوق بالراكد رغم وجود متسوقين كثر، لكن غالبيتهم يختارون ما يريدون بأدنى الأسعار، بل ويقلصون من حجم متطلباتهم لفترة الأعياد.
وفي محل أحذية في ذات البازار، حيث ازدحم كثيرا بالزبائن، يقول صاحبه إن بعض الأشخاص يساومون على السعر حتى اللحظة الأخيرة، والسبب هو تقيدهم بميزانية دقيقة لا يستطيعون تجاوزها إطلاقا، واصفا الأسعار بأنها فوق الحد المتوسط بالنسبة لكثر رغم الاستقرار الذي شهدته البلاد.
ويرى عبد المجيد شيخي، أستاذ علم الاقتصاد في الجامعة الحرة الإيرانية، إن الوضع لم يتغير عن السنوات الماضية كثيرا، فكل ما حدث هو انعكاسات نفسية على المواطنين وعلى السوق التي شهدت الاستقرار، لا التحسن أو تغيير المؤشرات نحو الأمام.
ويقول شيخي في حديثه مع "العربي الجديد"، إن إلغاء العقوبات لم يطبق بشكل كامل بعد، وبالتالي لم يتغير وضع الإنتاج المحلي، وهو ما ينعكس على العائدات وعلى القيم الإنتاجية، ويؤثر كذلك على قدرة المواطن الشرائية التي مازالت ضعيفة.
ويتوقع ألا يلمس أثر إلغاء الحظر الاقتصادي على البلاد، وعلى حياة المواطنين وظروفهم المعيشية، في المستقبل القريب، قائلا إن الظروف السابقة مازالت تحكم السوق، ولم تتغير رواتب المواطنين كثيرا، ولم تنتعش مشاريعهم الصغيرة بعد، وهذا يؤثر بشكل طبيعي على وضعهم المالي.
ويشير إلى أن التغيير الجذري والملموس، مشروط برفع مستوى الاستثمار الداخلي والأجنبي على حد سواء، فهو الأمر الذي يستطيع تدوير عجلة الاقتصاد بشكل أسرع، لكنه أمر ليس بالبسيط ويحتاج لوقت على حد قوله.
وكما يرتبط عيد النوروز بالتبضع، يرتبط بالسفر، الذي يعد طقسا من طقوس العيد التي حرص الإيرانيون على ممارستها خلال سنوات ماضية، لكن التكاليف العالية جعلت كثيرين يستبعدون السفر والرحلات من برامج فترة العطلة، باستثناء أولئك الذين يعملون في العاصمة أو في مدن كبرى أخرى، ويقضون الإجازة في قراهم حيث يوفرون تكاليف الإقامة، بسبب امتلاكهم لمنازل هناك أو بسبب وجود عائلات لهم في تلك القرى.
ومازالت سوق العقارات تعاني من الركود، وقد نشرت وكالة مهر الإيرانية تقريرا مؤخرا يشير إلى عدم تحسن سوق العقارات خلال العام الجاري الذي ينتهي في 21 مارس/آذار، رغم كل التوقعات الإيجابية التي أعقبت التوصل للاتفاق النووي.
فقد توقع الكثيرون أن المناخ الإيجابي الناتج عن رفع العقوبات سيشجع المواطنين على الاستثمار في سوق العقارات وتحريكها، لكن عدم وجود سيولة مالية بيد المواطن هو ما يقف كحجر عثرة بوجه هذه الآمال.
ومن الملاحظ عدم اتخاذ الإيرانيين لقرار بالمغامرة والاستثمار ولو برؤوس أموال بسيطة وبمشاريع صغيرة، فالكل بانتظار حصد النتائج العملية للاتفاق النووي أولا.
ويتوقع الخبراء أن الوصول لهذه المرحلة، سينعكس إيجابا على السوق الإيرانية بكافة قطاعاتها وعلى المواطن أيضا، لكن هذا يبقى مشروطا بعدد من الأمور، وإن كان إلغاء الحظر عمليا هو أحدها، لكن تطبيق خطط حكومية فاعلة يشكل شرطا أساسيا لتحقيق هذا الغرض.
اقرأ أيضا: %16.3 انخفاضا في الصادرات الإيرانية غير النفطية