تعاني الأجواء المحيطة بنادي ريال مدريد الإسباني في الوقت الحالي من حالة توتر قصوى عقب الهزيمة الساحقة التي تعرض لها الفريق في الجولة الماضية في الليجا من جاره اللدود أتلتيكو مدريد برباعية نظيفة بعد أداء باهت للفريق، الذي كان حتى نهائي مونديال الأندية وقبل انطلاق الدور الثاني من الليجا يرعب كل أوروبا بسلسلة انتصاراته القياسية والتناغم بين صفوفه.
وتتعدد الأسباب الفنية والتكتيكية التي ربما تكون أدت إلى الخسارة، ورغم أن وباء الإصابات الذي يعاني منه الفريق لا يمكن أن يكون المبرر الوحيد للأمر، ولكنه بكل تأكيد أحد أسبابه المتعددة، خصوصاً في ظل تكرر الأمر الذي يأتي بالتزامن مع الانخفاض الملحوظ في مستوى اللاعبين بدنيّاً.
الدكتور أولمو
يعد أي رياضي عرضة للإصابة دائماً خلال المنافسات التي يخوضها، ولكن معدلاتها تنخفض بصورة كبيرة إذا ما كانت برامج الإعداد البدني والتعافي موضوعة بدقة، وإذا ما حدثت فإن التشخيص الدقيق والمبكر يساعد دائماً في مواجهة صعوباتها وتعقيداتها والعودة منها في أسرع وقت، شريطة أن يكون الأمر مصحوباً بالبرنامج التأهيلي والعلاج الطبيعي المناسب والمدروس.
بهذه الطريقة فإن الأنظار يجب أن تتجه في الوقت الحالي، الذي يغيب فيه عن الريال خمسة لاعبين للإصابة، وهم الكرواتي لوكا مودريتش، والإسباني سرخيو راموس، والكولومبي جيمس رودريجز، والألماني سامي خضيرة، والبرتغالي بيبي، إلى رئيس الخدمات الطبية بالنادي، الدكتور خيسوس أولمو.
وكان الدكتور أولمو، قد شغل هذا المنصب في أغسطس 2013 حيث شرع في إدخال الكثير من التعديلات في عيادة ريال مدريد ونظامها الطبي، وهو الأمر الذي ربما يكون سبب الكارثة خصوصاً، أن الموضوع لا يتعلق بالموسم الحالي فقط، بل له جذور في الماضي.
سوابق الدكتور
ولا يرتبط الأمر بالموسم الجاري فقط، بل أيضا بذلك المنصرم وفترة الإعداد، فعلى سبيل المثال لم يتمكن الجهاز الطبي تحت إشراف الدكتور أولمو من الكشف عن تمزق بسيط في الأنسجة كان يعاني منه اللاعب، آسيير اياراميندي، خلال فترة الإعداد ليسمح بمشاركته في مباراة أوليمبيك ليون الفرنسي الودية، التي لم يقدر فيها على اللعب سوى لـ30 دقيقة ليتحول الأمر إلى إصابة أبعدت اللاعب فترة عن تدريبات الفريقر، وقيل خلالها إنه يعاني من الإرهاق.
ولا يقتصر الأمر على هذا فقط، وفقاً لما جاء في تقرير مطول نشرته صحيفة (سبورتيو) الرياضية الإسبانية عن الموضوع، أشارت خلاله، أيضاً، إلى أن عملية تعافي خيسي رودريجز من إصابة الرباط الصليبي تأخرت، بل وتأثرت نتائجها المرجوة بسبب بعض قرارات الدكتور أولمو، بجانب إصابات الحمل العضلي الزائد التي يتعرض لها الويلزي جاريث بيل دائماً.
وأبرزت الصحيفة أن الأمور بدأت في التدهور منذ إصدار رئيس القطاع الطبي بالنادي عدداً من القرارات الخاطئة، كان أكثرها غرابة بالنسبة للاعبين فصل أخصائي التعافي والتأهيل وبرامج العلاج الطبيعي، بدرو تشويكا، الذي كان يعمل مع النادي منذ 20 عاماً.
وأثار هذا الأمر استياء اللاعبين بصورة شديدة، وأبرزهم سرخيو راموس، لذا توجه بعضهم لإدارة النادي بطلب بعودة تشويكا للعمل معهم بالباطن وعند الطلب، ليحدث الأمر بالفعل قبل كأس السوبر الأوروبي في أغسطس/آب الماضي.
وظل أولمو متحملاً هذا الأمر الذي كان يعتبره بمثابة إهانة له، وفقاً لما جاء في تقرير لإذاعة (كادينا كوبي)، حتى انتهاء مونديال الأندية حيث أصدر بعدها قراراً بمنع التعاقد من الباطن للحصول على خدمات أخصائي التعافي والتأهيل، بل ومنع دخوله مدينة فالديبيباس الرياضية الخاصة بالنادي الملكي.
فلورنتينو في أزمة
وبخلاف مشكلة النتائج والتخوفات من سقوط وشيك للنادي الملكي في الليجا أو دوري الأبطال لدى عودة منافساته نهاية هذا الشهر، فإن رئيس ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، يواجه في الوقت الحالي أزمة أخرى أبطالها هم اللاعبون والدكتور أولمو.
وذكرت وسائل إعلام إسبانية بأن عدداً كبيراً من لاعبي الفريق خاطبوا الجهاز الفني بقيادة الإيطالي، كارلو أنشيلوتي، بضرورة إنهاء تعاقد النادي مع رئيس الخدمات الطبية بسبب عدم اقتناعهم به ولعدم رضاهم بخصوص القرارات التي يتخذها.
وقال الموقع الإلكتروني لـ(سبورتيو) أن اللاعبين طلبوا أخيراً الاجتماع بخوسيه أنخل سانشيز، مدير مكتب رئيس النادي لرفع مطالبهم إليه بحل إشكالية الدكتور أولمو، حيث يدعمهم أنشيلوتي في هذا الأمر، بل وإن سرخيو راموس ضرب بقرارات رئيس القطاع الطبي بالنادي عرض الحائط وبدأ في التعامل مجدداً مع تشويكا بصورة شخصية للتعافي من إصابته.
ويعد فلورنتينو بيريز بكل تأكيد، هو صاحب القرار الأخير في هذا الأمر، إلا أن الأمور لن تكون بهذه السهولة، لأن أولمو لم يدخل ريال مدريد فقط بسبب مؤهلاته الطبية والعلمية، بل لأنه أحد أقارب خيرونيمو فاريه، الصديق الشخصي والمقرب لرئيس النادي والعضو البارز في مجلس إدارة الـ"ميرينجي".