قالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، أمس الأحد، إنّه قد يتعذّر على نصف سكان لبنان الوصول إلى احتياجاتهم الغذائية الأساسية بحلول نهاية العام.
ويوم 20 أغسطس الماضي، كشفت الإسكوا عن تضاعف نسبة الفقراء من السكان لتصل إلى 55% عام 2020، بعد أن كانت 28% في 2019، فضلا عن ارتفاع نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع بـ3 أضعاف من 8% إلى 23% خلال الفترة نفسها.
وحسب دراسةٍ أعدّتها الإسكوا تحت عنوان "هل من خطرٍ على الأمن الغذائي في لبنان؟"، ونشرت نتيجتها أمس الأحد، فإن انفجار مرفأ بيروت، وانهيار قيمة عملة لبنان "الليرة" بنسبة 78%، والارتفاع الحاد في معدلات الفقر والبطالة، وتدابير الإقفال التي اتُخذت لاحتواء جائحة كورونا، كلها أسباب أدّت إلى الوصول إلى هذه النتيجة.
وفي 4 أغسطس/ آب الجاري، قضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية، جراء انفجار ضخم في مرفأ بيروت، الذي خلف بجانب الضحايا والجرحى دمارا ماديا هائلا، بخسائر تُقدر بنحو 15 مليار دولار، وفقا لأرقام رسمية غير نهائية.
وبحسب دراسة أسكوا التي نشرت "الأناضول" مقتطفات منها أمس، فقد أدّى انخفاض قيمة الليرة إلى تضخّم كبير في الاسعار، من المتوقع أن يتجاوز متوسطه السنوي 50% في عام 2020، بعد أن كان 2.9% في عام 2019.
وحذرت الإسكوا من "ارتفاع كلفة الإنتاج الزراعي بنسبة تزيد عن 50% لمختلف الأنظمة الزراعية، مما سيحد من الإنتاج المحلي في المدى القريب، ويفقد المزارعين نحو 30% من منتجاتهم القابلة للتلف بسبب ضعف المهارات الفنية ونقص البنى الأساسية اللازمة. وعلى الرغم من ذلك كله، لم تخصص للزراعة إلا نسبة 0.36% من إجمالي ميزانية الحكومة في العام 2020".
وشددت على "أهمية تعزيز النظم الغذائية المحلية والاستعاضة عن بعض المدخلات الزراعية المستوردة بأخرى يمكن إنتاجها محليا".
ودعت الإسكوا إلى "دعم التجارة في السلع الزراعية، مثلا من خلال إنشاء خط ائتمان خاص لموردي المدخلات للسماح بالحد الأدنى من الواردات على أساس الأسعار الرسمية للصرف أو المدعومة، على غرار المنتجات الأساسية كالقمح والأدوية". وشددت على أن " على المجتمع الدولي أن يعطي الأولوية لبرامج الأمن الغذائي التي تستهدف المجتمعات المضيفة واللاجئين، للحد من ارتفاع مستويات التعرض للخطر ضمن هاتين الفئتين والتخفيف من التوترات الاجتماعية المحتملة".
وفي يوليو/ تموز 2020، ارتفع متوسط سعر المنتجات الغذائية في لبنان بنسبة 141% مقارنة بما كان عليه في الشهر نفسه من 2019، كما قفز معدل تضخم أسعار المستهلكين السنوي، فوق 112% على أساس سنوي في يوليو، مدفوعا بانهيار الليرة اعتبارا من أكتوبر الماضي، مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية.
ورغم قفزة التضخم الشهر الماضي، من المتوقع أن ترتفع أسعار الأغذية ارتفاعًا طفيفًا، بحسب الإسكوا، إثر ارتفاع تكاليف معاملات استيرادها بعد انفجار المرفأ، وانعدام الثقة في إدارة عمليات تأمينها وإتاحتها، ما قد يزيد من الشراء بدافع الذعر.
ويتوقع محللون أن يزداد الوضع المالي سوءا في البلاد بسبب تهاوي العملة، يضاف لها موجة ثانية من فيروس كورونا، مع فقدان المزيد من الناس لوظائفهم، وتراجع إيرادات البلاد من النقد الأجنبي.
وتراجعت موارد النقد الأجنبي للبنان خلال العام الجاري، مدفوعة بتراجع تحويلات العاملين بسبب انهيار أسعار الصرف، وجمود القطاع السياحي لتفشي جائحة كورونا، وضعف ثقة الشارع المحلي بالقطاع المصرفي والمالي.
أمام هذا الواقع، دعَت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي الحكومة اللبنانيّة إلى إعطاء الأولوية لإعادة بناء مستودعات الحبوب في مرفأ بيروت باعتبارها أساسية للأمن الغذائي الوطني، وإعادة تأهيل مستودع الأدوية المركزي، وضمان إمداد الفئات الأكثر عرضة للمخاطر بالأدوية الأساسية واللقاحات، وفق البيان.
وقالت دشتي: "يجب اتخاذ إجراءات فوريّة لتلافي الوقوع في أزمة غذائيّة، لا سيما من خلال المراقبة الشديدة لأسعار الأغذية وتحديد سقفٍ لأسعار الأساسية منها، وتشجيع البيع مباشرة من المنتجين المحليين إلى المستهلكين".
والإسكوا إحدى اللجان الإقليمية الخمس التابعة للأمم المتحدة، وتعمل على دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة في الدول العربية، وتعزيز التكامل الإقليمي، وتتخذ من بيروت مقرا لها.