الأوضاع تسوء في مخيم الركبان

10 سبتمبر 2019
تضاءل عدد السكان بشكل كبير (عماد غالي/ الأناضول)
+ الخط -
تبدلت طبيعة الحياة في مخيم الركبان في ريف حمص الشرقي على الحدود السورية الأردنية، مع انخفاض عدد سكان المخيم من عشرات آلاف النازحين إلى نحو 12 ألفاً، بعد الاتفاق الذي جرى مع النظام أواخر العام الماضي والذي يقضي بنقل النازحين إلى مراكز إيواء مؤقتة تمهيداً لإعادتهم إلى مدنهم وبلداتهم. وبات الضغط النفسي كبيراً على الباقين، خصوصاً مع استمرار التضييق عليهم. وتقتصر خيارات السكان الحالية على العودة إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، أو البقاء في المخيم محرومين من أبسط مقومات الحياة، بالرغم من المساعدات الإنسانية التي أدخلتها الأمم المتحدة أخيراً والتي لن تشكل فارقاً كبيراً في ظلّ انهيار الأوضاع المعيشية.

يقول الناشط الإعلامي في مخيم الركبان، عماد غالي، لـ"العربي الجديد": "تفريغ المخيم ترك أثراً كبيراً على من بقي فيه اليوم، فنحن نعيش في المخيم منذ أربع سنوات تقريباً، وإذا كان من بيننا نجار مثلاً سيترك غيابه فراغاً". يضيف: "شكّل المخيم بعيداً عن كلّ المآسي والمعاناة التي عشناها، نقطة لقاء لكثير من السوريين خصوصاً أهالي ريف حمص، إذ نشأت علاقات لم تكن من قبل، فتزوج ابن القريتين من ابنة تدمر، وابن تدمر من ابنة مهين، وهكذا نشأ مزيج من العلاقات القوية، لكن مع عودة كلّ منهم إلى منطقته سيتركون أثراً بالغاً لا سيما على مستوى الفراغ في الحياة الاجتماعية في المخيم". يتابع: "الوضع المعيشي في المخيم سيئ جداً، إذ لا مصادر دخل خصوصاً مع انخفاض عدد السكان من عشرات الآلاف إلى نحو 12 ألفاً فبات التبادل التجاري ضعيفاً، بالترافق مع حصار خانق منذ بداية العام تقريباً".




من جهته، يقول أبو عمار الحمصي، وهو معلم في المخيم، لـ"العربي الجديد": "السكان في حالة إحباط، وتعاسة شديدة، بسبب سوء الأحوال التي يعيشونها، في وقت تراجع عدد المقيمين". يتابع: "يتواصل ارتفاع الأسعار واحتكار التجار للمواد الغذائية". ويضيف: "غالبية من بقي في المخيم من الشبان، وهناك نساء وأطفال أيضاً. لديّ في المدرسة 200 تلميذ وتلميذة". يعرب عن اعتقاده أنّ الناس في المخيم يراهنون على فتح الطرقات إلى الشمال السوري، وحتى الاستطلاع الأخير الذي قامت به الأمم المتحدة، لم تتجاوز نسبة الراغبين بالانتقال إلى مناطق النظام أكثر من 10 في المائة".

بدوره، يقول رئيس المجلس المحلي في مخيم الركبان، أبو أحمد درباس، لـ"العربي الجديد": "بحسب استطلاع لجنة الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري الأخير، فإنّ عدد سكان مخيم الركبان اليوم 2946 عائلة. وقد شدد الاستطلاع على أنّ الحياة داخل المخيم سيئة جداً، فنحن نعيش في الصحراء، في ظل ظروف مناخية قاسية". يضيف: "مغادرة كثير من سكان المخيم، تركت أثراً سلبياً على معنويات من بقوا فيه، لكنّ حال من غادروا ليست أفضل ممن بقوا، فهم محتجزون في مراكز إيواء، ومنهم من مضت أشهر على احتجازهم في تلك المراكز". يلفت إلى أنّهم طالبوا الأمم المتحدة بالسعي لإطلاق سراحهم، فكان جوابها أنّها لم تكن حاضرة في الاتفاق، ولم تتدخل فيه، ولم تكن طرفاً ضامناً له". يلفت إلى أنّ "كثيراً من البيوت تهدمت في المخيم، فقد كان يضم قبل سنوات أكثر من 80 ألف نسمة، أما آخر إحصاء فيشير إلى نحو 12 ألفاً. كثيرون غادروا إلى الشمال السوري، عبر طرقات التهريب، ومنهم من ذهب إلى الجنوب السوري قبل سيطرة النظام، ومن هناك مضوا إلى الشمال". يشير إلى أنّ "انخفاض عدد السكان، وطول فترة الإقامة في المخيم، انعكسا على الواقع المعيشي، فمعظم من كانت لديهم مدخرات، أنفقوها وباعوا سياراتهم وممتلكاتهم، وغادروا المخيم. وحتى أموال التحويلات قد تراجعت، وكلّ تلك الأموال كانت تصب في الدورة الاقتصادية للمخيم، لكنّها شحت". يتوقع أن يخرج من المخيم قريباً نحو 150 عائلة وليس أكثر، ويلفت إلى أنّ النظام سهّل قبيل دخول لجنة الأمم المتحدة دخول المهربين، الذين ينقلون البضائع إلى المخيم، لكنّها تباع بأضعاف سعرها". ويختم: "من بقوا في المخيم يراهنون على التوصل إلى حلّ سياسي، وسنحتمل الحصار والجوع حتى ينجز هذا الحلّ".




يشار إلى أنّ لجنة الأمم المتحدة ومنظمة الهلال الأحمر السوري دخلتا في نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، لإجراء استطلاع حول عدم خروج من بقي في المخيم إلى مناطق سيطرة النظام بناء على الاتفاق الذي جرى في وقت سابق، والذي ينصّ على استقبالهم في مراكز إيواء في ريف حمص إلى حين استخراج أوراق رسمية لهم وتسوية أوضاعهم ومن بعدها نقلهم إلى مناطقهم. وأصرّ معظم هؤلاء السكان على رفض هذه التدابير، مطالبين بفتح معابر آمنة لهم للانتقال إلى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الشمال السوري.
المساهمون