من واقع الإحصاءات العالمية والدراسات الصحية، يعتبر انتشار فيروس "سي" بمصر، مشكلة أمن قومي من الدرجة الأولى، لما يمثله من تهديد لمستقبل المصريين، ولآثار التزايد المستمر في نسب انتشاره على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.
وتحمل الأرقام دلالات قاسية ومؤشرات مخيفة، حيث وصل عدد المصابين بالمرض في مصر، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، إلى نحو 18 مليون مصاب، أي ما يقارب 21 في المائة من عدد السكان.
هذا بالإضافة إلى نصف مليون إصابة سنوية، وهذا يعد أعلى معدلات انتشار فيروس التهاب الكبد الوبائي على مستوى العالم. كما أنه الأعلى بين معدلات الإصابة بالأمراض المعدية التي تنقل عن طريق الدم.
كما أن هناك زيادة مضطردة في معدلات الإصابة بالمرض، إذ إنه وفقا لعدد حاملي الفيروس، فهذا يجعل من مصر أكبر مستودع لعدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي. وتعد دلتا النيل هي المكان الأعلى في نسب الإصابة بالفيروس على مستوى العالم كله، فثلث سكان محافظة كفر الشيخ وحدها مصابون بالفيروس.
أسباب الانتشار
يرجع ارتفاع معدلات انتشار فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي في مصر إلى افتقاد إجراءات الوقاية والسلامة المتبعة في المرافق الطبية وعيادات الأسنان خصوصا، وكذلك انتشار بعض الممارسات الصحية الخاطئة، مثل استخدام الأدوات الشخصية للآخرين والإهمال عند التعامل مع كل ما يتعلق بالدم.
العامل المادي أيضا له دور كبير في انتشار المرض، فعندما تتعطل أجهزة التعقيم في المستشفيات يعمل الأطباء بدونها، ويستعملون مطهرات عادية لا تقتل الفيروسات، ويظل الوضع كذلك إلى أن يتم إصلاح الجهاز بعد موافقات إدارية كثيرة وتخصيص ميزانية ضئيلة.. وفي غضون ذلك يكون رصيد المصابين بالفيروس قد سجل عددا لا بأس به من الإصابات الجديدة.
أما المشكلة الرئيسية، وفقا للأطباء والمتخصصين، فتكمن في انخفاض الوعي، فقد أفادت نتائج إحدى الدراسات بأن نقص المعرفة والتوعية بين أفراد المجتمع حول فيروس الكبد الوبائي "سي"، غالبا ما يؤدي إلى التضليل، وفقدان فرص الوقاية والعلاج، وأن العواقب التي تواجه المرضى نتيجة فقدان فرص الوقاية، يمكن أن تؤدي إلى إصابة أشخاص إضافيين في المجتمع.
آثار نفسية واجتماعية ومادية
أجرى المركز القومي للبحوث دراسة حديثة للكشف عن تأثير الضغوط النفسية والاجتماعية على مريض فيروس سي، وكشفت النتائج عن أن غالبية المصابين بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "سي"، يعانون من المشكلات المالية بنسبة 75.5 في المائة، والتي تأتي من خلال فقدان العمل، أو من خلال تكلفة الدواء المضاد للفيروسات، تليها مشكلات العلاقات الأسرية بنسبة 36.4 في المائة، ثم مشكلات الصداقة بنسبة 35.3 في المائة.
كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن تشخيص الفيروس الكبدي سي، له آثار ضارة على نفسية الإنسان، فمعظم المرضى يعانون من نوع من رد الفعل العاطفي بعد التشخيص بهذا المرض المزمن، مثل الخوف والغضب والحزن ونكران الذات والاكتئاب.
وأفادت الدراسة بأن سوء الفهم حول طريقة انتقال الفيروس من خلال "تقاسم الغذاء والمصافحة"، كان سببا رئيسيا في الشعور بالعار، بالإضافة إلى الربط بين فيروس "سي" والممارسات الجنسية الشاذة غير الطبيعية والتي تؤكد وصمة العار التي تصيب المريض.
وعلى المستوى المادي، وبالإضافة إلى ما كشفته الدراسة من أن 75.5 في المائة من مرضى فيروس سي يعانون من مشكلات مادية، فإنهم جميعا محرومون من السفر للعمل بالخارج وفقا للمرسوم الصادر من دول الخليج، والذي يقضي باستبعاد مرضى فيروس "سي" من العمل أو السفر إليها، وذلك بالرغم من أن الجميع يعرف أن الفيروس لا ينتقل إلا عن طريق الدم فقط فلا خوف من عدوى الاحتكاك المباشر، وبالتالي يجوز السماح لهم بالسفر والعمل كالآخرين من أجل تحسين وضعهم المادي.
وحذت بعض الشركات الكبرى في مصر حذو مرسوم دول الخليج الخاص برفض العاملين المصابين بالفيروس، ليس بحجة انتقال العدوى ولكنهم لا يريدون تحمّل تكلفة علاج موظفيهم المرضى بالفيروس في حال تطور المرض وأصيب كبد المريض بتليف.
مشكلة كبيرة وجهود ضئيلة
وفقا لجميع الدراسات والإحصائيات الخاصة بانتشار فيروس الكبد الوبائي في مصر، وأن مصر هي الأولى في العالم في معدل الإصابة بسرطان الكبد، وعدد الوفيات الذي أصبح في تزايد مستمر.
وهو أمر يستلزم التحرك السريع من قبل القائمين على أمر البلاد، حتى لا يتم إغراق نظام الصحة العامة في مصر بملايين من الحالات التي تعاني من مضاعفات المرض في العقود القليلة القادمة، وما سيتبع ذلك من آثار اقتصادية واجتماعية لا تقوى الدولة والمجتمع في مصر على مواجهتها.
وبالرغم من ذلك كله يُلاحظ أن الجهود المحلية التي بذلت لمكافحة هذا الانتشار المخيف للفيروس تعد ضئيلة جدا، مقارنة بحجم التهديد وأعداد المصابين، لذا يطالب الأطباء والمتخصصون بإطلاق مشروع قومي للقضاء على الفيروس، ومحاولة تطوير سبل مواجهة انتشاره، والتي لن تتحقق سوى بالوقاية منه عبر تطوير برامج وقاية أكثر صرامة وفعالية.
بالإضافة إلى تكوين قاعدة بيانات عن المرضي ومراكز العلاج. وأماكن توطنها وتوزيعها على الجمهورية وتبني كثير من حملات التوعية للمواطنين.
ولا أكثر من أن يتم تبني المحاولات العلمية الجادة التي تساهم في حل المشكلة، وليس استغلال آلام ملايين المصريين، والمتاجرة بآمال وأحلام الـ 18 مليون مصري المصابين بالفيروس في الشفاء، في صناعة إنجازات سياسية وهمية، لا تراعي أدنى معايير العلمية فضلا عن استهانتها بالقيم الإنسانية.
اقرأ أيضا
بالفيديو: جهاز "الكفتة" المصري.. باقٍ من الزمن سبعة أيام
وتحمل الأرقام دلالات قاسية ومؤشرات مخيفة، حيث وصل عدد المصابين بالمرض في مصر، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، إلى نحو 18 مليون مصاب، أي ما يقارب 21 في المائة من عدد السكان.
هذا بالإضافة إلى نصف مليون إصابة سنوية، وهذا يعد أعلى معدلات انتشار فيروس التهاب الكبد الوبائي على مستوى العالم. كما أنه الأعلى بين معدلات الإصابة بالأمراض المعدية التي تنقل عن طريق الدم.
كما أن هناك زيادة مضطردة في معدلات الإصابة بالمرض، إذ إنه وفقا لعدد حاملي الفيروس، فهذا يجعل من مصر أكبر مستودع لعدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي. وتعد دلتا النيل هي المكان الأعلى في نسب الإصابة بالفيروس على مستوى العالم كله، فثلث سكان محافظة كفر الشيخ وحدها مصابون بالفيروس.
أسباب الانتشار
يرجع ارتفاع معدلات انتشار فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي في مصر إلى افتقاد إجراءات الوقاية والسلامة المتبعة في المرافق الطبية وعيادات الأسنان خصوصا، وكذلك انتشار بعض الممارسات الصحية الخاطئة، مثل استخدام الأدوات الشخصية للآخرين والإهمال عند التعامل مع كل ما يتعلق بالدم.
العامل المادي أيضا له دور كبير في انتشار المرض، فعندما تتعطل أجهزة التعقيم في المستشفيات يعمل الأطباء بدونها، ويستعملون مطهرات عادية لا تقتل الفيروسات، ويظل الوضع كذلك إلى أن يتم إصلاح الجهاز بعد موافقات إدارية كثيرة وتخصيص ميزانية ضئيلة.. وفي غضون ذلك يكون رصيد المصابين بالفيروس قد سجل عددا لا بأس به من الإصابات الجديدة.
أما المشكلة الرئيسية، وفقا للأطباء والمتخصصين، فتكمن في انخفاض الوعي، فقد أفادت نتائج إحدى الدراسات بأن نقص المعرفة والتوعية بين أفراد المجتمع حول فيروس الكبد الوبائي "سي"، غالبا ما يؤدي إلى التضليل، وفقدان فرص الوقاية والعلاج، وأن العواقب التي تواجه المرضى نتيجة فقدان فرص الوقاية، يمكن أن تؤدي إلى إصابة أشخاص إضافيين في المجتمع.
آثار نفسية واجتماعية ومادية
أجرى المركز القومي للبحوث دراسة حديثة للكشف عن تأثير الضغوط النفسية والاجتماعية على مريض فيروس سي، وكشفت النتائج عن أن غالبية المصابين بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "سي"، يعانون من المشكلات المالية بنسبة 75.5 في المائة، والتي تأتي من خلال فقدان العمل، أو من خلال تكلفة الدواء المضاد للفيروسات، تليها مشكلات العلاقات الأسرية بنسبة 36.4 في المائة، ثم مشكلات الصداقة بنسبة 35.3 في المائة.
كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن تشخيص الفيروس الكبدي سي، له آثار ضارة على نفسية الإنسان، فمعظم المرضى يعانون من نوع من رد الفعل العاطفي بعد التشخيص بهذا المرض المزمن، مثل الخوف والغضب والحزن ونكران الذات والاكتئاب.
وأفادت الدراسة بأن سوء الفهم حول طريقة انتقال الفيروس من خلال "تقاسم الغذاء والمصافحة"، كان سببا رئيسيا في الشعور بالعار، بالإضافة إلى الربط بين فيروس "سي" والممارسات الجنسية الشاذة غير الطبيعية والتي تؤكد وصمة العار التي تصيب المريض.
وعلى المستوى المادي، وبالإضافة إلى ما كشفته الدراسة من أن 75.5 في المائة من مرضى فيروس سي يعانون من مشكلات مادية، فإنهم جميعا محرومون من السفر للعمل بالخارج وفقا للمرسوم الصادر من دول الخليج، والذي يقضي باستبعاد مرضى فيروس "سي" من العمل أو السفر إليها، وذلك بالرغم من أن الجميع يعرف أن الفيروس لا ينتقل إلا عن طريق الدم فقط فلا خوف من عدوى الاحتكاك المباشر، وبالتالي يجوز السماح لهم بالسفر والعمل كالآخرين من أجل تحسين وضعهم المادي.
وحذت بعض الشركات الكبرى في مصر حذو مرسوم دول الخليج الخاص برفض العاملين المصابين بالفيروس، ليس بحجة انتقال العدوى ولكنهم لا يريدون تحمّل تكلفة علاج موظفيهم المرضى بالفيروس في حال تطور المرض وأصيب كبد المريض بتليف.
مشكلة كبيرة وجهود ضئيلة
وفقا لجميع الدراسات والإحصائيات الخاصة بانتشار فيروس الكبد الوبائي في مصر، وأن مصر هي الأولى في العالم في معدل الإصابة بسرطان الكبد، وعدد الوفيات الذي أصبح في تزايد مستمر.
وهو أمر يستلزم التحرك السريع من قبل القائمين على أمر البلاد، حتى لا يتم إغراق نظام الصحة العامة في مصر بملايين من الحالات التي تعاني من مضاعفات المرض في العقود القليلة القادمة، وما سيتبع ذلك من آثار اقتصادية واجتماعية لا تقوى الدولة والمجتمع في مصر على مواجهتها.
وبالرغم من ذلك كله يُلاحظ أن الجهود المحلية التي بذلت لمكافحة هذا الانتشار المخيف للفيروس تعد ضئيلة جدا، مقارنة بحجم التهديد وأعداد المصابين، لذا يطالب الأطباء والمتخصصون بإطلاق مشروع قومي للقضاء على الفيروس، ومحاولة تطوير سبل مواجهة انتشاره، والتي لن تتحقق سوى بالوقاية منه عبر تطوير برامج وقاية أكثر صرامة وفعالية.
بالإضافة إلى تكوين قاعدة بيانات عن المرضي ومراكز العلاج. وأماكن توطنها وتوزيعها على الجمهورية وتبني كثير من حملات التوعية للمواطنين.
ولا أكثر من أن يتم تبني المحاولات العلمية الجادة التي تساهم في حل المشكلة، وليس استغلال آلام ملايين المصريين، والمتاجرة بآمال وأحلام الـ 18 مليون مصري المصابين بالفيروس في الشفاء، في صناعة إنجازات سياسية وهمية، لا تراعي أدنى معايير العلمية فضلا عن استهانتها بالقيم الإنسانية.
اقرأ أيضا
بالفيديو: جهاز "الكفتة" المصري.. باقٍ من الزمن سبعة أيام